IMLebanon

هل تسعى واشنطن إلى تقويض مبادرة ماكرون؟

كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:  

بذل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حتى الآن جهودا حثيثة وجبارة لانجاح مبادرته حيال لبنان والساعية إلى انتشاله من آتون انهياره الاقتصادي والمعيشي عبر محاولة البدء بتنفيذ الاصلاحات ومكافحة الفساد ومنح المساعدات، لكن مازالت الرياح تجري بما لاتشتهيه السفن الفرنسية.

عملياً تجزم طائفة من المحللين اللبنانيين والعرب بأن الاصرار الشيعي على الاستمرار في طلب احتضان وزارة المالية، يقف حائط صد أمام تشكيل حكومة الرئيس مصطفى أديب. لكن على ما يبدو فإن ما عاد واتضح بشكل شبه مؤكد أن الخلاف على توصيف حالة حزب الله متواجد فعلاً بين واشنطن وباريس والدليل أنه بتاريخ 17 أيلول 2020 صرح ناتان سيلز منسق وزارة الخارجية الاميركية لمكافحة الارهاب بأن جناح حزب الله المسلح يهرب ويخزن مواد كيميائية منها نترات الأمونيوم من بلجيكا إلى فرنسا واليونان وايطاليا واسبانيا وسويسرا ، مع العلم أن فرنسا لا تصنف الحزب كمنظمة ارهابية، وفي الوقت عينه كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آنياس فاندرمول قد قالت بتاريخ 18 أيلول 2020 أن الحكومة الفرنسية لم تعثر على دليل ملموس يؤكد زعم الولايات المتحدة تخزين حزب الله مواداً كيميائية لتصنيع المتفجرات من فرنسا ودول أوروبية أخرى.

يذكر أن المسؤولين الفرنسيين كانوا قد صرحوا بالقول بأن نبذ حزب الله سيجعل حل الأزمة مستحيلاً.

من هنا فإن من يعرقل مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون هو الاصرار الاميركي على نزع سلاح حزب الله قبل البت بمصير المساعدات للبنان والاصلاحات التي تحتاجها بلاد الأرز، وهذا الموقف ليس متواجداً في القاموس السياسي الفرنسي حتى هذه الساعة.

وبتاريخ 16 أيلول 2020 اعتبر وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو في مقال كتبه لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، أنه لم يتأذ أي بلد من السيطرة الايرانية كما يتأذى لبنان اليوم معرباً عن عميق أسفه جراء رفض فرنسا تصنيف حزب الله كمنظمة ارهابية، وسبق لبومبيو أن حذر فرنسا عبر حديث لاذاعة فرانس انتير بتاريخ 15 أيلول 2020، من أن جهودها الرامية إلى حل الأزمة اللبنانية قد تتبخر أو تضيع سدىً، إذا لم يتم التعامل على الفور مع مسألة تسليح حزب الله. من هنا يضيف بومبيو ستلجأ واشنطن إلى منع ايران من الشروع في شراء دبابات صينية ونظم دفاع جوي روسي كي لا تمنحها إلى حزب الله.

وفي 13 أيلول 2020 كان بومبيو قد أعلن أن واشنطن ستواصل دعوة الاتحاد الأوروبي إلى تصنيف حزب الله منظمة ارهابية أو حظره كلياً، لكن الرئيس الفرنسي سبق أن بعث بعد انفجار مرفأ بيروت برسالة إلى نظيره الاميركي دونالد ترامب يحذره فيها بأن العقوبات الأميركية إن استمرت على الحزب ستأتي لصالح ايران وحلفائها، وقال في حديثٍ لراديو سبوتنيك الروسي، لقد أبلغت ترامب أن البديل لدى لبنان في حال عدم رفع العقوبات الأميركية عنه ستجعله يتوجه نحو روسيا والصين وايران وهذا ما يشكل عكساً لأهداف الادارة الاميركية من فرض العقوبات.

وكلام ماكرون لترامب عاد وتبناه قصر الأليزيه، وبالمناسبة ولاعطاء كلام الرئيس ماكرون نسبته المرتفعة من الصوابية، ثبت ان حزب الله ليس مدعوماً عسكرياً وسياسياً فقط من ايران بل يتلقى الدعم من كافة دول محور الممانعة.

فالدعم الروسي للحزب عبر عنه بتاريخ 22 آب 2020 السفير الروسي السابق في لبنان الكسندر زاسبيكين عندما قال أن حل الأزمة السياسية في لبنان يتطلب اتفاقاً بين الأطراف النافذة مضيفاً أنه من غير الجائز طرح مسألة نزع سلاح حزب الله مقابل مساعدات دولية جديدة، وأضاف زاسبيكين خلال أحدى زياراته الوداعية أن محاولة ازالة حزب الله ستؤدي إلى تدمير لبنان موضحاً أنه يتعين على واشنطن عدم تجاوز الخطوط الحمر وختم قائلاً بأن وجود روسيا وحزب الله في خندق واحد في سوريا متن علاقة الطرفين.

إن المعضلة القائمة باتت تفوق قدرة الرئيس ماكرون على المساعدة في اقالة عثرة لبنان كونها تشكل صراع محورين على القرار اللبناني مترافقاً مع امتعاض اميركي من السلوك السياسي الفرنسي حيال لبنان، لأن نزع سلاح حزب الله بالنسبة لواشنطن يشكل الشرط الرئيسي لرفع العقوبات وفك الحصار عن لبنان، لذا فإن الوضع اللبناني مرشح لمزيد من التصعيد والتدهور المعيشي والاقتصادي ولا اعتقد أن العامل الفرنسي قادر على أن يكون الاطفائي الناجح.