IMLebanon

تجدد المساعي لتشكيل الحكومة قبل تسلّم بايدن

كتب عمر حبنجر في جريدة الأنباء الكويتية:

هدأ محور تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، بعد سلسلة نكسات سياسية، ضائعة النسب، بين داخل مرتبط بالخارج، كما يقول البطريرك الماروني بشارة الراعي، وخارج ممسك بتلابيب الداخل، كما هو واقع الحال، بالمقابل تحرك محور الكورونا، مجددا بعد جرعة دعم تلقاها، على صورة نسخة متطورة من الوباء الأصلي، عبر لبناني حملها من لندن، التي منعت معظم الدول استقبال الرحلات الآتية منها الا لبنان حيث طاسة المسؤولية عن حركة الطيران ضائعة بين اللجنة الوزارية المختصة بمكافحة الوباء، والطيران المدني، بما ثبت معه، ان البعض هنا يتألم ولا يتعلم.

وتقول مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بيترا خوري ان السلالة الجديدة من كورونا سريعة الانتشار عند الفئات العمرية الصغيرة.

هذا التردد في حسم الأمور، رفع سقف الإصابات اليومية الى ما فوق الألفين والوفيات، فوق العشرة يوميا ايضا، وهذا ليس مستغربا امام ادارة تسمح بفتح الملاهي الليلية وتمنع الرقص، وتفرض المفرد والمزدوج على السيارات، في غياب النقل العام.

اما على المحور الحكومي، فمع غياب الملائكة تبقى الشياطين حاضرة، عبر المهاترات والسجالات والاتهامات، التي تبقي عظات البطريرك الماروني بشارة الراعي، للمنظومة الحاكمة، اشد ايلاما، خصوصا وصمه المسؤولين عن هذه الحالة، بالعداوة للشعب والتعامل مع الخارج.

وآخر كلام بهذا الخصوص، صدر عن اوساط بعبدا، وفيه رفض لربط غياب الرئيس ميشال عون عن قداس الميلاد في بكركي، بالموضوع الحكومي، مع التأكيد على ان اسبابه صحية فحسب.

اما اعلام التيار الوطني الحر فقد رد على عظات الراعي، من خلال سؤال طرحته قناة «او تي في» الناطقة بلسان التيار، عن مصلحة الرئيس عون في تعطيل تشكيل الحكومة، وقد دخل عهده سنتيه الاخيرتين؟ وعمن يسعى الى تحويل رئيس الجمهورية الى مجرد مطلع وموقع لمرسوم تأليف الحكومة دون مشاركة في التشكيل ؟

بدوره، حزب الله، وعبر قناة «المنار»، رد على حديث الراعي عن اسباب عدم تشكيل الحكومة، وقوله اذا كانت اسباب عدم التشكيل داخلية فتكون المصيبة عظيمة، اما ان كانت اسبابه خارجية فالمصيبة اعظم لأنها تفضح الولاء لغير لبنان. ولفتت «المنار» الى ان «الخارجية الاميركية» لم تنكر يوما وبكل وقاحة شروط تشكيل الحكومة اللبنانية، فمن يكون المعطل للتشكيل؟

لكن بعد حديث وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف، عن نظرة بلاده الى مسيحيي المنطقة ومن بينهم مسيحيو لبنان، صار بالامكان الاعتقاد بأن مشكلة عدم تشكيل حكومة في لبنان لا يقتصر على الصراع الاميركي – الايراني حول الملف النووي بل يتجاوزه الى الدور المحوري لمسيحيي لبنان في المشروع الامبراطوري الايراني الى جانب شيعة حزب الله، والذي تحول بعد اسقاط الهلال الايراني من قوس متصل جغرافيا كما تقول قناة «أم تي في» اللبنانية، يمتد من ايران الى العراق فسورية ولبنان، الى بقع جيوسياسية عسكرية غير متصلة، على شاكلة تلك القائمة في اليمن وغزة والعراق وسورية ولبنان.

والمطلوب من الجانب المسيحي المتحالف مع حزب الله في لبنان، تناسي الخصوصية المسيحية والمصالح الوطنية العليا، مهما بلغت الخسائر لإنجاح المشروع المشار اليه.

وأخطر من كل ذلك ما غرد به الوزير السابق للعدل شارل رزق، عبر تويتر، وفيه يتحدث عن مداولات في الأمم المتحدة حول حل للقضية اللبنانية، قائم على اعتبار لبنان دولة قاصرة، لا فاشلة فحسب، ويجب إنقاذ شعبها من شرور حكامه، واخضاعها الى نوع من الوصاية الأجنبية، ويقول رزق وهكذا يتوج العهد القوي ولايته بإعادتنا الى الانتداب الذي اعلن قبل مائة سنة.

لكن الصورة ليست بهذه القتامة، كما ترى المصادر السياسية المتابعة عن كثب، وتقول هذه المصادر لـ«الأنباء» ان بعض المراجع السياسية عادت تضغط على حزب الله، وعبره على النائب جبران باسيل من اجل تشكيل الحكومة قبل وصول الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الأبيض، لا بعده، اولا لأن ظروف التسلم والتسليم في واشنطن، باتت عرضة للتساؤل، بعد الانفجار الكبير في مدينة ناشفيل، وثانيا لأنه حتى لو تسلم بايدن، فإن انشغلاته الداخلية، ستضع المسألة اللبنانية في موقع متأخر من جدول اهتماماته، وثالثا، لأن نتنياهو مصرّ على خوض الانتخابات التشريعية على الساخن، بدليل موجات القصف الجوي والصاروخي للأراضي السورية من الاجواء اللبنانية، حيث انطلقت الطائرات فجر الجمعة وقبلها الصواريخ من فوق جنوب لبنان ووسطه وشماله، دون ان يعيقها عائق، وكأنها توجه رسالة، او تعرض نموذجا يمكن تكراره في كل يوم.

وطالما ان كل الاحتمالات ممكنة مع اسرائيل، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتقي مع الرئيس المكلف سعد الحريري، على ان وجود حكومة فاعلة، في مواجهة الظروف المستجدة، ايا كانت لهو اجدى واسلم من متابعة التعكيز على حكومة تصريف اعمال، لا تملك التأثير الداخلي ولا الطاقة على تحريك مراكز القوى الدولية.

وتضيف المصادر عينها، ان التحرك في هذا الاتجاه بدأ عبر إعادة جوجلة اسماء الوزراء، لكن في لبنان لا يقولون «فول» قبل ان يصبح بالمكيول.