IMLebanon

الحريري يرفض إعطاء “الثلث المعطل” لأحد!

كتب عمر البردان في “اللواء”:

أحدث اللقاء الذي عقد، أمس، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، خرقاً في جدار الأزمة المتعلقة بعملية تشكيل الحكومة، بعدما أمكن حلحلة بعض العقد التي كانت تؤخر الولادة الحكومية من خلال تشكيلة من 18 وزيراً اختصاصياً قدمها للرئيس عون. وإذ وصف الرئيس الحريري هذا اللقاء بـ«الإيجابي»، فإن معلومات «اللواء» قالت أنه تم التوافق على تكثيف المشاورات في الأيام المقبلة، من أجل التغلب على العقبات التي لا تزال تعترض التأليف. لكن الرئيس المكلف كان حازماً برفضه أن يكون الثلث المعطل مع أي فريق، ما يعني أن حصة رئيس الجمهورية وفريقه السياسي لن تتجاوز ستة وزراء على أبعد تقدير، وإن تم صرف النظر عن المداورة في توزيع الحقائب، بعد عودة القديم إلى قدمه إذا صح التعبير.

وإذ تؤكد أوساط سياسية أن العبرة في تنفيذ ما تم التوافق عليه، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، فإنها تشدد على أن وجود حكومة بات أمراً ضرورياً لا يحتمل أي تأجيل، خصوصاً وأن هناك استحقاقات داهمة لا تنتظر أي تأخير لا بد من التعامل معها بكثير من المسؤولية، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي والمالي. وقالت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحمل معه تفويضاً أوروبياً بأن باب المساعدات للبنان، مرتبط بتشكيل حكومة موثوقة قادرة على استعادة الثقة الخارجية بلبنان ومؤسساته. وسيشرح الرئيس ماكرون للمسؤولين اللبنانيين الذين سيلتقيهم خطورة المسار المستقبلي للوضع في لبنان، إذا بقيت الأمور على ما هي عليه دون معالجة.وهذا ما يفرض التسريع برأي الفرنسيين في المعالجة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والمالية.

وتلفت الأوساط، إلى أن هناك تحديات بالغة الأهمية تنتظر الحكومة الجديدة، لا يمكنها التصدي لها دون وقوف الأشقاء والأصدقاء إلى جانبها. وهذا الأمر لا يتحقق كما تقول هذه الأوساط، إلا من خلال التزام الحكومة الجديدة بخارطة طريق المبادرة الفرنسية، بشقيها الاقتصادي والمالي. وعندها سيجد لبنان الطريق معبدة أمامه للحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي، بعدما تكون ظهرت نتائج هذا الالتزام، معطوفة على إعادة قراءة لمواقفه السياسية التي أخذته بعيداً عن محيطه العربي، ما يفرض السعي الدؤوب لفتح صفحة جديدة مع الدول العربية، سيما الخليجية منها التي تأخذ على لبنان ارتماءه في الأحضان الإيرانية، وفقاً لأجندة «حزب الله» الذي لم يوفر مناسبة، إلا وكان يهاجم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ما دفع الخليجيين إلى الابتعاد عن لبنان، والاستنكاف عن مساعدته للخروج من الأزمة.

لا عودة للحضور الخليجي إلى لبنان بالزخم الذي كان عليه

ولا تخفي أوساط مصادر دبلوماسية القول لـ«اللواء»، أن صعوبات تواجه استعادة لبنان للاحتضان العربي الذي كان ينعم به قبل أن يحصل هذا التغيير الجذري في الموقف اللبناني من الأجندة الإيرانية، على حساب المصالح العربية. وبالتالي فإن الدول الخليجية تحديداً لا يمكن أن تغير موقفها هي الأخرى من لبنان، إذا لم تلمس قولاً وفعلاً بوجود حكومة لبنانية مستقلة لا هيمنة إيرانية عليها، كما هي حال الحكومات السابقة، في ظل وجود موقف أميركي متشدد حيال مشاركة «حزب الله» بالحكومة الجديدة، متزامناً مع تمسك واشنطن بسلاح العقوبات في وجه «حزب الله» والأذرع الإيرانية في المنطقة، وهو مسار منفصل برأي المصادر منفصل عن بقية المسارات، مشددة على أن الأميركيين مصرون على معاقبة كل الشخصيات اللبنانية التي يثبت أنها قدمت دعماً سياسياً أو مالياً للحزب وحلفائه.

وتجزم المصادر، أن لا عودة للحضور الخليجي إلى لبنان بالزخم الذي كان عليه، إلا إذا اقتنعت عواصم دول مجلس التعاون، بحصول تبدل ملموس في سياسة لبنان الخارجية تجاهها، في ظل استمرار التحفظات الخليجية على الأداء الرسمي اللبناني من مواقفه غير المبررة من الاعتداءات الإيرانية التي استهدفت السعودية، في رضوخ مرفوض لسياسة «حزب الله» التي سخرت الموقف اللبناني لمصلحة إيران وسياستها في المنطقة، وما تضمره من عداء مستحكم للعرب والخليجيين تحديداً، وهو الأمر الذي عمق الهوة بشكل كبير مع لبنان، وأفقده ما كان يميزه مع الدول الخليجية من علاقات ساعدته كثيراً في تجاوز الأزمات التي واجهته في المرحلة الماضية.

وتشير المصادر، إلى أن أي مساعدات قد يحصل لبنان عليها، في حال تشكلت حكومة ذات مصداقية، فستكون حصراً من قبل صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة، وليس من خلال ما كان يحصل في السابق، عندما كانت الدول العربية تهب لنجدته في الأزمات التي واجهته، بالنظر إلى تبدل الظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم. وهذا ما يفرض على المسؤولين اللبنانين أن يبادروا إلى اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتنفيذ الورقة الإصلاحية الفرنسية، لأنه بدونها سيغرق لبنان أكثر فأكثر، حتى لو تألفت حكومة جديدة من شخصيات غير حزبية. فالخطوة الأهم البدء بالإصلاحات لإنقاذ البلد من انهيار قد لا يبدو بعيداً.