IMLebanon

معاناة المصابين… قصص محزنة خلف الأبواب

كتب رمال الجوني في “نداء الوطن”:

أدخل “كورونا” الناس في أزمة، لم يعد الخوف من الإصابة بقدر الخوف من ارتدادها، فالأدوية نار والناس تواجه الحجر بمفردها من دون معيل، حتى مساعدات الـ400 ألف لم تصل الى جميع الفقراء، جرى توزيعها على قاعدة “ناس بسمنة وناس بزيت”.

بدأت الأزمة تتفاقم، وخرجت الى الواجهة أزمة جديدة لم تكن في الحسبان، كيف يواجه المصاب بـ”كورونا” يومياته، ومن يؤمّن له لقمة عيشه؟ وماذا عن فحص الـpcr  كيف يؤمّن ثمنه؟ وفوق كل ذلك يقف مكتوفاً امام تداعيات أزمته المعيشية. لم يعد الأمر سهلاً، فالمعاناة كبيرة، وأوجاع خلف الأبواب لا يعرفها سوى من ذاق ويلاتها. أكثر الناس معاناة هم عاملو اليومية الذين يفقدونها مع كل يوم حجر، ما يؤزّم حالتهم النفسية والمعيشية أكثر، ومن يسأل؟ الكلّ يتّصل، يملأ الإستمارات، يوجّه الإرشادات ويختفي، وماذا عن الضروريات، عن لقمة العيش، عن الدواء، عن ثمن فحوصات الـpcr؟ كلّ ذلك ليس بحسابات أحد، وحده مصاب “كورونا” يواجه الأزمة، يذوق المرّ طيلة الـ14 يوماً، والخوف ما بعد الحجر على مصدر رزقه، فأرباب العمل عادة ما يستغنون عن المصاب أو تُحسم العطلة من معاشه، وفي الحالتين يقع المصاب فريسة “كورونا” والواقع الإقتصادي. قصص عديدة خلف الابواب، أحلاها مرّ كما يقول اصحابها، فالمأساة لا تصيب الا صاحبها، والزعماء همّهم بالكراسي. فكيف تبدو الازمة؟

بات مسلَّماً به أننا مقبلون على انفجار إجتماعي خطير بدأت تتكشّف خيوطه، وسيناريو الإفلاس بدأ يخرج الى العلن، المحال كافة تشهد تراجعاً ملحوظاً في حركة البيع والشراء، فالأسعار نار ومعظم الناس لجأت الى البدائل، وعدد لا بأس به يواجه القحط الموجع، فيما يدور سؤال خطير: من يساعد المحجورين الفقراء في مواجهة يومياتهم؟ أرغم “كورونا” كثراً على ملازمة منازلهم، فتك بعائلات بكاملها، معظمها ممّن يعتمد على اليومية لتحصيل لقمة العيش، دخلوا قسراً الحجر، وما أدراكم ما الحجر؟! إذ لا تكفيه أوجاع “كورونا” المبرحة وأعراضه القاتلة، بل عليه تكبّد شراء أدوية علاجه التي ترتفع اسعارها. فجأة، تخطّى الفيتامين C الـ 35 ألفاً وهو الذي حافظ على سعره سنين طويلة بـ 4000 ليرة هذا عدا عن الفيتامين “D” والزينك، ناهيك عن أدوية أخرى تتطلّبها أعراض الفيروس المفاجئة، ماذا يفعل “المعتّر”؟ كيف يؤمّن مالاً لشراء أدوية مواجهة “كورونا” لعائلته؟ قاسيةٌ هي الظروف التي يواجهونها، يفرضون عليهم الحجر ولا من يسأل عن حالهم، فكيف سيتدبّرون حالهم؟

بدأت الأزمة تتفاقم، والمعاناة تبرز بشكل فاضح، سيّما مع المصابين، فالأعداد كبيرة، وتتزايد يومياً، فـ”كورونا يفتك” بالعائلات برمّتها من دون رحمة، كما يفتك الغلاء بجيبته المهترئة. الصرخات تعلو “كيف نؤمّن لوازم الحجر”؟ معظم المصابين من المياومين، أو يعملون بمعاش دون الحدّ الأدنى.. وأثناء الحجر يقتطع ارباب العمل أيام العطل القسرية من معاشاتهم، ما يضعهم أمام أزمة أعمق.

لا يُخفي إبراهيم، أحد المصابين، دمعته، منذ أسبوع يخضع للحجر مع عائلته، يعمل مياوماً بـ30 ألف ليرة، هذه اليومية يخسرها مع كل يوم حجر، والأنكى أنّه لا يجد من يعيله. بحسرة يقول: “لا نريد إتصالات اطمئنان، نريد أن نأكل ونؤمّن أدوية الوقاية”، يأسف ابراهيم “أننا وصلنا الى زمن ما حدا لحدا”، ويقول: “مساعدات الدولة لا نراها، فهي وصلت للميسورين، كنت أظنّها ستصل، كانت لتسند خابية في هذه الأزمة، ولكن إسمي لم يرد ضمن الجدول”. بدأت معاناة إبراهيم، كما كثيرين مع الحجر، “نحن لا نهرب من الحجر، بل نرفض أن يحجرونا معيشياً، إن لم نعمل لا نأكل، ولا أحد ينظر الى حالنا”. يواجه الفقراء المصابون مصيرهم بالقهر، ككرة الثلج تتدحرج معاناتهم مع أوجاع “كورونا” من دون أن يجدوا من يداويها. ما يريده إبراهيم كما كثر “لفتة إجتماعية ولو ثمن أدوية مكافحة الوباء”. هو أب لثلاثة اولاد ومعيل لعائلة مكوّنة من عشرة أشخاص، إستدان لإجراء الفحوص المخبرية لعائلته التي سجّلت كلّها “كورونا”، هذا ناهيك عن صعوبته في تأمين الفيتامينات الضرورية وأدوية السعال والحرارة ومعها لقمة الأكل، يأسف “أنّنا نتلهّى في هذا الوطن بالأرقام، وننسى ما يحصل خلف الأبواب من معاناة وآلام وجوع”، ويسجّل عتبه على كلّ الفاعليات التي لا تسأل عن الفقير وتنسى حضوره. وعلى حدّ قوله، “لا يتذكّروننا الا بالإنتخابات، و”كورونا” عرّاهم على حقيقتهم”.