IMLebanon

معركة مفتوحة بين التوقيع الفرنسي الأول والشيعي الثالث في طهران

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

ما زال ملف تأليف الحكومة يدور في حلقة مفرغة إذ إنه كلما طال وقت التأليف كلما زادت العقد وبرزت مطبات إضافية في درب الرئيس المكلف مصطفى أديب الذي زار بعبدا أمس من دون ان يخرج بنتائج تؤكد الولادة القريبة لحكومته. تشير الأجواء الآتية من العاصمة الروسية موسكو إلى أن لا جديد في الملف الحكومي، إذ إن كل المحاولات الخجولة مع المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف باءت بالفشل لأن الروس لا يبذلون قصارى جهدهم في هذا الملف ويتركون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول وحده، كما أن موسكو تعتبر، مثل طهران، أن “الأميركي هو من يضرب الحلول في لبنان والمنطقة وذلك بالتنصل من الإتفاق النووي ومن ثمّ فرض المزيد من العقوبات على إيران و”حزب الله” وحلفائه في لبنان، وتلك العقوبات قد تعطّل أي مسار حلّ جديد”.

وفي السياق، فان الرئيس ماكرون عالق بين التشدّد الدولي وعدم التعاون الإيراني الكافي، وبين التصلّب الداخلي الذي برز من خلال موقف “الثنائي الشيعي” الذي هو انعكاس للموقف الإيراني، إضافةً إلى التعقيدات الداخلية الطائفية والمذهبية والتحاصصية الموجودة.

وبعد تراجع الرئيس سعد الحريري عن مطلب المداورة في وزارة المال، ها هي العقدة المسيحية تبرز من جديد متمثلة بـ “رفض رئيس الجمهورية ميشال عون أن يكون “باش كاتب” ويوقع ما يتفق عليه السنة والشيعة في لبنان”، وهنا يؤكّد مطلعون على الموقف الفرنسي أن ماكرون كان صائباً عندما طرح خلال زيارته الأولى إلى بيروت العمل على تغيير النظام لأنه لم يعد يتلاءم مع متطلبات المرحلة وآمال الشعب اللبناني بالتغيير.

وفي هذه الأثناء، يقول البعض ممن يتعاطى الملف الحكومي أن الصراع الذي كان دائراً على ما عرف بالتوقيع الثالث هو عملياً صراع لا يقدّم ولا يؤخر لأن أحداً في لبنان لا يملك لا التوقيع الأول ولا الثاني ولا الثالث ولا العاشر، وعلى الطريقة اللبنانية، فانه “لولا العيب والحياء” فان من يملك حالياً التوقيع الأول هو الرئيس ماكرون، ولولا حفظ ماء الوجه لبقايا المؤسسات الدستورية اللبنانية لجاء ماكرون إلى قصر الصنوبر ووقع علناً على مرسوم تأليف الحكومة بدل المسؤولين في لبنان.

من هنا يبرز مدى ضياع المسؤولين، فليس صحيحاً أن التوقيع الثالث هو في يد “حزب الله” وحركة “أمل” بل إنه موجود في طهران ومفتاح الحلّ كما يبدو هناك، كما أن التوقيع الثاني أي رئيس الحكومة السني، وحتى رئيس الجمهورية المسيحي، يعلم الجميع أين هو موجود، وبالتالي فكل النزاعات الداخلية هي شكلية، لأن أحداً في لبنان لا يملك حقّ القرار.

وتشير المعلومات المتوافرة الى أن العرقلة ستستمر حتى الأيام وربما الأسابيع المقبلة، ولن يكون هناك تنازل سهل من قبل الأفرقاء الذين يشكلون الحكومة لأن الموقف السعودي الذي عبّر عنه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز كان شديد اللهجة تجاه “حزب الله”، في حين أن الإيراني يزداد تصلباً، بينما الأميركي يؤكّد أنه ماض في ملف العقوبات القاسية والتي لن ترحم أحداً.

في هذه الأثناء، كل التشاور الحاصل والحديث عن قرب ولادة الحكومة تبدده الأجواء الإقليمية والدولية الملبدة، ولا يمكن حلّ العقد إلا بقرار خارجي كبير وسط إصرار الرئيس الفرنسي على إكمال مبادرته المجمّدة كي تنطلق رحلة الإصلاح الموعودة، لكن طالما أن طهران ماضية في تعنتها فان موقف “الثنائي الشيعي” سيزداد تعقيداً وبالتالي فان الصراع يتمدد، فهل يجرؤ ماكرون على كشف المعرقلين بالأسماء وينفذ تهديداته السابقة؟