IMLebanon

معهد أبحاث دولي: تركيا أخفت أرقام “كورونا” الحقيقية

كشف معهد أبحاث دولي عن قيام السلطات التركية بالتمويه وإخفاء الحقائق بخصوص أرقام الإصابات الحقيقية بفيروس “كورونا” بهدف تلبية المطالب السياسية والاقتصادية.

وقال معهد مونتاني للبحوث والدراسات، ومقرّه في باريس، في ورقة كتبها الباحثان التركيان سولي اوزيل و إيفرين بالتا، إن الحكومة التركية “نفّذت منذ بداية الوضع الوبائي عمليات عديدة تهدف إلى التمويه ورسم صورة من النجاحات في مواجهة الفيروس، من خلال تحوير البيانات الإحصائية”.

وأضاف: “خلال الموجة الأولى، جرى احتساب المرضى الذين ثبتت إصابتهم فقط، فيما جرى استبعاد المرضى الذين كانت نتائج فحوصاتهم سلبية ولكن جرى تشخيص إصابتهم بالفيروس عن طريق الأشعة السينية والفحوصات السريرية. مع انتشار الوباء، وعلى الرغم من زيادة قدرة الاختبار، فشلت السلطات في تنفيذ برنامج اختبار منهجي، وغيرت بروتوكولات الاختبار مرات عدة.”

وتابع: “خلال الصيف، كشفت التسريبات من المستشفيات أن البروتوكولات قد تغيرت ولم يعد بإمكان الأطباء اختبار حالات الاتصال بدون أعراض لمرضى “كورونا”، وأصبح من المستحيل تقريبًا على المواطن العادي الخضوع للاختبار من دون إظهار أعراض كبيرة”.

وسجّلت تركيا حوالي مليوني إصابة وأكثر من 17 ألف حالة وفاة جراء الإصابة بالفيروس، وفقًا لجامعة “جونز هوبكنز”.

وأشار التقرير البحثي إلى أن “الاستراتيجية الأكثر إثارة للجدل التي ابتكرتها الحكومة هي تغيير مصطلحات البيانات المنشورة. فمنذ 29 تموز، تخلت التقارير اليومية التي تنشرها وزارة الصحة عن الوضع الوبائي في البلاد عن مصطلح “الحالات” واستبدله بمصطلح “المرضى”. مر هذا التغيير أولًا من دون أن يلاحظه أحد نسبيًا قبل ظهور المخالفات بمرور الوقت وارتفاع نسبة الوفيات، فضلًا عن عدد المرضى في الوضعيات الحرجة.”

وكان وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة قال، في 30 أيلول الماضي، إن الأرقام الرسمية الصادرة لم تشمل الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس لكن لم تظهر عليهم الأعراض، موضحًا أن كل الأرقام المقدمة منذ ذلك التاريخ تتحدث عن “مرضى” وليس “حالات”، مؤكدًا أن الحكومة التركية غيرت إحصاءها بالكامل من دون إبلاغ الرأي العام.

وكشفت الورقة البحثية عن وقوع منظمة الصحة العالمية في فخ الإحصاءات التركية غير الحقيقية، قائلةً: ”لم تذكر الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية حقيقة أن الحالات المسجلة في تركيا لا تشمل من لم تظهر عليهم الأعراض، حتى بعد أن أعلنت تركيا رسميًا ذلك. كما لم تضف المنظمة أي ملاحظة أو تحذير”.

وأضاف التقرير البحثي: “ولأشهر عدة كان لدى تركيا رسميًا حالات أقل من النمسا والمجر وصربيا – ثلاث دول أقل كثافة سكانية من تركيا. وبدلًا من ذلك، فيما هنأت منظمة الصحة العالمية تركيا على جهودها في مكافحة “كوفيد-19″ وسلّطت الضوء على الزيادة الكبيرة في عدد الفحوصات التي تم إجراؤها وسياسة عزل جميع حالات الإصابة، ليعلن أخيرًا مكتب منظمة الصحة العالمية في تركيا أن المنظمة لم تكن على علم بأن الأرقام التي قدمتها تركيا تشمل المرضى فقط، وليس الحالات”.

ولفت إلى أن “هذه الأرقام التي تحصي المرضى فقط، وليس الحالات الإيجابية، لم تؤد إلى تنفيذ إجراءات جادة على الرغم من التحذيرات العديدة من المهنيين الصحيين والنقابة الطبية التركية، والتي اعتبرتها الحكومة محاولات لزعزعة استقرار سياستها لمحاربة الوباء. حتى أن زعيم أحد أحزاب الأغلبية الحاكمة، دولت بهجلي، اتهم الجمعية الطبية التركية بنشر معلومات كاذبة وإثارة الذعر، ودعا إلى إغلاقها إداريًا، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الروح المعنوية بين المهنيين الصحيين”.

وفي أوائل آب، قالت الجمعية الطبية إن بياناتها أظهرت أن العدد الحقيقي للحالات المؤكدة لـ”كورونا” في البلاد أعلى من الأرقام الرسمية، واتهمت الحكومة بعدم الشفافية. وتقول الجمعيات الطبية إن الحكومة لا تزال تحاصر المعلومات حول الوباء، ولم تصدر السلطات بانتظام أعداد حالات الوفاة والوفيات موزعة حسب المدينة.

ووصف التقرير البحثي التعامل الرسمي التركي مع الجائحة بأنه “مثال واضح على حقبة ما بعد الحقيقة التي أصبحت فيها السياسة جزءًا لا يتجزأ، حيث لم يعد للواقع صلة بالحقائق ويجري تحويله من أجل تلبية المطالب السياسية والاقتصادية”.