IMLebanon

العزّ لحِياكة الصوف من جديد في النبطية

كتبت رمال الجوني في “نداء الوطن”:

عاد العزّ لحياكة الصفوف بعد أفول سنوات طويلة بسبب الجاهز والماركات، عادت سيّدات المنازل يحكنَ كنزات وفساتين وشالات بعد توقّف سنين طويلة، وأسهم الحَجر والضائقة المعيشية في العودة الطوعية لحياكة الصوف، المهنة التي راج عصرها قديماً، واتّخذت النسوة من السياخ والخيطان مورد رزق لهن داخل المنزل، “فالوضع ما عاد يحتمل”، ونشطت كثيرات على خطّ هذه الحِرفة، يمضين ساعات طويلة بصحبة الخيطان التي تتشكّل منها كنزات وتنانير وِفق تصاميم يضعنها تناسب الموضة، وإن تمّ التركيز على الشالات والكفوف وربطات الكمّامة للحاجة اليها وارتفاع الطلب عليها، ناهيك عن أنّ المرأة تعشق غير المألوف. تحاول السيّدات هذه الأيام خلق فرص عمل لهنّ عبر إحياء المهن القديمة، والإرتكاز عليها في حياتهن ولو “على قد الحال” ويعمدن الى التسويق “اونلاين” لنِتاجهن الذي بات ماركة مسجّلة لديهن.

دفعت الظروف القاهرة بآمنة للعودة الى حياكة الصوف، بدأت تحيك الكنزات والمشالح وربطات الكمّامة، متّخذة من الحياكة مصدر رزق لها، فتكلفتها أقلّ من الجاهز، على حدّ قولها.

لم تكن آمنة تتوقّع أن يعود العزّ لحياكة الصوف، كانت الحياكة قبل سنوات رفيقة السيّدات وقت الشتاء، إذ كانت العائلة تعتمد عليها في تأمين ملابس الصوف نظرا لغلاء أسعارها في الأسواق حينها. بقيت المهنة رائجة الى أن سيطرت الماركات على السوق، واستحوذت على انتباه الصبايا، ورويداً رويداً خفت نجم الصوف وقلّة باتت تعمل به. غير أنّ الحال تبدّلت والأوضاع تسوء أكثر، ما دفع بآمنة وكثيرات لضخّ الحياة في أسياخ الحياكة وخيطان الصوف الملوّنة من جديد، في محاولة منهنّ لمواجهة الأزمة الإقتصادية، عبر تأمين مورد رزق، ولو “على قدّ الحال” كما تقول آمنة، التي ترى أنّ “سوق بيع الخيطان نشط بشكل لافت، وزاد الإقبال عليه بنسبة 50 بالمئة عمّا كان سابقاً”، وتُعيد هذا الأمر “لحاجة السيدات الى خلق فرص عمل لهنّ في فترات الحجر الطويلة”. قليلة هي المحال التي تبيع خيطان الصوف في مدينة النبطية، فهذه المصلحة فقدت قيمتها خلال السنوات العشر الماضية، واقتصر عملها على قلّة ممّن بدأن قبل فترة بتعزيز المهن اليدوية ومنها حياكة الصوف والتي تُعدّ مؤشّراً مهمّاً الى تأمين رَيع مالي للسيدات، وتتيح لهنّ العمل ضمن المنزل، بعيداً من مخاطر فيروس “كورونا”.

في الآونة الأخيرة، زاد الطلب على الصوف، تقول آمنة التي تملك محلا لبيعها وسط السوق التجاري في مدينة النبطية، وتمتهن حياكتها “عالطلب” وتقدّم المشورة لكل سيدة مبتدئة، وتساعدها في حياكة “القطبة” الأولى. لا تُخفي آمنة أنّ القطبة الأولى السلّم الرئيسي في الحياكة، إذا “غلط” يضطرّ معها المرء لفكّها وإعادة تركيبها من جديد، وتؤكّد أنّ الحياكة تحتاج مهارة وذوقاً، وتدخل ضمن مهن الموضة، خصوصاً مع استحداث قطب مختلفة وموديلات “عالموضة”.

وتشير آمنة الى أنّ “الحياكة مهنة العصر، ومُتوقّع أن تنشط أكثر خلال الشتاء وفترة الحجر”، وتلفت الى ارتفاع نسبة شراء “كبكوب” الصوف هذه الأيام. وحسب قولها، “الناس تريد أنّ تستغلّ الحجر بعمل منتج، فالكنزة التي بلغ سعرها في السوق 130 الف ليرة، يمكن إنتاجها بـ40 الف ليرة عبر الحياكة اليدوية، أضِف أنّ سعر الصوف ما زال منخفضاً مقارنة مع ارتفاع الأسعار الجنوني”.

في محلّ الصوف، تتعرّف الى سيّدة حضرت مع بناتها لاختيار الألوان المناسبة لفساتينهنّ، وعلى فاطمة التي بدأت تحيك الكفوف والكمّامات وتبيعها. وجدت فاطمة فرصة عمل لها، ترى أنّ “الحياكة أوفر من الجاهز، بالرغم من أنّها تتطلّب وقتاً”، غير أنها بدأت تتّخذ لنفسها هوية خاصة، وتصمّم الموديلات التي تحيكها لتواكب الموضة، وتعتبر أنّ “الحياكة بمثابة خلاص لها من البطالة”، وتؤكّد أنّ “الطلب بدأ يرتفع عليها، خصوصاً وأنّني أخيطها بأسلوب عصري يتماشى وأذواق السيّدات”.