IMLebanon

استمرار المبادرة الفرنسية رغم كلام ماكرون القاسي

كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”:

 

كل المؤشرات السياسية والاقتصادية تتجه نحو المجهول بعد تجميد المبادرة الفرنسية والاعلان المفاجئ عن بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل برعاية اميركية، في وقت وضع ملف تشكيل الحكومة في ثلاجة الانتظار لاسباب مختلفة منها المعلن ومنها غير المعلن، لا سيما بعد مهلة الستة اسابيع التي اعطاها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للمسؤولين اللبنانيين لتشكيل الحكومة التي عليها البدء فورا باتخاذ الاجراءات الاصلاحية الاساسية لتقديم الدعم والمساعدة الدولية، ووضع القطار على السكة الصحيحة لانتشال البلد، في ضوء الصعوبات والمشاكل التي يتخبط بها المواطن اللبناني على كافة الاصعدة والمستويات.

وفي ظل غياب تحديد اي موعد رسمي جديد للاستشارات النيابية الملزمة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد اعتذار الرئيس مصطفى اديب يبقى سعر الدولار وحده محلقا ومسجلا اعلى مستوياته امام سعر الليرة اللبنانية في مقابل ادنى مستوى معيشي للمواطن اللبناني.

مصدر سياسي متابع للملفات الديبلوماسية والسياسية يؤكد عبر «اللواء» استمرار مفاعيل المبادرة الفرنسية رغم الكلام القاسي الذي كان اعلنه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في مؤتمره الصحافي غداة اعتذار اديب، حين تحدث بصراحة بانه اذا لم يتم السير بالمبادرة الفرنسية ستتجهون نحو حرب اهلية ونحو الانهيار والاسوأ، ولكن يشير المصدر الى ان الاروقة الفرنسية تستعد لاعادة الزخم الى هذه المبادرة، خصوصا مع وصول سفيرة فرنسية جديدة الى لبنان في الايام المقبلة  بعد مغادرة السفير برنارد فوشيه نهاية الاسبوع الماضي، ويلفت المصدر الى ان فرنسا لا تزال جدية بتنظيم مؤتمر خاص بلبنان كما كان وعد الرئيس ماكرون.

وحول موقف الرئيس الفرنسي من ايران وتدخلها في لبنان يرى المصدر الى انه ربما اراد ماكرون في موقفه الذي اعلنه عدم قطع علاقات بلاده في الوقت الراهن مع الجمهورية الاسلامية بسبب لبنان، حيث بدا موقفهما متوافقا حين اعتبر ماكرون ان ايران لا تتدخل في موضوع تشكيل الحكومة في الوقت الذي نفت فيه ايران ان يكون لها اي تدخل في موضوع السياسة الداخلية اللبنانية، كما ان اللافت في كلام ماكرون ايضا تمييّزه بين الموقف الايراني وموقف «حزب الله» الذي دافع عنه امينه العام السيد حسن نصر الله ردا على تحميل الرئيس الفرنسي الثنائي الشيعي مسؤولية فشل تشكيل الحكومة.

ولكن يعتبر المصدر بأن بعد كل تطورات فشل المبادرة الفرنسية وتجميدها كان اللافت التوقيت الذي قرر فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري الاعلان عن بدء مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل وذلك قبيل موعد الانتخابات الاميركية بقرابة الشهر، مع العلم ان العقوبات الاميركية على عدد من المسؤولين اللبنانيين لن تتوقف حسب المصدر، الذي لم يستبعد ان يكون الرئيس بري يقوم بمحاولة لتحسين علاقات الثنائي الشيعي مع الجانب الاميركي، بعد ان طالت العقوبات مساعده علي حسن خليل والتلويح بأنها ستطال في المرحلة المقبلة شخصيات لبنانية اساسية ومقربة منه، ويشير المصدر الى ان اللافت ايضا تولى الرئيس بري الاعلان عن الموافقة لاجراء المفاوضات وترك تفاصيل القيام بالاجراءات اللازمة للبدء بها الى رئيس الجمهورية شخصيا خصوصا ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف اعمال.

وتوقع المصدر امكانية انعكاس هذا الاعلان على علاقة لبنان مع صندوق النقد الدولي المرتبطة قراراته مباشرة بالولايات المتحدة الاميركية مما قد يسمح للبنان بالاستفادة من مساعدة ودعم الصندوق للحد من الانهيار الاقتصادي الكبير الحاصل حاليا.

ويعتبر المصدر بانه علينا قراءة ما يجري في المنطقة جيدا في هذه المرحلة لا سيما فيما خص عمليات التطبيع الجارية حاليا بين عدد من الدول العربية من ناحية واسرائيل من ناحية اخرى.

ولكن يعود المصدر ليؤكد الى ان ما هو مطروح حاليا على الطاولة هي المبادرة الفرنسية وهذا الامر اكد عليه ماكرون شخصيا، في ظل غياب التوافق اللبناني الداخلي، والانشغال الاميركي  بالانتخابات.

من هنا، فإن المصدر ينصح بانتظار ما ستؤول اليه التطورات الدولية مع عدم توقعه حصول تغيير في السياسة الاميركية نتيجة الانتخابات رغم رهانات البعض عليها، وهذا ما اعلنه الرئيس الفرنسي حين قال «ان هناك من يعمل على اساس نتائج هذه الانتخابات، ولكنه اشار في الوقت نفسه الى عدم انتظار اي شيء من هذه النتائج»، من هنا فإن المصدر يعتبر انه حتى لو فاز المرشح جورج بايدن في الانتخابات فان الولايات المتحدة لن تعود لاتباع السياسة التي كان يتبعها الرئيس باراك اوباما.

ولم يستبعد المصدر بانه في حال اذا لم تنجح المبادرة الفرنسية ان ينعكس الامر على ملف التنقيب على الغاز في لبنان، لا سيما ان الشركة الوحيدة التي تقدمت للتنقيب هي شركة «توتال» الفرنسية، وفي الوقت الراهن يبدو حسب المصدر ان ليس هناك مجال لان تبدأ بالتنقيب في البلوك9، لذلك فإن المصدر يرى ان صفعة الثنائي الشيعي للرئيس ماكرون اذا لم يتم التراجع عنها لن تمر دون حساب، خصوصا انه يملك اوراقا في يده هدد بها فعليا، وهناك اوراق اخرى يملكها ولم يهدد بها بعد واهمها ورقة الغاز وشركة «توتال».

وعما قاله ماكرون عن الرئيس سعد الحريري، ابدى المصدر اعتقاده الى ان هذا النقض اطلقه ليظهر موضوعيته وبأنه لا يقف مع طرف لبناني ضد طرف اخر.

ويلفت المصدر الى اهمية الدور الذي يمكن ان تلعبه روسيا وهي ليست بعيدة عن كل ما يجري من تطورات في لبنان، خصوصا بعد المواقف التي صدرت عنها في هذا الاطار، كذلك اللافت الاجتماع الذي جمع الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الاوسط ميخائيل بوغدانوف والممثل الخاص للرئيس سعد الحريري جورج شعبان والذي ركز على الاوضاع في لبنان وما يمكن ان تقوم به روسيا من بذل للجهود من اجل تجاوز الازمة الحكومية، وهذا الامر سيتوج  في الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى لبنان نهاية الشهر الجاري. وفي هذا الاطار يعتبر المصدر بأن اوراق الضغط القوية والفعلية على ايران و«حزب الله» هي بيد روسيا اكثر مما هي بيد فرنسا.

واعتبر المصدر ايضا ان عرقلة المبادرة الفرنسية اعطت زخما اكبر لموقف الملك السعودي من «حزب الله» في الامم المتحدة، ولفت الى ما المح اليه ماكرون بانه لا يمكنه توقيف العقوبات الاميركية اذا كان الهدف هو تعطيل المبادرة لكي يضغط الاخير على الولايات المتحدة لايقاف العقوبات بحق بعض المسؤولين اللبنانيين لا سيما الشيعة.

وختم المصدر، معتبرا ان المرحلة الراهنة والتي تشهد هدوءًا على صعيد ملف الحكومة ستسمح لكل فريق بإعادة درس موقفه لتبلور صورة الفترة المقبلة والتي قد لا تتعدى الشهر على ابعد تقدير.