IMLebanon

مبادرة مثلّثة تعزّز ثقافة الاعمال وتفتح أبواب النجاح أمام الشباب

كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن”:

تحويل الصعاب إلى فرص، مهمة متجذرة في تاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية. الحركة النهضوية التي بدأت مع الآباء المؤسسين قبل 400 عام، في الاديرة والوديان، لفتح الأبواب أمام الشباب الطموح، تستمر اليوم، في ظل وصد كل الابواب في وجه لبنان، مع جامعة روح القدس – الكسليك.

إذا كان لكل مرحلة مهامها ومتطلباتها فان المرحلة التي يمر بها لبنان اليوم تتطلب المضي قدماً، “Moving forward”. وهو الاسم الذي اختارته “جامعة الروح القدس” لبرنامج دعم مبادرات رواد الاعمال والشركات الناشئة، بالتعاون مع كارلوس غصن.

التمويل ليس عائقاً

الجمع بين خبرة وعلاقات رجل الاعمال كارلوس غصن ومبادرات الشباب اللبناني المتميزة، توليفة قد تكون سحرية لضمان نجاح الاعمال للشباب المبادر. فالرجل الذي يملك باعاً طويلاً في إدارة الشركات العملاقة وانتشالها من الافلاس، لا يهمه إلا الابداع، كما قال في مؤتمر إطلاق المبادرة. فالتمويل ليس العقدة، ويمكن تأمينه بسهولة للاستثمار في الافكار الخلاقة ذات القيمة المضافة، والشركات ذات التنظيم الجيد. وما ينطبق برأي غصن على الشركات ينطبق أيضاً على الدول. ولبنان خير مثال على ذلك. فمشكلة البلد برأيه ليست بالتمويل بل بقدرته على استعادة الثقة، ونجاحه في هذه المهمة التي تتطلب تنفيذ الاصلاحات، يفتح له أبواب الرساميل.

إنطلاقة المبادرة

فكرة المبادرة بدأت، بحسب رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب طلال هاشم، بالسؤال، كيف لي أن أخدم مجتمعي بطريقة أفضل؟ فمؤسسات التعليم العالي تقوم، برأي هاشم، “بدور رئيسي في الاستجابة للوضع والتحديات القائمة. ومن هنا كانت المبادرة الثلاثية الابعاد التي تستهدف ثلاث مجموعات مختلفة، وهي: جيل الشباب، أو “قادة التغيير الإيجابي”؛ القوة العاملة التي تشكل العمود الفقري للمجتمع بمختلف فئاته العمرية، المدراء التنفيذيون الذين يحتاجون إلى اتخاذ خطوة إلى الأمام في حياتهم المهنية. وبحسب هاشم فانه “من خلال هذه المبادرة الثلاثية الأبعاد، نكون قد تبنينا مقاربة شاملة من أجل إحداث تأثير شامل”.

التعاون مع غصن

إختيار رجل الاعمال كارلوس غصن للمشاركة في المبادرة لم يكن عبثياً بل “نبع من الحاجة إلى التغيير”، بحسب هاشم. وبرأيه، فإن “غصن هو عامل تغيير نظراً إلى شخصه أولاً، وإلى سجله المهني الحافل بالإنجازات ثانياً”. فغصن مؤمن، كما عبر بنفسه، بأنه “عندما نطوّر الشركات، نكون بذلك نعمل على تطوير موظفين أقوياء قادرين على النهوض بالشركة وتطويرها بالرغم من الوضع الصعب الذي نمرّ به. وعندما ندعم الشركات الناشئة، نحفز الشباب ونشجعهم ليكونوا قادة في الاقتصاد وخلق القيم وتوفير الاستثمار وخلق الوظائف. وعندما نؤسس مركز تدريب، نساعد الشباب والتقنيين والحرفيين على تطوير مهاراتهم لإيجاد فرص عمل أفضل. وبهذا نكون قد سمحنا للمجتمع اللبناني بمختلف شرائحه بالمساهمة في إعادة بناء لبنان من خلال ريادة الأعمال والتوظيف”. وانطلاقاً من هنا، اعتبر غصن ان “بمساعدة الجامعة على تحقيق أهدافها، نساعد المجتمع والبلد، بحيث أنّ أكثر ما يحتاج إليه لبنان الآن هو خلق فرص عمل جديدة”.

مبادرة مثلثة

 

تشتمل المبادرة على ثلاثة برامج رئيسية:

– برنامج تنفيذي حول “الاستراتيجيات والأداء في مجال الأعمال”، يستهدف كبار المدراء في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. يبدأ البرنامج في آذار 2021 وينتهي في أيار العام نفسه.

– برنامج “تدريب مكثف لتعزيز المهارات”، يستهدف مجال الأعمال المحلي لتطوير المهارات المطلوبة في القطاع الاقتصادي اللبناني.

– “مجلس استثمار واستشارات للشركات الناشئة”، يهدف إلى “تقديم مشورة الخبراء وتوفير الاستثمار النقدي لابتكار شركات ناشئة تعمل على معالجة مشاكل الحياة الواقعية”.

وبحسب عميدة كلية إدارة الأعمال في الجامعة الدكتورة دانيال خليفة فريحة، فان أهمية برنامج “Business Strategies & Performance” تتلخص “بكيفية بناء نموذج مرن للأعمال ومساعدة المنظمات على تطوير قادة عالميين، وإعداد مواهب لاستلام الإدارة العليا. وللغاية سيُصار إلى تنظيم 10 ورش عمل يقدمها خبراء دوليون، لهم مسيرة مميزة في إدارة مؤسسات ناجحة، ومن بينهم كارلوس غصن”. وبحسب فريحة فان ورش العمل “ستعالج عدداً من المواضيع المهمة في عالم الأعمال، ومن بينها: كيفية إدارة الأعمال خلال الأوقات المضطربة، كيفية تحسين الأعمال خلال التدهور، تحديد الأولويات بشأن التحديات القائمة وخيارات صنع القرار، تحديد نوع القادة مع الغوص في القيادة الأصيلة، كيفية تحديد أهداف الشركة، إدارة الربح والخسارة، كيفية بناء فريق ناجح، إدارة التنوع والتعددية الثقافية، كيفية بناء الثقة والالتزام، الذكاء الاصطناعي الذي يخدم نماذج جديدة للأعمال، إدارة الابتكار في كل وقت”. وفي ما يتعلق بالبرنامج الثاني اعتبر عميد كلية الهندسة الدكتور جوزيف الأسد ان هذا البرنامج يستهدف ثلاث فئات وهم المهندسون الشباب من خلال التدريب على المهارات المتطورة لتحويل لبنان إلى مركز تكنولوجي للمنطقة؛ طلاب المدارس، من خلال تعريفهم على حقول جديدة كمجال هندسة الميكاترونكس، والمهن التقليدية مثل النجارة، الزراعة والحدادة؛ وأخيراً فئة العمال الماهرين، من خلال تقديم تدريب على عدة مستويات بدءاً من المهارات الأساسية مروراً باستخدام التكنولوجيا وصولاً إلى المعايير الدولية في المهن التقليدية.

أما البرنامج الثالث الذي يتناول دعم الشركات الناشئة في لبنان، فسيعمل على “تأسيس مجلس الاستثمار والاستشارات للشركات الناشئة في الجامعة”. وهو يهدف، بحسب مدير مركز “أشير” للابتكار وريادة الأعمال في الجامعة إيلي أخرس، إلى “تأمين التمويل والعمل الاستشاري لرواد الأعمال في المراحل المبكرة لتنمية أعمالهم محلياً ودولياً”.

ما تقوم به جامعة الروح القدس في الكسليك لن يحل أزمات لبنان المعقدة ومشاكل شبابه الكثيرة، إلا انه على الأكيد يفتح كوة في جدار الازمة ويساهم في تنمية المجتمع وتقديم الحلول لمعالجة المشاكل الراهنة.