IMLebanon

تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان يهدد بانفلات أمني واجتماعي

كتبت صحيفة العرب اللندنية:

يودع اللبنانيون عاما صعبا على أمل انفراجة بأزمتهم في العام الجديد، بيد أن المؤشرات لا تبشر بذلك على الأقل على المدى القريب، في ظل تفاقم الوضعين المالي والاقتصادي والاستنزاف المستمر للاحتياطات النقدية، التي لم تعد تكفي لسد احتياجاتهم من المواد الأساسية سوى بضعة أشهر.

ويثير تدهور الوضع الاقتصادي حيث يقول مصرف لبنان المركزي إنه لن يستطيع تغطية نفقات توريد المواد الاساسية سوى لستة أشهر، مخاوف من انهيار السلم الاجتماعي، مع تنامي أحداث العنف وآخرها ما جد قبل أيام في أحد مخيمات النازحين السوريين في المنية من قضاء عكار شمال لبنان، حينما عمد لبنانين إلى حرق المخيم وقاطنوه نيام.

وأشعلت الحادثة حالة غضب واستنكار، ممزوجة بالخوف من المسار الذي ينحدر باتجاهه لبنان، وأكد وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، الخميس، حرص بلاده على حماية حقوق اللاجئين السوريين، محذرا في الوقت ذاته من “خطر الانزلاق إلى فلتان أمني واجتماعي”.

وقال وهبة إن “لبنان والسلطات اللبنانية، وفي إطار مسؤولياتها الإنسانية والسياسية، معنية بحماية حقوق الإنسان النازح واللاجئ، طالما التزم احترام القوانين اللبنانية وتقيد بها”.

وأضاف أن “وزارة الخارجية طلبت من السلطات القضائية والأمنية المختصة اتخاذ كل الإجراءات، والتحقيق في ملابسات هذا الحادث (إحراق الخيام) وملاحقة المسؤولين ومعاقبتهم وفق القوانين”.

وتابع “انطلاقا من ذلك لا يسعها (وزارة الخارجية) سوى تسليط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها لبنان، محذرة من خطر الانزلاق إلى فلتان أمني واجتماعي يهدد النازحين واللاجئين واللبنانيين”.

وأدان وهبة “بعض التصريحات الخطيرة التي تنادي بحمل السلاح للدفاع عن النفس”.

ويعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما تقدر الحكومة عددهم بـ1.5 مليون، على خلفية الحرب في بلادهم منذ عام 2011.

وبات الكثير من اللبنانيين ممتعضين من استمرار وجود اللاجئين، حيث يرون أن هؤلاء اللاجئين يزاحمونهم في تحصيل لقمة عيشهم.

ويرى مراقبون أن قوى سياسية، على غرار التيار الوطني الحر وزعيمه جبران باسيل، ساهمت أيضا في تأجيج التوتر بين اللبنانيين واللاجئين، من خلال رفع فزاعة “التوطين”.

وناشد وهبة “المجتمع الدولي إيلاء مسألة عودة النازحين إلى سوريا أهمية خاصة، خصوصا وأن السلطات السورية دأبت على تأكيد رغبتها في عودة أبنائها النازحين إلى أراضيها وتقديم كل المساعدة لهم”.

وقبل أسابيع، استنكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان “الاعتداءات التي تعرض لها عدد كبير من اللاجئين السوريين” في بلدة بشري (شمال)، عقب مقتل شاب لبناني.

ودعا المرصد، وهو منظمة غير حكومية مقرها الرئيسي في مدينة جنيف، السلطات اللبنانية إلى “حماية اللاجئين السوريين من العمليات الانتقامية”.

ووقعت حادثة القتل في 24 تشرين الثاني الماضي، وقال الجيش، في بيان حينها، إن “السوري (م.خ.ح) أطلق النار على المواطن جوزيف طوق، إثر إشكال فردي بينهما، ما أدى إلى مقتله”، ثم “سلم نفسه إلى قوى الأمن الداخلي، وباشرت التحقيقات”.

ويرى محللون أن حادثة حرق المخيم وقبلها الصدامات التي جرت بين لاجئين ولبنانيين هي جرس إنذار بشأن ما قد تتجه إليه الأمور في لبنان، محذرين من تكرار سيناريو الحرب الأهلية في لبنان، رغم أن البعض يعتبر أن ذلك يندرج ضمن المبالغات.

وتتضافر اليوم عوامل عدة لتفجر الوضع الاجتماعي بلبنان وما قد يستتبعه ذلك من انفلات أمني، في ظل تقارير دولية من سقوط الآلاف من اللبنانيين في غياهب الفقر.

وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش حذر قبل أيام في تغريدة عبر حسابه على تويتر من أن “الوضعان الاقتصادي والمالي إضافة إلى النظام المصرفي في حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ بالانهيار، الأحداث الأمنية باشرت بالارتفاع، الهيكل اللبناني يهتز”.

ووفق أحدث تقرير للبنك الدولي حول لبنان، فإنه من المرجح أن يجد أكثر من نصف السكان أنفسهم فقراء بحلول 2021، وأن تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194 في المئة، ارتفاعا من 171 في المئة نهاية 2019، وسط تراجع في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل حاد إلى -19.2 في المئة عام 2020.