IMLebanon

حركة بلا بركة عشية الأعياد… و”السوق للفِرجة”

كتب رمال جوني في صحيفة نداء الوطن:

لم تُسعف الأعياد الأسواق، لم تنعشها ولم تحرّك عجلتها، بقيت متوقّفة تحتضر، فالأسعار الكاوية حالت دون قدرة أي مواطن على الشراء. الشوارع “مليانة” والمحلّات “فاضية”، وإن حضر الناس فـ” للفرجة”، خلافاً للسنوات الماضية حين كان للعيد بهجة. فأعياد هذه الأيام تتزامن مع أزمات معيشية مستعصية لم تشهدها الأسواق ولا الناس سابقاً. حتى في عزّ الحرب كانت السيولة متوافرة، والجيبة “مليانة”، على حدّ قول أحد المواطنين، في حين يرى صاحب أحد المحال أنّ “الأزمة الإقتصادية أرخت بثقلها على حركة الأعياد، لم تحرّك البيع قيد أنملة وبالكاد نبيع قطعة، وهذا حتماً سيرتدّ على حركة العمل، ويدفع بكثر للإقفال”. عشرات المحال التجارية أقفلت أبوابها، والعشرات أيضا ستلحق بها عمّا قريب. فبحسب أبي علي، صاحب محلّ لبيع الألبسة، “نتكبّد خسائر كبيرة، أجرة محل، إشتراك، أجرة عاملة، كهرباء، ونشتري البضائع على سعر صرف السوق السوداء، فيما اللبناني يتقاضى راتبه على اللبناني، ما أحدث هوّة كبيرة بيننا وبين الزبون”، ولا يُنكر “أنّ الزبون معش قادر يعيش، كيف بدو يشتري قطعة تياب؟”.

لا مؤشّر إيجابياً في الأفق، صحيح أنّ التجّار يعوّلون على الأيام المقبلة علّها تحمل فرجاً أو تفرج عن رغبة الناس بشراء ولو قطعة ملابس، غير أنّ المعطيات تؤكّد أنّ شيئاً لن يتبدّل أو يتغيّر، فتفكير الناس ينصب على آلية مواجهة غلاء الأسعار واستعار حمى تفشّي “كورونا”، وبينها لا رغبة بشيء، وِفق ما يؤكّد مصطفى الذي يأسف “أن تغيب أجواء الميلاد عن النبطية، حتى شجرة الميلاد غابت، بالرغم من حضورها في السنوات الماضية، وهذا برأيه ينعكس على “نفسية المواطن الذي يرزح تحت كمّ هائل من الهموم، يحتاج الى نقطة فرح ولو صغيرة”. الكل يئنّ ويطمح الى رسم سيناريو فرح وِفقاً لأهوائه، فالتاجر يريد تحقيق مكاسب تؤهّله للبقاء صامداً لمدّة أطول، وِفق قول محمد زيدان صاحب متجر لبيع الأحذية في النبطية، يأمل “في حصول إنفراج ما في كوّة الأزمات، لنرتاح قليلاً”، لا يخفي أنّ الأزمة ضيّقت الخناق عليهم كثيراً، باتوا يخشون شراء البضائع لصعوبة تصريفها، ناهيك عن الخسائر التي يسجّلونها “فرق عملة”، ويسأل: “إذا كانت الاعياد لا تحمل انفراجاً فهل نعوّل على الأيام العادية”؟ في عملية حسابية بسيطة، ثمن البنطال الواحد تجاوز الـ١٠٠ الف، أي بمثابة عمل لثلاثة أيام ونصف لأي مياوم في البلد، وبالتالي شراؤه يصبح صعباً ولو كان مضطرّاً.

حتّى الضروريات لم تعد مباحة هذه الأيام على ما يقول أحدهم، فالمجد “للفرجة”، الناس خرجوا من حجرهم ليتفرّجوا على الغلاء الذي بات يقضّ مضاجع أحلامهم، حتّى أمنياتهم بشراء سندويش باتت من المحرّمات، فأي سندويش تخطّى سعره العشرة آلاف أي بمعدّل ربع عمل يومي للمياوم، ومعه يبدو أنّ صعوبات الحياة ستكون ثقيلة جداً، وتحتاج الى مخلّص ينقذ الناس من فساد السلطات المتعاقبة.

خابت آمال التجار، ظنّوا أنّ حلحلة عقدة السير الخانقة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الماضية ستنعش الأسواق وتدفع الناس الى الشراء، غير أنّ حساباتهم لم تتطابق مع حسابات الناس، فالأزمة دفعت بهم للشراء “بالقطارة”، وبالرغم من حركة السوق القوية إلا انّها حركة بلا بركة على حسب ما قال أحد التجار الذي يعوّل على الأيام المقبلة لتتحرّك عجلة السوق، بالرغم من تأكيده “أنّ الناس باتت ترى في شراء الملابس آخر أولوياتها، فالأزمات المتلاحقة لم تترك لأحد أن يفكّر سوى بلقمة العيش”. وبالرغم من كلّ الإنكماش الذي يسيطر على السوق، يبقى قول أبو علي، صاحب بسطة لبيع البلح “بتفرج، ما رح تبقى الأزمة هيك ، بتفرج”. دعاء علّ ساسة الوطن ينظرون الى حجم مأساة الناس، ويتراجعون عن سياسة النهب.