IMLebanon

قانون الإثراء غير المشروع: إسمع تفرح جرّب تحزن!

كتب درويش عمار في “اللواء”:

إسمع تفرح جرّب تحزن… أما وقد أقرّ المجلس النيابي بعد طول انتظار قانون الإثراء غير المشروع، الذي يقضي بمحاكمة المسؤولين والوزراء والنواب والقضاة وكل من يتعاطى الشأن العام من أعلى الهرم حتى أسفل القاعدة، مما يجعلنا نتفاءل بأن هناك بصيص نور وأمل قد لاح في الأفق لوضع الإطار العام لمحاكمة المتسلّطين على رقاب البلاد والعباد بعد اليوم عن طريق محاكمتهم أمام القضاء العدلي والمحاكم الجزائية في حال التثبّت مما اقترفوه أو قد يقدمون عليه من سرقات وصفقات وسمسرات أودت بالبلد إلى ما هو عليه اليوم من انهيار وتردّي اقتصادي ومالي واجتماعي، حيث كان العديد منهم قد استفاد بطرق غير مشروعة من الإثراء غير المشروع متستّرين بالحصانة النيابية التي كانت تمنع عنهم المحاكمات أمام القضاء العدلي إلا بعد رفع تلك الحصانات، فيما باقي الوزراء والمسؤولين كانوا يتحصّنون بمحاكمتهم أمام محكمة خاصة تُعنى بمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهذا ما أفسح المجال أمام عدد كبير منهم وعلى أعلى المستويات بالتستر بالقوانين البالية التي أكل عليها الدهر وشرب لمد أيديهم على المال العام وأموال المودعين في المصارف اللبنانية والتملّك غير المشروع في لبنان والخارج عدا تهريب الأموال بالمليارات إلى ما بعد الحدود لإيداعها المصارف خارج لبنان.

ولم يكد قانون الإثراء غير المشروع يُقرّ في المجلس النيابي خلال جلسة الأمس حتى بدأ الجدل بين أعضاء من المجلس النيابي أنفسهم، كلٌ يفسّر القانون على هواه ووفقاً لما يناسبه وبناءً على مصالحه الشخصية أو الحزبية أو الفئوية، مع أن نص القانون الذي أقرّ بهذا الصدد واضح في بنوده وضوح الشمس وقد أقرّ مادة مادة وليس بمادة وحيدة فقط، وقد بات بالإمكان من الآن وصاعداً بحسب القانون المقرّ محاكمة ومحاسبة المخالفين فيما يتعلق بالإثراء غير المشروع أمام المحاكم الجزائية والقضاء العدلي، علماً أن هذا القانون لم يبصر النور منذ 1953، وكان هناك مشروع لتعديله في 2009 وبقي حتى يومنا هذا دون تنفيذ أو تطبيق عملي وقانوني، حتى تمّ إقراره بالأمس.

إذن، هل سيساهم إقرار هذا القانون، الذي حمل في طيّاته أبعاداً كثيرة، في إعادة الأموال المنهوبة إلى لبنان، وبالتالي هل سيساعد على إعادة حقوق وأموال المودعين في المصارف اللبنانية؟ وإلى أي حدّ يمكن اعتبار ما جرى بالأمس خطوة نوعية لا بل بمثابة الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل على صعيد تطبيق الإصلاحات المنشودة في لبنان على مختلف الصعد، وذلك من خلال البدء برفع الحصانات عن أي يكن لمنع حماية كل من تحوم حوله الشبهات بإقتراف المخالفات التي تحاسب عليها القوانين المرعية الإجراء في بلد طالما انتظر إقرار مثل هذا القانون إلا ان الأهم يبقى بتطبيقه فعلياً وسواسية على الجميع دون أن يكون هناك خيمة فوق رأس أحد، وعندها فقط يمكن القول أمام الدول والعالم وأمام اللبنانيين جميعاً ان لبنان بدأ يخطو بالخطوة الأولى نحو محاسبة ومحاكمة الفاسدين من الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة وموظفي الدولة وغيرهم ممن يتعاطون بالشأن العام إلا أن الحذر يبقى واجباً في بلد كلبنان عانى ما عاناه على مدى سنوات وسنوات من الفلتان والإثراء غير المشروع والرهان يبقى وحده على بدء تطبيق هذا القانون بحذافيره على الجميع من دون إستثناء، ولكن كما يقول المثل الشائع «المؤمن لا يلدغ من الحجر مرتين» فكيف بالأمر إذا كان الشعب اللبناني قد لدغ من تلك الطبقة السياسية التي حكمت البلد منذ فترات طويلة مرات ومرات وأوصلت لبنان واللبنانيين على حافة الإفلاس والانهيار.