IMLebanon

هل يسحب ماكرون مبادرته بعد سقوط مصداقية المسؤولين؟

كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:

 

قد لا يكون مصير المشاورات التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، مختلفاً عما كان يحصل في السنوات الماضية، حيث كان تأليف الحكومات يستغرق شهوراً، بفعل اختلاق عراقيل وعقبات من جانب «التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل الذي اتخذ من العقوبات الأميركية ضده، ذريعة للتشدد في عملية التأليف ورفع سقف شروطه، من خلال الإصرار على التمسك بحقيبة وزارة الطاقة وتسمية الوزراء المسيحيين. ولا يبدو «حزب الله» بعيداً عن هذه الأجواء، وهو الذي ما زال يوفر الغطاء للتيار «العوني» في إطار التفاهم بينهما. وبالتالي فإن هذا الواقع المقفل لا يساعد مطلقاً على توقع ولادة حكومة في وقت قريب.

ويقول العارفون بنتائج لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل ل»اللواء»، إن الرجل صدم بحالة الإنكار لدى بعض القيادات السياسية، مما وصل إليه الوضع في البلد من ترد وانهيار على مختلف الأصعدة. إذ أن هناك مسؤولين أبلغوا الضيف الفرنسي أنه لن تتشكل حكومة إذا لم يحصلوا على مطالبهم، وتحديداً ما يتصل بتسلم حقائب بعينها، بصرف النظر عن موقف الرئيس المكلف من هذا الموضوع، وهو أمر لم يكن يتوقعه موفد الرئيس الفرنسي، بعدما سبق وتعهدت القيادات اللبنانية بالعمل على الإسراع في تشكيل الحكومة. وهذا ما لم يحصل حتى الآن، في ظل نقمة عارمة من جانب باريس التي لا يستبعد، وفق المعلومات المتوافرة أن تسحب يدها من الملف اللبناني في نهاية المطاف، بعدما تبين لها عدم صدقية المسؤولين اللبنانيين في التزاماتهم لناحية الإسراع في تأليف حكومة يحتاج إليها لبنان أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى الظروف المأساوية التي يمر بها.

واستناداً إلى أجواء العاصمة الفرنسية، فإن المعطيات المتوافرة لدى المسؤولين في قصر الإليزيه بعد الاجتماع الثلاثي الذي جمع ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، لا تبعث على التفاؤل، في ضوء ما حمله معه الموفد دوريل من بيروت، حيث عاد بانطباعات مقلقة عن المستقبل الذي ينتظر لبنان، في ظل وجود طبقة سياسية كهذه لا تقيم وزناً لمصلحة البلد والناس، بل أن كل ما تريده تحقيق مصالحها في إطار عملية تحاصص نافرة، أظهرت بكثير من الوضوح عجز هذه الطبقة الفاضحة عن القيام بأدنى واجباتها تجاه شعبها وناسها. وهذه الانطباعات التي تكونت لدى الجانب الفرنسي، لن يكون الأوروبيون بعيدين عنها، ما سيجعل الدول المانحة غير متحمسة لتقديم أي دعم للبنان، في ظل هذا الواقع المزري للطبقة الحاكمة في لبنان التي تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل اللبنانيين.

وإذ يتوقع أن يعاود الحريري مشاورته لإزالة العقبات من أمام الولادة الحكومية، إلا أن ما يجري تداوله، لا يوحي بحصول أي تقدم على هذا الصعيد، بعد الانقلاب الذي حصل في مواقف فريق العهد، مدعوماً من جانب «حزب الله» بعد العقوبات الأميركية على باسيل. إذ عاد هذا الفريق عن كل التزاماته عند التكليف، واضعاً شروطاً جديدة لن يكون بمقدور الرئيس المكلف تلبيتها بالسهولة التي يعتقدها هؤلاء. فهم أبلغوه وفقاً لمصادر عونية أنهم يرفضون المداورة في الحقائب، بعد تمسك حركة «أمل» بوزارة المالية، وأنهم مصرون على تسمية جميع الوزراء المسيحيين، ولا يريدون أي مشاركة للرئيس المكلف في هذا الموضوع.

وتؤكد أوساط نيابية معارضة أن الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يملك مفتاح حل الأزمة الحكومية، من خلال سحب هذا الملف من يدي صهره، والعودة إلى تفاهماته الأولى مع الرئيس المكلف بشأن التركيبة الحكومية، للبناء عليها من أجل التوصل إلى توليفة وزارية تحظى بثقة اللبنانيين والخارج، وتتمكن من ولوج طريق الإصلاحات التي يشترطها المجتمع الدولي لتقديم دعم للبنان ينقذه من هذا المأزق الذي يتهدده بعواقب وخيمة في جميع المجالات.