IMLebanon

السنيورة: يد خفية كانت تشرف على نيترات المرفأ… و”الحزب” لا يريد حكومة

أكد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أنه “ليس من الطبيعي ان يحصل تفجير بهذه الضخامة في مرفأ بيروت بالصدفة”، وقال: “لذلك طالبنا منذ البداية بلجنة تحقيق دولية، إلا أن تصوير ما حصل وكأنه فقط اهمال من بعض الموظفين، يؤدي إلى حرف الانتباه عن حقيقة ما جرى وخطورته. الرئيس حسان دياب الذي اعتبر في تصريح ان الانفجار مدبر، قد وصل الى هذه القناعة ربما متأخرا”.

وأضاف، في حديث الى تلفزيون “الشرق”: “صحيح كان هناك إهمال على هذا الصعيد، ويجب محاسبة كل من أهمل وقصر، لكن في ما خص التحقيق يجب العودة إلى أساس هذه القضية الخطيرة: لماذا جرى، ومن كان وراء شحن هذه الكميات؟ ولماذا أنزلت في مرفأ بيروت؟ ولماذا جرى إخفاء أمرها؟ ومن هو وراء هذه العملية؟ ومن وحرص على أن تبقى تلك الكميات طوال هذه الفترة في عنبر في مرفأ بيروت؟ ولماذا كان يصار الى سحب كميات من هذه المواد، ولا سيما أنه كما تبين أن الانفجار نتج عن انفجار جزء من تلك الكميات أي حوالي 500 طن، وليس كامل الكميات البالغة 2755 طنا. بمعنى آخر أنه كان وعلى مدى تلك السنوات يجري سحب قسم من تلك الكميات القابلة للتفجير. هذا الامر هو الذي تحدث عنه دولة الرئيس دياب مؤخرا، وهو يشير إلى أن التفجير كان نتيجة أمر مدبر. كيف حصل ذلك كله ولماذا؟ هذا هو الدور الحقيقي للتحقيق”.

وتابع: “أعتقد أنه علينا النظر إلى الأمر بموضوعية وتبصر let’s give the Prime Minister the benefit of the doubt، لقد قالوا له ان هذه المواد هي نترات الامونيوم. ربما لا يدري رئيس الحكومة، ومن الطبيعي ألا يعلم ما تعنيه هذه المواد من خطورة، وماذا يعني وجودها في حرم مرفأ بيروت وعلى مقربة من المناطق السكنية، إنما كان بإمكانه أن يستعلم عنها، وهنا توجه إليه الملامة. صحيح أنه كان لا يدري معنى ذلك لكن كان يمكنه أن يسأل، أو الحصول على المعلومات الضرورية بكبسة زر عبر الإنترنت. ولكان تبين حقيقة المخاطر التي قد تترتب على وجود هذه الكميات في المرفأ، خصوصا أن هذه المواد يمنع إدخال أي كمية منها إلى لبنان دون إذن مسبق من الحكومة اللبنانية”.

وأردف: “إن اللوم يوجه بشكل أكبر إلى فخامة الرئيس لأنه ليس شخصا عاديا بل هو ضابط كبير والقائد الأسبق للجيش اللبناني وبالتالي هو الاعلم مباشرة بخطورة هذه المواد، خصوصا أنه صرح بنفسه عن علمه بوجود هذه المواد قبل اسبوعين من التفجير وبوجود كميات من نترات الامونيوم بهذه الضخامة. كان عليه، بحسه وبخلفيته العسكرية الإيعاز فورا إلى جميع المسؤولين إيجاد حل فوري لهذه المشكلة. وأنا سبق وذكرت أن الفترة التي أتيحت للرئيس كانت كافية لتفكيك قنبلة نووية وليس فقط كميات من نترات الامونيوم، وبالتالي أقول بوجوب توجيه انتباه التحقيق نحو كل هذه الأمور، فلا خيمة أو تغطية على رأس أحد تمنع كشف ملابسات هذا التفجير التاريخي الذي أدى الى خسائر بشرية وتدمير جزء كبير من مدينة بيروت”.

وردا على سؤال عن قول دياب بأنه حضر عشرين اجتماعا للمجلس الأعلى للدفاع ولم يرفع أحد يده ليقول أن مستودعا بداخله نترات الأمونيوم بكمية كبيرة، قال السنيورة: “هذا يشير الى أن هذه المسألة الخطيرة لم يجر طرحها في أي من اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى، وأن المجتمعين لم يتطرقوا لهذا الامر الخطير. وأقول إنه فعليا وعلى مدى السنوات التي مرت على وجود تلك الكميات الخطيرة في مرفأ بيروت، يبدو أن هناك يدا خفية كانت تتولى الإشراف على استمرار الوضع على حاله، وتحرص على أن يستمر جميع الأشخاص المعنيين والموجودين في المرفأ سواء في ما خص الإدارة أو الجمارك أو القوى العسكرية والامنية أو القضائية، وهم المعنيون مباشرة بالمرفأ، فكانت تتم في ما بينهم مراسلات وإحالات على مدى عدة سنوات بشكل يبدو وكأن كل طرف يؤدي واجبه من خلال رمي هذه المشكلة، أو ما يسمى كرة النار، على الآخرين. ولكن في المحصلة، للاسف لم يحصل بنتيجة ذلك أي شيء في هذا الخصوص، وبقيت الكميات تتناقص بعد السحب منها، واستمر الخطر الجاثم فوق مدينة بيروت وأهلها وعلى لبنان ككل”، مضيفًا: “هذه اليد الخفية يجب ان يصار الى اماطة اللثام عنها لأنها هي التي كانت وعلى ما يبدو تتولى الاشراف على هذه العملية دون أن تصل الأمور في النهاية إلى اي نتيجة”.

وعن الوضع الاقتصادي، قال السنيورة: “لقد أخذ سلاح حزب الله أبعادا داخلية وتصاعد دوره عمليا وتدريجيا وتوسعت قبضة هذا الحزب على الدولة اللبنانية، التي أصبحت مأسورة له وللأحزاب الموالية له. وقد نتج عن ذلك انهيار كبير في ثقة اللبنانيين بالدولة بسبب هذا الاستيلاء الكامل عليها واستلاب سلطتها على كافة أراضيها ومرافقها. كذلك فإن الحزب، ومن خلال تدخله في المنطقة العربية وفي كل من سوريا والعراق والبحرين والكويت واليمن، أصبح يؤثر على سياسات وعلاقات لبنان الخارجية، ولم يعد سلاحه من أجل محاربة إسرائيل، إذ أصبح يتدخل في جميع الامور الاقليمية ويؤثر على علاقات لبنان الخارجية في العالم العربي، وأيضا مع الدول الصديقة في العالم. وهذا الدور الخطير للحزب كانت له جملة من الآثار الخطيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وكان من نتيجة ذلك زيادة كبيرة في حجم العجز في الموازنة والخزينة، وأيضا في التأثير السلبي على معدلات النمو الاقتصادي”.

وأضاف: “لقد تفاقم الوضع بسبب الادارة السيئة التي عانى منها لبنان خلال السنوات الماضية، يضاف إليها جائحة كورونا وتفجير مرفأ بيروت. وكل هذه الامور مجتمعة أوصلتنا إلى مار أصبحنا عليه الآن من انهيارات ومخاطر شديدة. المطلوب أن يدرك جميع المسؤولين عظم هذه المشكلات والمصاعب والمخاطر، والمسارعة بداية لإخراج تأليف الحكومة من المآزق التي تعانيها. المؤسف أن حزب الله فعليا يتلطى الآن وراء فخامة الرئيس الذي يصعب المهمة على الرئيس المكلف، ذلك أن حزب الله لا يريد تأليف الحكومة في الوقت الحاضر بهدف الاحتفاظ بورقة لبنان لتمكين الجمهورية الاسلامية الإيرانية من تحسين شروط مفاوضاتها المقبلة مع الولايات المتحدة الأميركية”.

وعن اتهامه وتيار “المستقبل” إما بالشراكة أو بالتقصير او بالفشل، في الوصول الى ما وصل اليه لبنان، قال السنيورة: “إن ما حصل على مدى الفترة الماضية لم يكن خطأ ارتكبه طرف واحد، فهذه الأخطاء اشترك في ارتكابها الكثيرون، وكانت نتيجة اجتهاد تسبب به تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية لمدة سنتين ونصف، وأصبحت سدة رئاسة الجمهورية في لبنان خالية. لذلك، كان الاجتهاد بأنه للخروج من حال الانسداد التي أصبح عليها لبنان ربما تكون الوسيلة الافضل بانتخاب الرئيس عون للخروج من ذلك المأزق، على أن يتصرف عند انتخابه كرئيس للجمهورية وليس لحزب التيار الوطني الحر. والحقيقة ان ذلك الاجتهاد كما بينت الايام لم يكن في مكانه”.

وأضاف: “خلال الفترة الماضية، ومنذ أن جرى انتخاب عون، كان هناك تعاون بين أولئك الفرقاء المعنيين مع التيار الوطني الحر وحزب الله وغيرهم. ولكن المسؤولية لا يمكن تعميمها هكذا ببساطة وعلى الجميع بالتساوي. إذ لا يمكن ان تقود الناس جميعهم بعصا واحدة، هناك أطراف يقع عليها اللوم بنسبة 10% وغيرهم 50% وآخرون 90%. صحيح أنهم جميعهم قد شاركوا، ولكنهم لا يتحملون المسؤولية بذات المقدار”.

وتابع: “إن الحل يكمن في تأليف حكومة إنقاذ تأخذ على عاتقها السير في تنفيذ برامج الإصلاح الحقيقي في السياسات والممارسات وفي القطاعات المختلفة، وأن تكون الحكومة من مستقلين وغير الحزبيين، وألا يكون أعضاؤها مستفزين لتلك الأحزاب. لكن المشكلة الآن أن هناك العديد من الفرقاء ولكل أهدافه ونواياه. وعلى ما يبدو لكل منهم لديه مصلحة، بأن يحاول أخذ الامور الى الجهة التي يريد. والجميع للأسف، يحاول ان يمارس التعمية على المشكلات الاساسية التي يعاني منها لبنان. وفي المحصلة، تستمر حالات الإنكار والتعمية على المشكلات الأساسية ويتعذر بالتالي تأليف الحكومة العتيدة، في الوقت الذي تتسارع فيه الانهيارات الوطنية والسياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية في لبنان”. وقال: “لبنان يعاني من مشكلة وجود وسيطرة وإطباق للسلاح غير الشرعي على الدولة، ومن انهيار للثقة لدى اللبنانيين بالدولة لأنها أصبحت مخطوفة من الاحزاب الطائفية والمذهبية وعلى رأسهم وفي مقدمهم حزب الله. كذلك، يعاني لبنان من الاستعصاء الذي يمارسه رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل. وبالتالي، الجميع وفي مقدمهم رئيس الجمهورية، لا يدركون ولا يتجاوبون حتى الآن مع ما يريده اللبنانيون، وذلك حتى قبل ان نأتي للحديث عما يسمى المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس ماكرون لمساعدة لبنان”.

وختم: “اللبنانيون يريدون ادارة جديدة ورشيدة ومعالجات للمشكلات السياسية والاقتصادية والمعيشية والإدارية المتفاقمة، بحيث يصار الى إجراء المعالجات الصحيحة يتم بموجبها البدء بتأليف حكومة من غير الحزبيين أي من أشخاص مستقلين اختصاصيين يستطيعون بتعاونهم وعملهم البدء باستعادة تدريجية للثقة المنهارة بالدولة، والعمل على احداث تغيير في المنظومة السياسية وفي طريقة تعاملها مع الدولة والمواطنين، على أساس أن الدولة لا يجوز أن تستمر مزرعة يتقاسمها ويتحاصهها السياسيون في ما بينهم. حكومة جديدة تستطيع أن تعتمد السياسات والإجراءات الإصلاحية في شتى المجالات من أجل استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي بالدولة اللبنانية والاقتصاد اللبناني، وبذلك يمكن للبنان أن يحصل على الدعم والمساعدة من أشقائه وأصدقائه، وكذلك من أبنائه. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن عبرها إخراج لبنان من مآزقه المتفاقمة”.