IMLebanon

الأزمات تلاحق الصيداويين: حياة مضبوطة على “ساعة الانتظار”

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

يغلب التشاؤم على يوميات أبناء صيدا. لا يستبشرون خيراً بتطورات الاوضاع السياسية، فتشكيل الحكومة يراوح مكانه وينذر بأزمة جديدة، وعداد “كورونا” يواصل ارتفاعه ويحلق عالياً بالاصابات وبالوفيات، فيما الوضع الاقتصادي والمعيشي يتجه الى الاسوأ، من دون ان تلوح في الافق مؤشرات حلحلة، بل أزمات متتالية وآخرها البنزين، وترتفع الاسعار ارتباطاً بالدولار الذي يتأرجح في الهواء على حبلي التوافق او الاختلاف. لم يصدق خالد الديماسي وهو أب لأربعة اولاد، ان سعر كيلو البطاطا، طعام الفقراء ارتفع فجأة بين عشية وضحاها، يتساءل وهو يقوم بشرائه عند احد باعة الخضار في المدينة، ماذا سنأكل بعد ارتفاع سعر البيض وقبله اللبنة والجبنة حتى الزيت والزعتر، لم يبق لنا شيء نستند اليه في لقمتنا، قبل ان يضيف “بات “كيلو البطاطا لا يقلّ عن 2000 ليرة، وسط مخاوف من ارتفاعه مجدداً ليصل إلى 5000 ليرة، ليخلص “عندها على الدنيا السلام”.

ارتفاع كيلو البطاطا وفق المعنيين يرتبط بالدولار الاميركي وكلفة زراعته لم تعد تجدي، اذ تقف كلفة الكيلو على المزارع 1600- 1700 ليرة، لذا هو أمر طبيعي أن تُباع بالأسعار الموجودة حالياً في السوق أي 2000 ليرة، لأنّه إذا بيع بأقلّ من ذلك سيكون خسارة على المزارع، ويؤكد الديماسي ان الخوف الاكبر هو من الاحتكار من اجل الربح الاكثر، ودائماً يدفع المواطن الثمن.

حياة الانتظار

على مقربة من بائع الخضار، تصطف سيارات في طابور، تنتظر دورها لتعبئة خزان الوقود من البنزين، لا قيمة لأقوال المسؤولين انه لا ازمة، بل هي اقوال تطير في الهواء هباء منثوراً، فعلى ارض الواقع، الانتظار سيد الموقف. بعض المحطات اقفلت وأخرى رفعت خراطيمها وثالثة تملأ بـ “القطارة”، ويقول ابراهيم الحكواتي “لقد سئمنا من أن تكون حياتنا مضبوطة على “ساعة الانتظار”، على المصارف بعدما احتجزوا أموالنا، وقبلها على الافران ولا نعرف بعدها أين”؟؟ مضيفاً “من حقنا ان نعيش بكرامة وتأمين أبسط حقوقنا في الرعاية الصحية والتربوية والاجتماعية، لقد وصلنا الى حافة المجاعة ونخشى الاسوأ”.

على وقع الانتظار، تسير الحاجة فاطمة الطاهرة (63 عاماً) قدماً لكسب قوت يومها وعائلتها، لم تجد بداً من بيع قناني المياه على قارعة الطريق على مسافة قريبة من قلعة صيدا البحرية، تقول “لا معيل لنا، فولدي كان يعمل في معمل معالجة النفايات وأوقف عن العمل، وزوجي مريض لديه مشكلة في الظهر، وهو يعمل بجمع الخردة ولا يجني ما يكفينا في ظل الغلاء والضائقة المعيشية”، قبل ان تضيف “الحياة صعبة، والليرة لم تعد لها قيمة امام الغلاء وارتفاع الاسعار”، موضحة “انني اقوم ببيع قناني المياه لسد العجز، لاننا على الارض يا حكم والحكام لا يسمعون صوت الفقراء ولا يسألون عن أحد”.

بينما يقول زوجها، “وصلنا الى هنا لانه ليس لنا ضمان صحي او اجتماعي والحياة غالية، وكل ما اكسبه في اليوم لا يزيد عن 7 او 8 آلاف ليرة لبنانية من جمع الخردة”، قبل أن يقسم انه لا يستطيع شراء اي دواء، “اكتفي بالبندول لتسكين الوجع واحياناً لا استطيع شراءه”، قائلاً “الى هنا وبس، اريد ان أوجه رسالة الى الرؤساء ورئيس الجمهورية نريد ان نعيش بكرامة في هذا البلد”.

كورونا صيدا

وما يزيد الطين بلة، وفق ابناء المدينة ليس فقط الخلافات السياسية التي تشل البلد، وهي مشلولة اصلاً من الازمات المتلاحقة، منذ الانهيار المالي مروراً بالانتفاضة الشعبية، الى جائحة “كورونا” ثم انفجار بيروت الكارثي، ضاق ذرعهم من الانتظار، في وقت أعلنت فيه بلدية صيدا أنه وفقاً لإحصاء غرفة إدارة الأزمات والكوارث ولجنة الصحة والبيئة في المجلس البلدي، فإن عدد الإصابات بكورونا التي يتم متابعتها حالياً في صيدا وضواحيها والمخيمات الفلسطينية في المنطقة لا يزال يسجل إرتفاعاً ملحوظاً حيث بلغ 410 إصابات وهي موزعة 167 صيدا، 197 في الضواحي، بينما بلغت حالات الشفاء 39 في مدينة صيدا وضواحيها 28 في المخيمات 11، بينما بلغت حالات الوفيات (العدد التراكمي) 7 في مدينة صيدا وضواحيها 4 وفي المخيمات 3.وامتداداً الى المخيمات، اكد رئيس قسم الصحة في وكالة “الأونروا” في لبنان الدكتور عبد الحكيم شناعة ان “عدد الاصابات بالفيروس بين لاجئي فلسطين في كل لبنان بلغ حالياً 236 حالة، 60% منها خارج المخيمات و40% داخلها”، وأن “من بين اجمالي هذه الحالات يوجد 14 حالة في المستشفيات ووضعها جيد، فيما بلغ العدد التراكمي للمصابين (الفلسطينيين) منذ بدء ازمة كورونا حتى اليوم حوالى 712 حالة، أما العدد التراكمي للوفيات فبلغ حتى اليوم 18 حالة وفاة”، موضحاً انه في منطقة صيدا، هناك حالياً 79 حالة كورونا (41 داخل مخيمي عين الحلوة والمية ومية والتعمير و38 خارجها)، من بينها 4 حالات سجلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، مشيراً الى ان عدد الحالات التي تم نقلها الى مركز سبلين للحجر الصحي التابع للأونروا يبلغ 62 حالة.