IMLebanon

العقوبات على باسيل تعقّد أزمة لبنان

كتبت  أنديرا مطر في صحيفة القبس:

جاء قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على أحد أبرز اللاعبين على المسرح السياسي اللبناني، وزير الخارجية السابق جبران باسيل، في توقيت مصيري لبنانياً، لاسيما في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة وملف ترسيم الحدود مع إسرائيل.

نزل خبر العقوبات برداً وسلاماً على قسم كبير من اللبنانيين، لاسيما على الانتفاضة الشعبية، التي رأت فيه حُكماً عادلاً على إحدى ركائز الطبقة السياسية الفاسدة، في حين انشغلت الأوساط السياسية بتفسير انعكاس تأثير العقوبات على الوضع الداخلي، لاسيما على تأليف الحكومة، خصوصاً بعد تصريح مسؤول في الإدارة الأميركية أن باسيل «استخدم نفوذه لتأخير جهود تشكيل الحكومة».

على ضفتي الخصوم والحلفاء تباينت الآراء حول تأثير العقوبات على الوضع الداخلي لكن الكل أجمع أنها ستزيد من تعقيداته. وهذه العقوبات، بنظر المراقبين، ليست إجراء بسيطاً يُهضم بسهولة، وقد تكون عواقبه رفع سقف التحدي من قبل الفريق المعاقب، ما يعقد مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري مع زيادة تشبث باسيل بوزارة الطاقة وبالثلث المعطل، وهو أمر من المتوقع أن يسانده فيه «حزب الله».

لا حكومة بغير الثلاثي

الصحافي وسام سعادة علق على قرار العقوبات قائلا: ان الولايات المتحدة انتخبت جبران باسيل رئيساً مقبلاً للجمهورية قبل ان ينتهي فرز الأصوات عندها، عمليا. وأضاف لـ القبس أن القرار الأميركي يلغي أي حجة عند الحريري لاستبعاد «أمل» و«حزب الله» و«التيار العوني» من التشكيلة الحكومية. فلا يمكن ان تتشكل حكومة من الآن فصاعدا الا بهم، وعلى رأسها الحريري، والا لا حكومة. موضحا ان القرار يخفف من الهواجس المتبادلة بين باسيل وحزب الله، وفي نفس الوقت يؤطر حركة تفاوض جبران وما يمثل مع الجانب الأميركي لرفع اسمه من اللائحة في مقابل صفقة.

جبران باسيل هو السياسي الوحيد في لبنان الذي أخذ خيارا استراتيجياً حقيقيا بتحالفه مع حزب الله، لكنّه دفع ثمن خياره باكراً وفق الصحافي ايلي قصيفي، الذي اعتبر ان باسيل راهن على اتفاق ايراني اميركي لكنّه سقط على مسرح المواجهة الايرانية الاميركية.

وأوضح قصيفي أن توقيت العقوبات ضد باسيل هو توقيت اميركي بالدرجة الاولى، فهو إشارة لإيران بأنّ الوقت الفاصل عن ترك ترامب البيت الابيض سيكون حافلاً بالتصعيد ضدّها. أما في الحيّز اللبناني، فالعقوبات ضدّ باسيل هي ضربة موجعة لحزب الله الذي لا يريد أن يكون باسيل تشي غيفارا، بل يريده بكامل لياقته السياسية يجول دول العالم دفاعا عنه.

وفي ما يتعلّق بطموح باسيل الرئاسي، لفت قصيفي إلى انه على مدى سنوات لم يستطع باسيل انتزاع تعهد من حزب الله بتبني ترشيحه إلى الرئاسة بعد عون، لكن العقوبات قد تمكنه من الحصول على ما يريد. فالحزب غالباً لا يترك حلفاءه حينما يصيبهم مصاب بسببه، والعقوبات سترمي باسيل في حضن الحزب أكثر. وعليه، فإن من يظن أن العقوبات نهاية لحياة باسيل السياسية قد يكون مخطئاً.

وفيما تتجه الأنظار إلى المؤتمر الصحافي الذي يعقده باسيل ظهر اليوم الأحد، يفصّل فيه اسباب وخلفيات إدراجه على لائحة العقوبات، غرّد رئيس التيار الوطني الحر عبر تويتر بما يشبه اعلان المظلومية قائلاً: «لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني.. ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان. اعتدت الظلم..». من جانبها، أعلنت الهيئة السياسية في التيار الوطني رفضها التام للعقوبات على رئيسها واعتبرتها «افتراءً واضحا واستخداما لقانون أميركي للانتقام من قائد سياسي بسبب رفضه الانصياع لما يخالف مبادئه».

المفاعيل القانونية للعقوبات على باسيل

يوضح الخبير في القانون الدولي بول مرقص المفاعيل القانونية والمالية لعقوبات ماغنيتسكي: إقفال حسابات المدرجين على لوائح مكتب مراقبة الأصول والموجودات الخارجية التابع لوزارة الخزينة الأميركية. توجيه أي مصرف لبناني أو مؤسسة مالية أخرى إلى دفع المدرج على لوائح العقوبات إلى سحب ما لديه بها، من ودائع وموجودات، وإنهاء التعامل معه فورا.

تؤدي عقوبات ماغنيتسكي إلى توخي المصارف الحذر في التعامل حتى مع المقربين من المدرج على لوائح العقوبات كأفراد عائلته مثلا. لا يمكن لباسيل بعد ادراجه على لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) الحصول على تأشيرة سفر له إلى أميركا، وتُقيد حركة سفره الى دول تربطها اتفاقيات أو تفاهمات للتبادل أو التسليم مع أميركا.