IMLebanon

شح موسم الزيتون يضاعف معاناة المزارعين

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

 

خيّب موسم قطاف الزيتون هذا العام آمال العائلات الجنوبية التي تنتظره بفارغ الصبر بين “التشرينين” الاول والثاني، فموسم الخير والبركة الذي يشكل مصدر عيشها جاء مثقلاً بالهموم الاضافية: شح في الرزق وغلاء في اسعار السماد وحتى في كلفة اليد العاملة وكلفة العصر، ليزيد من الضائقة المعيشية والاقتصادية والبطالة التي “تخنق” الأنفاس وتفرغ الجيوب تزامناً مع تفشي جائحة “كورونا”.

ويعزو رئيس التعاونية الزراعية في بلدة طنبوريت في شرق صيدا وجيه موسى لـ”نداء الوطن”، سبب الشح “الى موجة الحر التي ضربت لبنان في شهر نيسان الماضي على مدى سبعة ايام، حيث قضت على ثمار الزيتون في مرحلة عقده الاولى، فتساقطت على الارض ميتة، ثم الى الحرائق التي اندلعت أخيراً في عدد من حقول الزيتون، والى ارتفاع اسعار السماد سبعة اضعاف ارتباطاً بالدولار الاميركي، ناهيك عن أجرة العمال وكلفة “التشحيل” والعصر، وكلها عوامل لم تبقِ للمزارعين او الضمّانين واصحاب الاراضي أي مدخول”.

وشح الموسم أدى الى ارتفاع سعر “تنكة” الزيت التي كانت تباع العام الماضي ما بين 200 و225 ألفاً وأصبحت اليوم ما بين 400 و550 ألف ليرة لبنانية اي الضعف، وكيلو الزيتون كان يباع بنحو 6 آلاف وبات اليوم بأكثر من 12 ألفاً، حتى “غالونات” التعبئة البلاستيكية أصبحت تباع بـ16 ألفاً بعدما كان سعرها يتراوح ما بين 4000 و8000 ليرة، في وقت إنهارت فيه قيمة الليرة اللبنانية وارتفعت أسعار كل البضائع وبقيت رواتب العمال والموظفين على حالها.

ورغم ذلك، أكد موسى ان “بعض المزارعين يدفعون من جيوبهم من اجل الحفاظ على هذه الشجرة التي باركها الله، وعرف الانسان أغصانها الخضراء.. رمزاً للسلام، لأنهم ورثوها عن اجدادهم وآبائهم او أفنوا عمرهم في زراعتها، بينما آخرون لم يدعسوا حقولهم، وفضل الضمّانون عدم الاستثمار هذا العام كي لا يقعوا في الخسارة”.

على امتداد مساحات واسعة من اراضي منطقة صيدا وشرقها بدءاً من طنبوريت ومغدوشة والحجة والمعمارية، مروراً بالمية ومية وعين الدلب والقرية وصولاً الى عبرا ومجدليون والصالحية، تنتشر اشجار الزيتون التي تعطي نحو ثلث انتاج الجنوب من الزيت. ويؤكد المزارعون أن هذا الموسم شحيح قياساً على العام الماضي، ويرددون مقولة عن الاجداد أن “الزيتون بشكل عام، يكون سنة مثمراً وسنة أخرى شحيحاً”، والبلدة التي تنتج في العام 50 طناً من زيت الزيتون في الموسم الاول – “الذهبي”، لا يزيد انتاجها في الموسم الثاني – الكساد عن 20 طناً. ويقول العم موسى الحايك وهو يقوم بقطف الزيتون في حقله في بلدة مغدوشة المجاورة، بمساعدة عدد من العمال الذين فرشوا اكياس “النايلون” الزرقاء الكبيرة تحت الاشجار: “موسم هذا العام شحيح ولكننا لم نشكُ من اي امراض تصيب عادة الزيتون، ما زلنا في بداية الموسم وننتظر شتوية كي يزداد انتاج الزيت”، موضحاً ان “بعض العائلات استعانت بافرادها في القطاف بدلاً من استئجار عمال و”فرّاط”.

وخلال القطاف يسارع المزارعون الى فرز الزيتون، بين حبات للعصر وأخرى للرص والاكل، ويشرح الحايك “الحبة الصغيرة و”المضروبة” بدبغ او جرح تذهب الى أكياس الخيش المخصصة للمعصرة، والكبيرة والخضراء والناضجة تذهب الى الاكياس العائدة الى المنزل، أي أكياس الرصّ، وبعد فصلها، تغسل الحبات التي تعد للأكل في الماء ثم يبدأ رصها، تضرب حبة الزيتون بمطرقة خشبية حتى تتفسخ قليلاً، ثم توضع في “مرطبانات” من الزجاج مع الحامض والماء والملح والحرّ، او مع زيت الزيتون، جزء كبير من حبات الزيتون المرصوص ينقع بالملح فقط ويترك معرضاً للهواء لأيام عدة ليصبح صالحاً للأكل، فيما الزيتون المكبوس في “المرطبانات” يحتاج الى أسابيع”.