IMLebanon

هل تطيح العقوبات الأميركية المتوقعة نهائياً بالمبادرة الفرنسية؟

كتب عمر البردان في “اللواء”:

كان يمكن الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة في اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري، إلا أن مفتعلي العرقلة أرادوا أن يؤجلوا موعد الولادة إلى السنة الجديدة، إذا ما تمت تلبية شروطهم التي يخشى أن تطيل أمد التأليف طويلًا مع غياب المعطيات التي تشير إلى إمكانية حصول انفراج على صعيد التأليف في المرحلة المقبلة. وإن أكدت فرنسا على استمرار مبادرتها لإخراج لبنان من النفق، وهو الأمر الذي لا يلقى الصدى المطلوب لدى أطراف سياسية تعمل على عرقلة الولادة، مشترطة تلبية مطالبها كي يصار إلى إطلاق سراح التشكيلة العتيدة.

ولا تخفي الأوساط السياسية قلقها من عودة الأمور كلياً إلى نقطة الصفر، بعد الانقلاب الذي قام به العهد وحلفاؤه في رفض تشكيلة الاختصاصيين التي قدمها الرئيس الحريري للرئيس عون في لقائهما قبل الأخير، توازياً مع عودة الحديث عن وجود توجه لدى العهد وحلفائه وفي مقدمهم «حزب الله» للمطالبة بحكومة سياسية، وهو خيار تقول الأوساط أن هذا الفريق لم يحد عنه منذ التكليف، وإلا لكان وافق منذ أول اجتماع بين الرئيسين عون والحريري على السير بحكومة اختصاصيين، الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول جدية قوي الثامن من آذار وعلى رأسها «حزب الله» الذي لا يزال على ما يبدو يستخدم أسلوب المناورة في ما يتصل لمشاورات التأليف.

وتشير الأوساط إلى أن الكلام الفرنسي عن أن مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون لا زالت على الطاولة، فإنما يمكن النظر إليه على أنه يشكل دعماً إضافياً للرئيس المكلف المتمسك بهذه المبادرة، في السعي لتشكيل حكومة اختصاصيين توحي بالثقة، كما أنها في الوقت نفسه دعوة للقوى المعرقلة للإقلاع عن سلبيتها في ما يتعلق بعملية التشكيل، وبالتالي ضرورة ملاقاة الرئيس الحريري في منتصف الطريق من أجل الإسراع في ولادة الحكومة الجديدة التي طال انتظارها، مع دخول التأليف شهره الثالث دون التوصل بعد إلى التشكيلة المرتجاة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه. في ظل استمرار التراجع الاقتصادي والمالي على مختلف المستويات، والمتزامن مع تحذيرات عربية ودولية من خطورة ما ينتظر لبنان إذا استمر الوضع على ما هو عليه من التسيّب والانهيار.

الحكومة ستشكل ولو بعد حين ولن تكون إلَّا وفق رؤية الرئيس المكلف

وتشدد على ان أجواء العاصمة الفرنسية لا توحي بكثير تفاؤل، بالرغم من التأكيد على استمرار مبادرة الرئيس ماكرون، بعد الكلام الأميركي عن عقوبات جديدة على شخصيات لبنانية متعاطفة مع «حزب الله» والنظامين السوري والإيراني، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن مدى نجاح المسعى الفرنسي الذي يمر بظروف عصيبة، بعدما أطاحت العقوبات الأميركية في الأسابيع الماضية التي فرضت على الوزراء السابقين، جبران باسيل، علي حسن خليل، غازي زعيتر ويوسف فينيانوس، بمحاولتين جديتين لتشكيل الحكومة، الأمر الذي يزيد المشهد اللبناني ضبابية في المرحلة المقبلة، بعد انحسار موجة التفاؤل بولادة الحكومة في وقت قريب.

وتعرب الأوساط السياسية عن اعتقادها، أنه كلما اشتد الصراع الأميركي الإيراني المفتوح على كل الاحتمالات، كلما زادت التعقيدات أمام التشكيل، حيث لا يبدو أن حلفاء طهران مستعجلون على أن ترى الحكومة النور، بدليل أن «حزب الله»، كما قال نائبه على فياض، لا يريد أن يمارس ضغوطاً على «التيار الوطني الحر» لتسهيل الطريق أمام الإعلان عن الحكومة، ما يؤكد أن الحزب غير مكترث للمساعي الهادفة إلى تقريب موعد الولادة، وفقاً لما يعمل عليه الرئيس المكلف. وهذا يؤشر أن لا حكومة في المدى المنظور، طالما أن التيار «العوني» حليف «حزب الله» يربط الموافقة على فك أسر الحكومة بالحصول على مطالبه وفي مقدمها الثلث المعطل الذي يشكل محور الكباش الدائر بين المعنيين بالتأليف.

المصادر المقربة من الرئيس المكلف تجزم بأن الحكومة التي ستشكل ولو بعد حين، لن تكون إلا وفق رؤية الرئيس الحريري الذي لا يرى الخروج من الأزمة إلا بحكومة اختصاصيين تلبي تطلعات اللبنانيين، لا يكون ثلثها المعطل مع أي طرف، مهما اشتدت الضغوطات التي يتعرض إليها، وهو يحظى بدعم عربي ودولي من أجل تحقيق الهدف الذي يسعى إليه، حرصاً على مصلحة لبنان قبل مصلحة أي طرف آخر، باعتبار أن ظروف البلد الدقيقة لا تحتمل أي تأخير في المعالجة، تحسباً من التداعيات التي لن تكون في مصلحة أحد.