IMLebanon

ترامب… هل يتعافى فعلاً؟

كتبت جولي مراد في صحيفة “نداء الوطن”:

أبعد من تداعيات “الكوفيد 19″، ثمة احتمال متزايد بأن تشكّل طريقة تعاطي رئيس الولايات المتحدة الأميركية مع الفيروس، قبل إصابته به وبعده، ضربة قاسمة لحملته الانتخابية فتتحوّل عثرة أساسية أمام وصوله الى سدّة البلاد. وبسرعة البرق انتقلت الحملة الانتخابية الأميركية من معركة تبادل للشتائم والاتهامات الى مسابقة في الاخلاقيات ورفعة السلوك. فبالرغم من إعلان أطباء ترامب عن تسجيله تحسناً ملموساً قد يفك أسره من المستشفى اليوم، ظهرت تصريحات متناقضة ضمن أفراد فريقه مثيرةً شكوكاً حول شفافيته ومصارحته للمواطنين بشأن حقيقة وضعه الصحي، وتلك معصية كبرى بالموازين الأميركية، إذ يستخدم “الصدق” معياراً حاسماً للوصول الى أيّ منصب رسمي أو الاستمرار فيه.

وسارع المرشح الديمقراطي جو بايدن الى إشهار سيف “الاخلاق” معلناً في إحدى جولاته الانتخابية في ميشيغان تعاطفه مع الرئيس وزوجته لإصابتهما بالمرض، وبأنه في لحظاتٍ عصيبة كهذه يضع التنافس جانباً مترفعاً عن الخصومة السياسية، ذاهباً الى حدّ إعلانه “إحجامه” عن التعليقات السلبية ضدّ منافسه في خطاباته المقبلة، طالباً له ولزوجته ولفريقه السياسي الشفاء العاجل، مغتنماً الفرصة مرةً أخرى لإظهار نفسه حريصاً على صحة الشعب الاميركي، داعياً مجدداً الى أخذ العبر ممّا حدث وارتداء الكمامة لإنقاذ البلاد من براثن جائحة فتاكة. ولقيت التفاتة بايدن الانسانية والمتعاطفة ترحيباً شديداً من الجمهور الأميركي وصولاً الى المعسكر المناهض، فحاز على فائض من الإطراء حتى على موقع فوكس نيوز.

وفي المقلب الجمهوري بدا ترامب متخبطاً في «وحول» الفيروس الذي أضحى أكبر نقاط ضعفه. ففي حين بدا الفريق الديمقراطي أكثر تماسكاً ونيلاً لرضى المواطنين، لخلو فريقه من الاصابات بالفيروس أولاً، مقابل إصابات إضافية في الفريق الرئاسي، أحدث التناقض الشديد لدى الجانب الجمهوري وبين أفراد الطاقم الرئاسي نفسه فجوةً في مصداقية سيد البيت الأبيض، فبعدما أعلن طبيبه شون كونلي السبت من مستشفى «وولتر ريد» العسكري، أنه بصحة ممتازة ولا يعاني من الحمى، عاد واعترف لاحقاً انّ مستوى الأوكسجين لديه انخفض مرتين منذ ظهور الأعراض، وأنّه يعالج بالستيرويد والـ»ريمديزيفير» المخصّص للحالات الجدية من الداء «لتعزيز مفعول العلاج ليس إلا»، وفق ما برّر، بعدما أحرجه الصحافيون للاجابة عن السؤال الذي كان يتهرّب منه. وبعد لحظاتٍ من تصريحه هذا، دحض كبير الموظفين في البيت الأبيض مارك ميدوز هذه المعلومة معلناً انّ «صحة الرئيس في الساعات الاربع والعشرين الأخيرة كانت مقلقة وبأنّ الساعات الثمانية والأربعين المقبلة مفصلية، مؤكداً أن الرئيس لم يستعد عافيته بعد»، وهو تصريح أغضب ترامب الى حدّ بعيد وفق ما تمّ تسريبه من المعلومات، ليتراجع ميدوز نفسه عمّا قاله بعد ساعاتٍ قليلة.

ووسط هذا التخبط الجمهوري والثبات الديمقراطي يبقى باب الاحتمالات مفتوحاً على مصراعيه، فقد تتحسّن صحة الرئيس فعلاً فيغادر المستشفى ليكمل حملته، افتراضياً كبداية، أو قد توهن فيخسر صلاحياته التي تنتقل مرحلياً لنائبه مايك بنس. ولعل أسوأ السيناريوات إرغامه على مغادرة الحلبة، وإعادة اختيار اللجنة الوطنية الجمهورية مرشحاً آخر سيكون على الارجح بنس نفسه. وبما أن الانتخابات باتت وشيكة للغاية قد تتعقد الأمور خصوصاً أنّ المهل النهائية للتسجيل لبطاقات الاقتراع قد انتهت، مع طبع ملايين منها وتوزيعها بالبريد وإعادتها من الناخبين. وثمة خوف حقيقي من الجانب الديمقراطي بأن يستخدم الرئيس وحلفاؤه مرضه كحجة لتأجيل الانتخابات خصوصاً أنّ الرئيس طرح هذا الاحتمال جدياً، حين غرّد في الثلاثين من تموز الماضي متحدثاً عن «وجود مؤامرة كبرى لتزوير نتائج الاقتراع».

ووفق المادة الثانية من الدستور يحق للكونغرس وحده تحديد موعد الانتخابات أو تغييرها ويترك لمجلس النواب- الذي يسيطر عليه الديمقراطيون- الموافقة على أي تأجيل.

وتعتبر كابري كافارو الأستاذة في الجامعة الأميركية بواشنطن أنه «من غير المرجح أن تقبل أغلبية الديموقراطيين تأجيل الاقتراع»، في وقت يتصدر بايدن استطلاعات الرأي على المستوى الوطني.