IMLebanon

ترشيح “مفاتيح مكسورة” إلى الأوسكار يخفف أوجاع اللبنانيين

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية:

 

اختير فيلم “مفاتيح مكسورة”، للمخرج جيمي كيروز، لتمثيل لبنان في التصفيات الأولى لجائزة الأوسكار في فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، التي تُنظّمها أكاديمية فنون السينما وعلومها بهوليوود في نيسان المقبل عوض شهر شباط المعتاد، نتيجة تفشي وباء كورونا المستجد.

وقع اختيار وزارة الثقافة اللبنانية، بشكل نهائي، على فيلم “مفاتيح مكسورة” للمخرج جيمي كيروز، لينافس على مسابقة الأوسكار لعام 2021 عن فئة الفيلم الأجنبي، وذلك إثر منافسة بينه وبين فيلم “جدار الصوت” للمخرج أحمد غصين.

واستعرضت اللجنة الفنية المؤلفة من خبراء ومخرجين ونقاد سينمائيين والمدير العام للثقافة الأفلام التي قدّمت ترشيحها بحسب الأصول إلى المديرية العامة للثقافة واستوفت الشروط الفنية، واجتمعت بُعيد انتهائها لاختيار الفيلم الرسمي. وبعد المداولات تبين أن فيلم “مفاتيح مكسورة” حاز على النسبة الأعلى من الأصوات، ليمثّل لبنان رسميا في الأوسكار.

وعن اختيار الفيلم، قال رئيس لجنة اختيار الفيلم والمدير العام للثقافة علي الصمد “رغم الظروف الاستثنائية التي مرّت بها لبنان في العام الجاري، استمرّ العمل السينمائي بأهم المواصفات العالمية التي تؤكّد مجددا موقع لبنان على الساحة الدولية ودوره في هذا المجال، وأتت المنافسة هذا العام مشرّفة وصعبة لاختيار الفيلم الذي سيمثّل لبنان في الأوسكار”.

وأضاف: “الفيلم واعد من حيث الرؤية الإخراجية والقصة والسيناريو”، مؤكّدا أنّ “وزارة الثقافة اللبنانية وعلى الرغم من أنّه لم يكن هناك دعم في العام الحالي، إلّا أنّ العمل جارٍ لتوفير اعتمادات قصد دعم القطاع السينمائي في الأعوام المقبلة”.

والفيلم المتمسّك بالأمل أمام بشاعة الحرب، تنطلق حكايته حين تنكسر مفاتيح البيانو الخاص بـ”كريم” عازف الموسيقى، فيعجز عن إصلاحها بسبب تحريم تنظيم “داعش” الغناء والموسيقى. ليصبح عالقا بين حبه للموسيقى، وعدم قدرته على التعبير عنها، وهو الذي لم يتمكّن من مغادرة المنطقة المنكوبة التي يعيش فيها.

يقول بطل العمل طارق يعقوب: “الفيلم يتحدّث عن شخص يتعلّق ببصيص من الأمل ليبقى إيجابيا، وهذه حالنا جميعا الآن وهنا”، وأضاف عن رمزية هذا الترشيح: “أعتبر وجود عمل فنّي لبناني ضمن خارطة أهم الأفلام العالمية يشكّل مواساة في عزّ ما يمرّ به لبنان من محن”.

وتابع: “هناك ما يجلب الاطمئنان، فليس كل لبنان يتمثل بسياسييه ومحاصصيه الذين آلوا به إلى الهاوية، بل إن الكثير من المفكرين والفنانين يسعون دوما إلى تنقية صورته”.

وصُوّرت بعض أحداث الفيلم في الموصل بالعراق من أجل نقل صورة الدمار والواقع كما يفترض أن يكون، موثّقا مقاومة بعض الموسيقيين لقرار تحريم الفن في مشهدية سامية.

وأدّى دور البطولة في “مفاتيح مكسورة” إلى جانب طارق يعقوب كل من بديع أبو شقرا، رولا بقسماتي، منير معاصري، إبراهيم الكردي، جوليان فرحات، سارة أبي كنعان، عادل كرم، سعيد سرحان، غبريال يمّين، فادي أبي سمرا، حسّان مراد، ليلى قمري، ميشال أضباشي ورودريغ سليمان.

ويصف الممثل بديع أبو شقرا اختيار الفيلم لتمثيل لبنان في الأوسكار بـ”الانتصار للسينما اللبنانية”، وتابع: “السينما اللبنانية لديها نكهة خاصة باتت تُؤخذ في الاعتبار بالمهرجانات العالمية، وأصبح للبنان اسم بعد الأفلام التي برزت في مهرجان كان السينمائي والأوسكار ومهرجان دبي السينمائي، إضافة إلى الأفلام القصيرة التي تقدّم إنتاجات مهمة في المهرجانات العالمية”.

ويعترف قائلا إن “هذه السينما مبنية على مجهودات فردية، للأسف، إذ لا يمكننا أن نشكر الجهات الرسمية الغائبة والموجودة بالاسم فقط، في ظل غياب صندوق السينما كما صندوق المسرح وغيرهما. فهي قائمة على ركيزتين أساسيتين: الطموح للوصول إلى السوق الغربية، والنكهة التي يتميّز بها لبنان والتي تترجم في الفنون والسينما، على أمل أن تنعكس على الدراما اللبنانية في ظلّ طرح عدة مشاريع على الطاولة، والتي إن نفّذت فإنها لن تحجز لنفسها مساحة في الدراما العربية فحسب، وإنما ستصل أيضا إلى ما هو أبعد من ذلك”.

ويجسّد أبو شقرا في الفيلم دور مالك متجر لبيع أدوات الموسيقى تدمّر في الحرب، وهو يضيء من خلال الدور الذي قدّمه على فظائع الحرب والأطفال المشرّدين، وصولا إلى إبراز الشغف بالموسيقى رغم سوداوية المشهد الإنساني.

أما الممثل سعيد سرحان فتمنى أن يستكمل الفيلم طريقه ليصل إلى النهائيات، وأضاف: “لا يزال لبنان رغم كل الأحداث التي تحصل معه يعطي جانبا كبيرا من الاهتمام بالسينما والفنون، ويرفض الانصياع لكل ما يحاك ضده. النصر دوما للفكر والإبداع اللبناني”.

وشارك في الفيلم الفنان اللبناني العالمي غبريال يارد في الموسيقى التصويرية، وهو حائز على جوائز عالمية بينها الأوسكار، والغولدن غلوب، وبافتا، وغرامي، وقد بدت بصمته واضحة على الموسيقى التصويرية للعمل الذي احتفى بالموسيقى والموسيقيين.

وعرف الفيلم العديد من المصاعب أثناء التصوير وغداته، من ضمنها إصرار طاقمه توقيف التصوير لخمسة عشر يوما بعد عودتهم من العراق، حيث صوّر العمل في آخر منطقة هُزم فيها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ثمّ شهدت لبنان في أواخر العام 2019 العديد من الحرائق التي تسبّبت في تدمير عدد من الإكسسوارات، ليتوقّف التصوير ثانية مع اندلاع الثورة اللبنانية التي شارك فيها عدد من الفنيين والممثلين العاملين في الفيلم.

ومع الانتهاء من تصوير العمل فرضت جائحة كورونا على اللبنانيين البقاء في منازلهم وعدم مغادرة البلد بعد توقّف الرحلات من بيروت وإليها، فاضطرّ المخرج إلى التواصل مع الملحن عبر الإنترنت لإتمام وضع الموسيقي التصويرية للفيلم، ومع ذلك تمّ اختيار العمل للمشاركة في مهرجان كان السينمائي أولا، ثم ترشيحه لتمثيل لبنان في القائمة الأولية لجائزة الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي، الأمر الذي عدّه طاقم العمل “بادرة انتصار للسينما اللبنانية”.

و”مفاتيح مكسورة” هو ثالث الأفلام اللبنانية التي تم ترشيحها لتمثيل لبنان في الأوسكار، حيث كان “قضية رقم 23” للمخرج زياد دويري أوّل فيلم يتأهل للمنافسة النهائية على الجائزة العالمية كأفضل فيلم أجنبي وذلك في العام 2017، تلاه فيلم المخرجة نادين لبكي “كفرناحوم” الذي لم يسلك طريقه نحو ترشيحات الأوسكار فحسب، بل وقع ترشيحه أيضا لجائزة أفضل فيلم أجنبي في حفل “غولدن غلوب”. ومع ذلك لم يفوزا بالجائزة، فهل يحقّق فيلم “مفاتيح مكسورة” لكيروز ما عجز عنه مواطناه؟

وفي وقت سابق أعلنت الجزائر ترشيح فيلم “هليوبوليس” للمخرج جعفر قاسم للجائزة، فيما اختار السودان فيلم “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبو العلاء، واختارت فلسطين فيلم “غزة مونامور” (غزة حبيتي) للأخوين عرب وطرزان ناصر، كما اختارت تونس فيلم “الرجل الذي باع ظهره” للمخرجة كوثر بن هنية، ووقع اختيار المغرب على فيلم “معجزة القديس المجهول” للمخرج علاء الدين الجم ليمثلها في المسابقة التي يقام حفل إعلان توزيع جوائزها، الأحد 25 نيسان 2021، في لوس أنجلس في ولاية كاليفورنيا.