IMLebanon

لقاء عون ـ الحريري: تفاؤل لرفع العتب أم حكومة قريبة؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

في كل دول العالم يخرج المسؤول من اجتماعه معلناً للرأي العام اما الاتفاق على أمر ما أو فشل مساع متعلقة بأمر ما الا في لبنان. ليست المرة الاولى التي يخرج فيها الرئيس المكلف سعد الحريري من اجتماعه مع رئيس الجمهورية ميشال عون معلناً أن الاجواء ايجابية، ومبشراً بمزيد من اللقاءات المتتالية التي ستجمعهما في الايام المقبلة. أتمّ الحريري فترة الشهر على تكليفه وكلّلها بزيارة رقمها 13 إلى بعبدا. الرقم بحد ذاته مصدر شؤم لكثيرين في الايام العادية فكيف اذا صودف في لبنان وفي ظل ايام حالكة السواد كالتي نعيش. أبعد من الوعود لم يخرج عن الإجتماع ما يبشر بولادة قريبة للحكومة. كان واضحاً انها زيارة عتب ورفع العتب. ولولا تدخل بكركي والفرنسيين لما شاهدنا الحريري مجدداً في بعبدا.

إتصل القصر الجمهوري طالباً زيارة الحريري للاجتماع مع الرئيس فلبّى، من دون ان يحمل في جعبته اي اضافة على اجتماعه الاخير. بالمقابل لم يبد عون استعداداً للتنازل عما يعتبرها المكتسبات لرئيس الجمهورية والمكرسة بالدستور. اصل الحكاية لا ينحصر بحكومة مهمة لستة اشهر. واهمٌ من يتصورها على هذا النحو. الاساس هو ما قاله رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل للبطريرك الراعي في زيارته الاخيرة: “يا سيدنا انت بتحملها نكون نحنا برا والآخرين يتقاتلوا علينا. وبتقبل يكون رئيس الجمهورية مستضعف والحريري يعمل ما يحلو له، وماذا لو حصل فراغ رئاسي ومن سيحكمنا حينذاك؟”، اكثر من مرة كرر الراعي عبارته “العوذ بالله” على اساس انه اقتنع، وإذ بعظة بكركي تأتي بسياق مختلف وتقف على حد الخط الوسط بين الرئيسين.

وفي حين غلبت الاجواء الايجابية ووعد الحريري بحكومة تستبق الميلاد، استبعدت مصادر سياسية معنية تشكيل الحكومة، وقالت ان الحكومة رُحّلت شكلاً ومضموناً الى ما بعد الاعياد وتحدثت عن مزيج من العراقيل الداخلية والاقليمية، ما يجعل تشكيل الحكومة صعباً في ظل الادارة الاميركية الحالية بالنظر الى الشروط التي يطوق بها الاميركيون الرئيس المكلف. اما العراقيل الداخلية فهي تلك المتصلة بغياب الود بين عون والحريري ولذا يستبعد حصول اي تغيير مرتقب في المواقف، ليكون الاهتمام منصباً على عاملين اساسيين هما العامل الاجتماعي وكلام الحاكم المركزي رياض سلامة، الذي يتوقع منه ترحيل عملية رفع الدعم الى فترة شهرين على الاقل وتجميد الازمة، والعامل الامني وهو الاهم حيث الخشية من التفلت الامني لا تزال قائمة، خصوصاً وان الساحة اللبنانية لا تزال مفتوحة لأي خرق امني محتمل وقد بدأنا نشهد بالفعل حوادث امنية متفرقة كان آخرها استهداف المغدور جوزيف بجاني. أما في الموضوع الحكومي فحتى “حزب الله” الذي ابدى استعداده للتدخل لا يبدو متفائلاً بامكانية نجاح اي مسعى لتقريب وجهات النظر بين عون والحريري، فيما نفذ رئيس “التيار الوطني الحر” رده على الاميركيين عملياً بالاتصال المطول مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، حيث تم الاتفاق على تحصين تفاهم مار مخايل وتعزيز بنوده وتوضيحها، وتقول المعلومات هنا ان الطرفين بصدد صياغة “نيو تفاهم مار مخايل” مشترك بينهما، واعادة التأكيد وتفصيل اكبر لبعض البنود العمومية ولا سيما تلك المتعلقة بمطلب مكافحة الفساد، على أمل أن يصار الى بلورة رؤية اقتصادية موحدة للخروج من الازمة الاقتصادية. أما الحريري الذي زار بعبدا مصرّاً على تشكيلته الحكومية فقد بات مؤكداً لخصومه انه ليس بصدد تشكيل حكومة قبل جلاء الموقف الاميركي في ضوء تسلم الادارة الجديدة.

لعلها من المرات النادرة التي تلتقي آراء القوى السياسية على اعتبار ان اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري لا يشكل ازمة اكبر من الازمة التي نعيشها اليوم. ماذا لو اعتذر الحريري كان السؤال، اما الاجابات فحملت في مضمونها استياء مريباً لدى بعض القوى نتيجة سلوك الحريري. لكن الحريري ذاته وحتى الساعة لا يبدو في وارد الاعتذار لألف سبب وسبب. باستمراره في التكليف يحصن الحريري نفسه داخل عائلته والطائفة، يحافظ على وجوده في الحياة السياسية، ويكون شريكاً في اي حل ممكن لازمة البلد سواء اعتبرناها ازمة حكم او ازمة نظام، هذه وحدها تكفيه ليكون رئيساً مكلفاً حتى آخر العهد، حتى ولو قضى فترة العامين المتبقية من عمر عهد الرئيس ميشال عون رئيساً مكلفاً وليس مؤلفاً. فهل يمكن ان تحدث المعجزة فيتم تجاوز كل ما تقدم فيصدق الوعد الحكومي ام تراه تفاؤلاً هدفه رفع مسؤولية التعطيل؟.