IMLebanon

عودة السجالات بين “الحر” و”المستقبل”

كتب راشد طقوس في “اللواء”:

عادت السجالات بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل حول صلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فيما يتعلق بتشكيل الحكومة.

التيار الوطني الحر يستند إلى الفقرة ٤ من المادة ٥٣ من دستور الطائف المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية والتي تنص على ما يلي «يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة…».

في حين يتمسّك تيار المستقبل  بالفقرة الثانية من المادة ٦٤ المتعلقة بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء والتي تنص على ما يلي «رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة… يجري الإستشارات النيابية لتشكيل حكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها».

لمعرفة المسؤول عن تشكيل الحكومة لا بد من العودة إلى بعض النصوص الواردة في دستور الطائف وأخرى واردة في دستور ١٩٢٦.

فقد نص البند الأول من المادة ٦٤ من دستور الطائف الوارد ضمن عنوان «رئيس مجلس الوزراء» على ما يلي «رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم بإسمها ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء…».

ونصت المادة ٦٠ من دستور ١٩٢٦ المعدل سنة ١٩٤٧ على ما يلي « لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته إلا عند خرقه الدستور أو في حال الخيانة العظمى…».

دستور ١٩٢٦ كان فيه خلل فيما يتعلق بالمسؤولية، رئيس الجمهورية كان يمارس السلطة التنفيذية ويعين الوزراء ويسمّي منهم رئيسا ويقيله ويقيل الوزراء ومع كل هذه الصلاحيات لا تبعة أو مسؤولية على رئيس الجمهورية إلا عند خرقه الدستور أو الخيانة العظمى، أما المسؤولية الكاملة فكانت تقع على رئيس الحكومة الذي ليس لديه أي صلاحيات وعلى الوزراء.

دستور الطائف أعاد الأمور إلى نصابها أخذ الكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية وأعطاها إلى رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء مجتمعا وأبقى على نص المادة ٦٠ من الدستور أي لا تبعة ولا مسؤولية على رئيس الجمهورية بل المسؤولية تقع على رئيس مجلس الوزراء الذي يمثل الحكومة ويتكلم بإسمها وينفذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء وفقا لما ورد في نص البند الأول من المادة ٦٤ من دستور الطائف يقتضي إستنادا للمواد الواردة أعلاه تحديد من يشكّل الحكومة.

من المبادئ العامة التي لا خلاف عليها أن المسؤولية تقع على من يقوم بتنفيذ الشيء أي المسؤول عن تنفيذ القرارات ولا مسؤولية على من لا يملك الصلاحيات التنفيذية، والتطبيق العملي لهذا المبدأ بالنسبة لتشكيل الحكومة أن صلاحية تشكيلها تعود للمسؤول عن تنفيذ سياسة الحكومة والمنطق القانوني يقول بأنه لا يمكن إعطاء صلاحية تشكيل الحكومة لمن ليس له أي دور في تنفيذ سياسة الحكومة، فكيف يمكن مساءلة رئيس مجلس الوزراء عن أعمال وزراء في حكومته لم يكن له أي دور في إختيارهم.

بل أكثر من ذلك لا يعرف أسماءهم إلا عند طباعة مرسوم تشكيل الحكومة كما حصل مع بعض الوزراء لدى تشكيل حكومة حسان دياب.

وهذا ينطبق على رئيس الجمهورية فلا يمكنه أن يفرض على الرئيس المكلف وزراء ولاءهم لفخامة رئيس الجمهورية في حين يتحمّل المسؤولية عن أخطائهم رئيس الحكومة، وبالنسبة لنص الفقرة ٤ من المادة ٥٣ من دستور الطائف التي تنص على أن رئيس الجمهورية يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة فإن هذا النص لا يجيز لرئيس الجمهورية فرض أسماء وزراء أو حقائب معينة على الرئيس المكلف، صحيح أن مرسوم تشكيل الحكومة لا يصدر بدون موافقة رئيس الجمهورية ولكن أمام فخامته عدة إحتمالات، الأولى الموافقة على التشكيلة الوزارية التي قدّمها الرئيس المكلف، والثانية رفضها كليا والثالثة طلب تعديلها وفي الحالتين الأخيرتين يقوم الرئيس المكلف بدراسة ملاحظات رئيس الجمهورية وهو أي الرئيس المكلف إما أن يصرّ على التشكيلة التي قدّمها أو يقوم بإعداد تشكيلة جديدة أو تعديل التشكيلة ثم يعرض ما توصل إليه مجددا على رئيس الجمهورية وفي هذه يتحمّل هذا الأخير مسؤولية عدم تشكيل الحكومة.