كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن:
يبدو واضحاً أن عواصم القرار تعمل وتفكّر بالملف اللبناني أكثر من زعماء الداخل الذين يستمرون باتباع السياسة نفسها وكأن لا أزمة في البلاد.
ينتظر الشعب اللبناني مجيء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمعرفة ما إذا كان سيحمل أي جديد مع استبعاد هذا الإحتمال، في وقت شهدت موسكو حركة سياسية لافتة لكنها تبقى في إطار إستطلاع الأوضاع، بانتظار أن يستلم الرئيس جو بايدن رسمياً مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الاميركية وتُرسم خطوط السياسة الأميركية الجديدة.
وفي هذه الأثناء، تحاول موسكو ملء الفراغ لكن من دون أن تغطس في الوحول اللبنانية أو ان تكون مع فريق ضدّ آخر، وشهدت العاصمة الروسية لقاءات سياسية عدّة حيث زارها النائب السابق أمل ابو زيد الأسبوع الماضي لنقل موقف رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل للمسؤولين الروس، كما كانت هناك زيارة لمستشار الرئيس المكلّف سعد الحريري، جورج شعبان، إلتقى خلالها عدداً من المسؤولين وأطلعهم على وجهة نظر الحريري وحراكه من أجل تأليف الحكومة. وإضافةً إلى أبو زيد وشعبان فقد عُقد لقاء مطوّل بين نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس بوتين في الشرق الاوسط وافريقيا ميخائيل بوغدانوف وسفير لبنان لدى روسيا شوقي بو نصار جرى خلاله عرض الأزمة اللبنانية من كل جوانبها.
وتؤكد مصادر دبلوماسية لـ”نداء الوطن” أن الروس قلقون بشكل كبير على مصير لبنان، ويُعبّر بوغدانوف عن خشيته من أن يؤدي غياب التفاهمات الداخلية الى إطالة أمد الفراغ الحكومي ما يُسبب مزيداً من التدهور السياسي والإقتصادي يوصل البلد إلى جحيم كبير.
وأمام كل ما يحصل، تترقّب موسكو تطور الأوضاع الداخلية إضافةً إلى الوضع الإقليمي، لكن ورغم الحذر الروسي، إلا أن المصادر الدبلوماسية تُشدّد على أن لا مبادرة روسية خاصة بالنسبة للوضع اللبناني تؤدّي إلى خريطة طريق لحل الأزمة، لكنّ هناك تنسيقاً مع الفرنسيين خصوصاً ان ماكرون سيزور لبنان خلال الأيام المقبلة، في حين أن التوقعات الروسية بامكان تحقيق خرق معين للرئيس الفرنسي محدودة لأن العراقيل أمام مهمته كبيرة جداً، إن كانت داخلية بسبب تشبث الأفرقاء الداخليين بمواقفهم، أو خارجية بسبب التشدّد الأميركي الكبير.
وتعرب موسكو عن رغبتها في مساعدة لبنان للخروج من أزمته السياسية والإقتصادية والمالية، لكنها في المقابل لا تريد الضغط على طهران للتسهيل قبل معرفة الموقف الاميركي الجديد، خصوصاً انها تعتبر أن ليونة طهران إن تحققت لا تكفي وحدها لتحقيق الخرق المنشود لأن الكلمة الأساس للأميركيين وليس للإيرانيين في لبنان.
تعمل روسيا على أكثر من ملف، وإذا كان تركيزها الأساسي على الملف السوري إلا أنه لا يغيب عن بالها الصراع بين أرمينيا وأذربيجان والذي انفجر في إقليم قره باغ، وفي السياق، فقد علمت “نداء الوطن” من مصادر دبلوماسية أن السفير بونصّار عرض مع بوغدانوف خلال اللقاء ملف بعض المواطنين اللبنانيين الأرمن المفقودين في إقليم قرة باغ، جراء الأحداث الأخيرة التي شهدها الإقليم وسجن السلطات الأذربيجانية عدداً منهم، بينما هناك أشخاص لم يكشف مصيرهم بعد، وطلب من بوغدانوف مساعدة بلاده لمعرفة مصيرهم وضمان سلامتهم وتأمين حقوقهم الأساسية، ووعد بوغدانوف بالمساعدة العاجلة.
كذلك طالب بو نصار بوغدانوف بضرورة إيجاد حل لوضع الطلاب اللبنانيين في الجامعات الروسية إن لناحية السماح بعودتهم الى روسيا او عدم اتخاذ أي اجراءات عقابية بحقهم، في حال التأخر عن دفع الاقساط للجامعة او لسكن الطلاب.