IMLebanon

“الحزب” والتعطيل و”فركشة” المبادرات..

كتب معروف الداعوق في صحيفة “اللواء”:  

منذ البداية لم يكن «حزب الله» مؤيداً أو مسهلاً للمبادرة الفرنسية، لم يعطِ جواباً أو موافقة علنية، ومع انه اوحى للرئيس الفرنسي انه موافق على طرحه في حين كان ينظر بريبة واستهجان للاندفاعة الفرنسية تجاه لبنان بعد التفجير المدمر الذي استهدف مرفأ بيروت وألحق اضرارا كبيرة بالعاصمة،لانه يتوجس ضمنا من هذه الصحوة الفرنسية تجاه لبنان، في الوقت الذي تشهد المنطقة متغيرات متسارعة على وقع التبدلات الملحوظة بعملية السلام وتصاعد وتيرة المطالبة بطرح مستقبل سلاح الحزب وإيجاد الحلول له بعدما فقد وظيفته بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي بعد الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام الفين.

لم يحاول الحزب الظهور بمظهر المعطل للمبادرة علناً وعلى الفور، بدأ يخترع العقد وتمترس وراء عقدة التشبث بوزارة المال كشرط اساسي مسبق لتسهيل عملية التشكيل خلافا للدستور ورغبات باقي المكونات السياسية اللبنانية. وعندما تم ارضاؤه باعطاء الشيعة حقيبة المال، اخترع عقدة جديدة بمطالبته تسمية الوزراء الشيعة وفي الوقت نفسه يحرّض حلفاءه التقليديين لإعاقة مهمة الرئيس المكلف، لانه يسعى بالأساس الى تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة ومن خلالها فركشة مبادرة ماكرون بالكامل، لانه بإيعاز من النظام الإيراني ليس مضطراً لمقايضة ورقة الحكومة اللبنانية الجديدة مع الفرنسيين هكذا بسهولة، بل هو ما تقرره طهران بالنهاية في أي صفقة محتملة مع واشنطن وما يصب في مصالحها، بينما كل ما يروج له ظاهريا خلاف ذلك،تفاصيل هامشية لذر الرماد بالعيون.

وهكذا تدرجت العقبات والعراقيل وصولا لسد كل الطبرق امام تشكيل الحكومة، الى ان وصلت الحال بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى اديب الى الاعتذار بعدما تحقق بالملموس بأن لا جدوى من الإستمرار بمهمته بفعل إصرار الحزب على تفريغ حكومة الإنقاذ الجديدة من مضامينها وتحويلها الى واجهة يتلطى وراءها كحكومة حسان دياب الموالية له بالكامل، وهذا الامر مغاير كلياً لروحية المبادرة الفرنسية ولمهمة الحكومة باعادة ثقة اللبنانيين المفقودة بالكامل مع السلطة واستقطاب ثقة المجتمع الدولي لتسريع عملية مساعدة لبنان لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.

ليست المرة الأولى التي يلجأ الحزب إلى عملية تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة بل ما حصل ليس غريبا عنه ويضاف الى سلسلة محطات التعطيل للاستحقاقات السابقة بقوة السلاح غير آبه لمصلحة لبنان واللبنانيين لأنه لا مكان لهذه المصلحة بقاموسه الأسود منذ نشاته وحتى اليوم.ولا شك ان تمديد مهلة المبادرة الفرنسية لاسابيع عديدة بعد اعتذار أديب عن مهمته كما اعلن الرئيس الفرنسي مؤخرا لتأكيد التزام فرنسا بمساعدة اللبنانيين للخروج من ازمتهم الضاغطة،بات يطرح تساؤلات عديدة عن جدوى هذا التوجه الجديد اذا لم يقترن بضغوطات فعالة تملكها فرنسا لتحقيق هذا الهدف،لأنه بدون ممارسة مثل هذه الضغوطات لن ينصاع الحزب للتجاوب ويستمر في اختراع الأكاذيب والذرائع تحت يافطات طائفية ومذهبية وهمية للتهرب من التزاماته في تسهيل ولادة الحكومة الجديدة، في حين تظهر مواقف المسؤولين الايرانيين الرافضة للتدخل الفرنسي بالشؤون اللبنانية كما يصورون المبادرة الفرنسية اكبر دليل على دور طهران الاساسي المعرقل لجهود وتحركات باريس لحل الازمة في لبنان.

وقد يكون تمديد مهلة المبادرة الفرنسية لأسابيع عديدة لحين موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية يصب في مكان ما في خانة ما تطمح بخصوصه طهران وحزب الله، وهذا ما يعني ضمنا اطالة امد الازمة الحالية وبقاء لبنان بلا حكومة،ليس حتى ذلك التاريخ، بل ابعد من ذلك الا اذا تلاقت توجهات الدول المؤثرة كالولايات المتحدة الأميركية وحلفائها العرب مع المبادرة الفرنسية للمساعدة في حل الأزمة اللبنانية وهذا لا يبدو متوفرا حاليا في ضوء التباينات الظاهرة تجاه التحرك الفرنسي الحالي والاعتراضات القوية على المهادنة الفرنسية تجاه حزب الله وامعانه باستغلال سلاحه غير الشرعي بمصادرة القرار السياسي اللبناني واستنزاف مقدرات الدولة اللبنانية.