IMLebanon

انتعاش سوق الدروس الخصوصية في زمن “كورونا”

كتبت جويل رياشي في صحيفة الأنباء:

خلافا لعداد كورونا اليومي الذي يسير بوتيرة مرتفعة في لبنان مع بلوغ المعدل العام لعدد أرقام المصابين يوميا نحو 1800، مر شهر على انطلاقة السنة الدراسية في لبنان بشقين: التعليم عن بعد المعروف بالـ«أونلاين»، وحضوريا لعدد محدود من الصفوف.

وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور طارق المجذوب كان قد حدد الصفوف التي ستفتح في المدارس لاستقبال التلاميذ حضوريا، وفق عدد محدود من الاولاد. واستقر عدد الصفوف عند ثلاثة بين الشهادة المتوسطة وصفي الأول والنهائي من المرحلة الثانوية، في حين بادرت إدارات عدد من المدارس منذ أيام قليلة وبالتنسيق مع وزارة التربية، الى البدء بالمرحلة الثانية من استقبال التلاميذ حضوريا لعدد أكبر من الصفوف.

من جهتها، فتحت مدارس تعنى بذوي الصعوبات التعليمية والاحتياجات الخاصة أبوابها حضوريا منذ بداية السنة الدراسية، كون هذه المدارس تستقبل اصلا عددا قليلا من التلاميذ في الصفوف لا يتعدى العشرة في الصف الواحد.

ورافق انطلاق السنة الدراسية غياب الباصات المخصصة لنقل التلاميذ في غالبية المدارس. فعمدت بعض الإدارات الى الاعلان عن عدم توفير هذه الخدمة، مع ترك الأمر للتنسيق بين أولياء التلاميذ وشركات النقل. ولوحظ في هذا السياق تزايد شكاوى الأهل من الارتفاع الكبير في أسعار خدمات النقل، والتي ازدادت بنسبة ثلاث مرات عن القيمة الأساسية، وبات يطلق عليها اسم «قسط إضافي». وكذلك تضمنت الشكوى خشية من تعرض التلاميذ للإصابة بفيروس كورونا، جراء الاكتظاظ في الباصات، بسبب عدم الاقبال الكثيف بعد ارتفاع الأسعار ما أدى الى خفض عدد الباصات التي كانت معتمدة سابقا للنقل في كل مدرسة.

التعليم عن بُعد يشكل الحجر الأساس في السنة الدراسية اللبنانية 2020-2021، وهو المعتمد حاليا بشكل رئيسي، الا ان طريقة تطبيقه تتفاوت بين مدرسة وأخرى.

على سبيل المثال، يعتمد عدد من المدارس وخصوصا التابعة لشبكات مدرسية أجنبية على التعليم عن بعد كطريقة أساسية في السنة الدراسية الحالية. وهي توفر هذه الخدمة في شكل يومي وجزئي مع حضور عدد من تلاميذها الى المدرسة لتلقي التعليم المباشر. وكذلك تعمد مدارس عدة الى استقبال قسم من تلاميذها لعدد محدد من الأيام اسبوعيا بنصف دوام، ثم يتابع هؤلاء مع البقية من رفاقهم الدروس من المنازل في الفترة الثانية من النهار.

مدارس البعثة العلمانية الفرنسية، تطبق هذه الخدمة في شبكتها المنتشرة في بيروت ونهر ابراهيم (قضاء جبيل) وطرابلس وبيت شباب (قضاء المتن الشمالي) والنبطية (في الجنوب).

مدارس أخرى تنتمي الى عائلة المدارس الكاثوليكية مثلا اعتمدت نهجا مختلفا يسقط فيه نظام التعليم عن بعد مع بدء مرحلة التعليم الحضوري لعدد من الصفوف بمعدل ثلاثة أيام اسبوعيا للتلاميذ، اذ يلجأ هؤلاء الى متابعة تحصيل الدروس عبر تطبيق أجندات تعطى اليهم حضوريا، لمتابعتها في المنزل في اليوم غير المتاح لهم الحضور الى المدرسة، ما يعني توقف خدمة التعليم عن بعد مع بدء التواجد في الصفوف.

وبين تلاميذ اعتادوا التقيد بالإجراءات التي انطلقت من الأول من مارس 2020 من السنة الدراسية المنتهية، وآخرين لم يتأقلموا مع المرحلة الجديدة التي فرضتها تداعيات كورونا، يتحدث الاهالي عن تجاربهم في التعليم عن بعد. وتنحصر الشكاوى هنا لدى أهالي التلاميذ الصغار، الذين لم يبلغوا صفوفا متقدمة حدها الأدنى منتصف المرحلة المتوسطة، والتي حددت صفوفا مناسبة للتلاميذ لتلقي التعليم عن بعد.

في هذا الاطار، تتحدث جيسي غانم عن «تأقلم ولديها (15 و14 سنة) في تجربة الاونلاين التي لم تكن عاطلة ابدا. ربما يعود ذلك الى كونهما يتحليان اصلا بالمسؤولية والوعي أو لأنهما من العناصر الجيدة والمجتهدة. قد يكون الامر أصعب لدى التلاميذ الاصغر سنا او لدى الاولاد الذين يميلون الى عدم التركيز والشرود».

في صف متقدم ايضا، هو الثالث متوسط، يتحدث التوأمان رومي ورالف شربل عن تأقلم كبير مع التعليم عن بعد في مدرسة راهبات القلبين الأقدسين جبيل، «بعد الاعتماد على أجندة تطبيقية كانت ترسل الينا عبر تطبيق واتس آب في السنة الدراسية الماضية. وقد انتقلنا الآن الى التعليم المباشر عن بعد، على ان نستهل هذا الأسبوع التعليم حضوريا في المدرسة، وتتوقف معه خدمة الأونلاين لنستعيض عنها بتطبيق دروس تعطى الينا في اليوم الذي لا نذهب فيه الى المدرسة».

من جهة اخرى، يستعين قسم كبير من الأهالي غير القادرين على مواكبة أولادهم في التدريس المنزلي بمعلمات لتثبيت «تسمر» ابنائهم خلف الألواح والتركيز على الدروس. في هذا الاطار، تؤكد ام لطفل عمره تسع سنوات لـ «الأنباء» ان ابنها غير قادر على المتابعة الافتراضية بمفرده كونه «يميل الى الشرود»، فاضطرت الى ان تتعاقد مع معلمة لترافقه في عملية الاونلاين وتحرص على مشاركته وتفاعله مع ما يجري في الصف الافتراضي.

من جهتها، تتحدث رنا نعمان عن «تجاوب ابنتها (7 سنوات) مع المعلمة ولو عبر الشاشة»، مؤكدة انها «تعتمد على نفسها بالكامل لادارة الشؤون اللوجيستية الخاصة بصفوفها الافتراضية». ورغم ذلك، تفضل نعمان «العودة الى الصفوف حيث يتعلم التلاميذ، اضافة الى الدروس، كيفية التفاعل والعيش ضمن مجموعة، وهذه امور اساسية في الصفوف الابتدائية».