IMLebanon

محاولة مكشوفة لتعويم باسيل!

كتب معروف الداعوق في جريدة اللواء:

ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون في خطاب عيد الاستقلال عن موضوع تأليف الحكومة الجديدة وما ضمنه من عبارات ودعوات لـ”تحرير الحكومة من التجاذبات” وما ساقه من “اتهامات” من دون ان يسمي من يقف وراءها مباشرة وإن كان يصوّب تجاه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بقوله “التستر”، بالمبادرة الانقادية للخروج من القواعد والمعايير الواحدة، يؤشر بوضوح إلى ان مسار تشكيل الحكومة العتيدة متوقف حالياً ويمر بأزمة جرّاء تباعد المواقف واختلاف التوجهات في حين ان ما قاله عون لا يتطابق مع الواقع والحقيقة، أولاً لأن من يفتعل معظم التجاذبات السياسية حول عملية تشكيل الحكومة معروف لدى القاصي والداني وهو رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، أكثر من كل الأطراف الآخرين، ولذلك لن تنفع محاولة تجهيل من يفتعل هذه التجاذبات أو الصالقها بالآخرين ظلماً وصولاً لتبرئة الأخير من مسؤولية التعطيل المتعمد لتشكيل الحكومة، وثانياً فإن سوق الاتهامات المزيفة لرئيس الحكومة المكلف بالتستر وراء المبادرات الإنقاذية، لن يعفي رئيس الجمهورية من مسؤولية تعطيل مسار تشكيل الحكومة أيضاً تجاه الداخل والمجتمع الدولي أيضاً، بعدما تبنى في خطابه حرفياً مفردات وتوجهات رئيس “التيار الوطني الحر” في ما يخص تشكيل الحكومة الجديدة، في حين كان يفترض برئيس الجمهورية تجنّب الانحياز إلى موقف التيار في مثل هذه المقاربات المهمة، والتمايز إلى حدّ ما أو اتخاذ مواقف غير منحازة لهذا الطرف أو ذاك، بل يتطلب الأمر ان يكون من موقعه كحكم على مسافة واحدة من جميع الأطراف، يقوم ما في وسعه ليقرب بينهم ويقدم أفكاراً وطروحات مقبولة من الجميع وتجمعهم على الحلول، لا ان يتبنى طروحات أطراف ضد الأخرى، تزيد من التفرقة ومن حدة الاخلافات وتعطل التوصل إلى الحلول كما هي حالة تشكيل الحكومة الجديدة.

فالتزامن بين سلوكيات رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ومواقفه بالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة، منذ ما قبل تسمية الرئيس الحريري ورفضه منذ البداية لهذا الخيار المدعوم من أطراف سياسية أخرى، ومماشاة رئيس الجمهورية لهذا الاعتراض، إن كان بتأجيل الاستشارات النيابية الملزمة أو في تبني مفردات وعبارات باسيل بالتعطيل المتعمد ومحاولة العديد من نواب التيار الوطني تصوير عرقلة تأخير تشكيل الحكومة بضغوطات خارجية أميركية او غيرها،كالترويج لأخبار فرض عقوبات وما إلى هنالك، كلها وقائع تدل بوضوح على تضامن وتكافل الطرفين معاً في مسار تعطيل الحكومة الجديدة، ولن تنفع محاولات التلطي وراء مفردات وعبارات جوفاء، لتفادي مسؤولية هذا التعطيل ومحاولة إلصاقه بخصوم التيار، إن كان رئيس الحكومة المكلف او غيره من الأطراف السياسيين الذين لا يماشون النائب باسيل في ممارساته وسلوكياته.

ولذلك، لا ينفصل نهج التعطيل المتعمد لتشكيل الحكومة الجديدة الذي اعتمده رئيس الجمهورية وصهره عن مسلسل العراقيل الذي انتهجه طوال مرحلة مساره السياسي، بل يُشكّل جانباً اساسياً منه باعتباره الوسيلة التي تحقق المطالب والشروط التي يسعى إلى تحقيقها جرّاء هذا النهج كما حصل طوال السنوات الماضية في مسائل وقضايا واستحقاقات مهمة.

ويبقى السؤال المطروح، هل يؤدي اعتماد نهج تعطيل الحكومة الجديدة بالتكافل والتضامن بين رئيس الجمهورية والنائب باسيل في تحقيق هدف الحصول على المطالب التعجيزية، بالمقاعد والحقائب الوزارية بالحكومة الجديدة هذه المرة، كما كان يحصل سابقاً؟

لا يُخفي مقربون من “التيار الوطني الحر” اعتمادهم هذا النهج لنيل مطالبهم، ولكن يبدو مسار عملية تشكيل الحكومة العتيدة هذه المرة يختلف عن سابقاته، لتداخل العوامل الداخلية مع الخارجية وانحدار الوضع نحو سلسلة من الأزمات التي تضغط بقوة على الجميع، فالاستجابة للمطالب العونية تحت أي ظرف كان يعني تفريغ حكومة الانقاذ الإصلاحية من فاعليتها ومضمونها، وبالتالي سيكون مصيرها الفشل المحتوم، ولذلك يبدو ان هناك استحالة للاستجابة للمطالب التعجيزية للتيار العوني، حتى ولو طالت أزمة تشكيل الحكومة أكثر مما هو متوقع.