IMLebanon

ماكرون يقلّص زيارته “استياءً”.. وصمت الحريري لن يطول

كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية”:

تبادل «اللوائح الوزارية» المستغرب دستورياً، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي حصل امس الاول، سكب الماء البارد على المساعي الفرنسية والأوروبية الضاغطة من اجل تشكيل حكومة انقاذ لبنان، الغارق في بحر الظلمات السياسية.

المماطلة الظاهرة عائدة في جانب منها، الى المحاصصة الطائفية والحزبية المعقدة، والتي تستقي وجودها وديمومتها من مناخ الفساد المستشري، وفي جانب آخر، قد تكون له الأرجحية، متصل برغبة خفية دولية وإقليمية، في عرقلة تطلع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومن خلفه الاتحاد الأوروبي الى تشكيل الحكومة قبل زيارته الى بيروت في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، والأهم، وربما هنا بيت القصيد، قبل تسلم إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن، مقاليد البيت الأبيض. وقد تبلغت السلطات اللبنانية ان زيارة ماكرون الى لبنان باتت محصورة بيومين بدلا من ثلاثة ايام وانه يصل بعد ظهر 21 الجاري، وينتقل الى مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة، حيث يمضي ليلته، على ان يعود في اليوم التالي الى قصر بعبدا، ومنه توا الى المطار، لاغيا الاجتماع مع الفاعليات السياسية في قصر الصنوبر، في خطوة معبرة، كما يبدو عن الاستياء من فقدان الحس الوطني لدى بعض هؤلاء السياسيين، المرتبطين بمصالح خارجية.

بعض المصادر المتابعة في بيروت تفضل النظر الى التعقيدات المتمادية لولادة الحكومة، من هذه الزاوية، زاوية التجاذبات الأميركية – الإيرانية، بعدما حولت ايران لبنان الى واحد من اكبر متاريسها الاقليمية بوجه محيطه العربي وعلاقاته الدولية. فقد أعاد اللقاء التناقضات الى هيكل بناء الحكومة، بين حكومة من 18 وزيراً يريدها الحريري من دون ثلث معطل، او من 20 وزيرا يريدها عون، مع التأكيد والإصرار، على مطلب وحدة المعايير في التسوية وفي توزيع الحقائب للحصول على حقيبة الطاقة وعلى الثلث المعطل في الحكومة.

الفريق الرئاسي نظر الى التشكيلة التي رفعها اليه الرئيس المكلف، كما لو انها، حكومة «أمر واقع»، وحزب الله الملتزم بسياسة الصمت، انتقد، عبر منابره تشكيلة الحريري، لأنه اختار وزيرين من بيئته، دون التشاور معه.

لهذا كله، قرر عون الرد على التشكيلة بمثلها، من خلال الطرح الذي قدمه له، والذي اعتبره «متكاملا ويتضمن توزيعا للحقائب على اساس مبادئ واضحة».

المصادر المتابعة ارتأت انه كان على الرئيس المكلف التحفظ على الطرح المضاد، لأن الفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور اللبناني تنص على ان رئيس الجمهورية «يصدر بالاتفاق مع رئيس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، ومراسيم قبول استقالة الوزراء او اقالتهم» ولا يتحدث عن «الشراكة» التي اشار اليها بيان القصر الجمهوري!

وتقول قناة «الجديد»، ان الرئيس عون لغم التشكيلة الوزارية لتنفجر عن بعد، مستخدما حزام الأحزاب الناسف وغلّف الأمر بالرؤية والطرح وما سماه توزيع الحقائب على اساس مبادئ واضحة، فيما الغاية هي «الثلث المعطل»، فإذا وافق الحريري كان به، وإلا فليحمله مسؤولية التعطيل..!

لكن المصادر المتابعة اشارت لـ«الأنباء» الى ان صمت الحريري لن يطول، ولا القوى السياسية، وفي طليعتها حلقة رؤساء الحكومة السابقين، الذين عادوا الى التجمع والتحرك اعتبارا من نهاية هذا الأسبوع، مفسحين المجال للرد الرئاسي على تشكيلة الحريري، ليبنى بعدئذ على الأمر مقتضاه.

وتقول المصادر، ان الطرح الذي قدمه الرئيس عون، ليس الجواب الذي كان ينتظره الحريري على التشكيلة التي سلمها اليه، فضلا عن انها المرة الاولى يقابل فيها رئيس الجمهورية تشكيلة وزارية مرفوعة اليه، بتشكيلة مقابلة من جانبه ولو بدون اسماء، وتساءلت بقولها: لماذا كلفتم الحريري بتشكيل الحكومة اذن؟

بيد ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وصف ما جرى «بالبداية الجيدة» وقال: «لقد خرجنا من الدائرة الأولى وعلى الرئيسين عون والحريري اكمال الحوار لتشكيل الحكومة».

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كان غرد اثر زيارة الحريري الى بعبدا متسائلا: هل نبقى بانتظار الدخان الأبيض، لكن سرعان ما سحب تغريدته وألحقها بأخرى تضمنت في كلامه عن حماة الديار غمزا من قناة النائب طلال ارسلان الذي اعتبر عدم تعيين وزيرين درزيين، احدهما له، تجاهلا للطائفة الدرزية.