IMLebanon

مشكلتنا مع سعد الحريري!

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

أنا أصدّق أنّ الرئيس سعد الحريري يريد أن يحقّق نهوضاً مالياً واقتصادياً للبنان، فهو، مهما حصل، يبقى نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أعاد إعمار لبنان بعد الحرب، وأمّن له شبكة علاقات دولية مميّزة، كما عمل على تأمين التعليم لعشرات آلاف الشباب اللبنانيين عبر مؤسّساته والمنح التي قدّمها لهم.

لكنّ المشكلة الأساس تبقى في الإجابة على السؤال: من لا يريد أن تقوم دولة فعلية في لبنان، بجيش ومؤسسات أمنية قوية، وتنعم بازدهار مالي واقتصادي؟

من هذا السؤال يبدأ النقاش مع زعيم “المستقبل”، تماماً كما يمكن أن يبدأ من السؤال حول من اغتال والده لمنعه من تحقيق حلمه للبنان؟ وبالتالي، من منع ويمنع مشروع قيام الدولة القوية والمزدهرة في لبنان؟

الغريب أنّ في أول إطلالة تلفزيونية للحريري بعد صدور حكم المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد الحريري، لم يتكبّد نجله عناء توجيه ولو سؤال يتيم لـ”حزب الله” عن سليم عياش، أو يطالب بتسليمه!

والمفارقة أنّ الشيخ سعد تجاهل بالكامل واقع أنّ قيادياً في “حزب الله” اغتال رفيق الحريري، وعلى الأرجح جميع قادة 14 آذار، ليس للإنتقام من الحزب على الإطلاق، بل لمعرفة على أي أسس يجب بناء الدولة. فإذا كان الحزب يقف خلف عملية الإغتيال، ويحمي المجرم سليم عياش الذي صدر بحقّه حكم المحكمة الدولية، فهذا يعني أنّ الحزب أراد اغتيال مشروع رفيق الحريري الذي يُفترض أنّ سعد الحريري يسعى لاستكماله.

هنا لبّ المشكلة يا شيخ. المشكلة لا يمكن أن تكون مع “القوات” أو “الاشتراكي”، ولا حتى مع “الوطني الحر” إلا من باب أنه يغطّي سلاح الحزب.

ليست المشكلة في المبادرة الفرنسية وتفاصيلها وتوزيع الحقائب. المشكلة في أنّ “حزب الله” يسعى إلى السيطرة على لبنان بشكل كامل، والسيطرة على قرارات الحكومة من خلال السيطرة على توقيع وزير المالية كجزء من خطته.

المشكلة أيضاً أن سياسات “ربط النزاع” التي مارسها الرئيس الحريري مع “حزب الله” منذ العام 2013، وتحديداً بعد اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح، أوصلت البلد إلى الإنهيار الشامل، بحيث عرقل الحزب كلّ مساعي الإصلاح، كما تسبّب من خلال مشاركته في الحروب الإقليمية من سوريا إلى اليمن، بنزع لبنان من الحضن العربي وجرّه إلى المحور الإيراني، مع ما ترتّب عن ذلك من تخلّ عربي شامل عنّا، ما أوصلنا إلى “جهنم”!

والمشكلة مع الحريري في مقابلته الأخيرة مع الزميل مرسيل غانم، تكمن في أنّه لم يقارب أياً من هذه الملفّات الجوهرية التي أوصلت لبنان إلى القعر. فتحت شعار الخوف من الحرب الأهلية، يبدو الحريري كمن يسلّم البلد إلى “حزب الله” وإيران في حال قبل بشروط الحزب ولو مواربة، وهذه هي الوصفة المثالية ليتحوّل لبنان بالكامل فنزويلا الشرق!

ولمن يطالبنا بإعطاء البديل نقول: لا يمكن للولايات المتّحدة والعرب أن يواجهوا “حزب الله” إذا كان البعض في الداخل مُصرّاً على الشراكة معه، لأننا عندها سندفع الثمن جميعاً. البديل هو في خوض مواجهة سياسية شاملة مع الحزب. الشراكة معه أوصلت إلى الإنهيار الشامل. لذلك، دعوا “حزب الله” يحكم وحيداً كأكثرية اليوم، ودعوه ينتهي وحيداً. دعوا نموذج حكومة حسّان دياب يستمرّ، وليتحمّل الحزب وحده المسؤولية لأنكم لن تتمكّنوا من إنقاذ لبنان طالما “حزب الله” يحمل السلاح ويسيطر على البلد.

رجاءً، لا تعيشوا على أوهام أموال “سيدر” وصندوق النقد الدولي والمزيد من القروض، طالما أنّنا نعيش في “دولة حزب الله”، لأنّنا في هذه الدولة سنبقى نعيش في جهنّم نيترات الأمونيوم وفلتان السلاح والإنفجارات الغامضة وعجز الدولة… ولأنّ الحريري لن يستطيع مواجهة هذه الدويلة فليبقَ خارج الحكم!

المشكلة الأساس، وفي اختصار، تكمن في أنّ الحريري يبدو كمن سامح من اغتال والده ومشروعه، أو كأنّ هذا الإغتيال تفصيل بسيط، ولا يستطيع أن يسامح من رفض ويرفض تسميته لترؤس حكومة في “دولة حزب الله”!