IMLebanon

جعجع: استفاقة عون شعبوية ولسنا متمسّكين ببقائه

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

 

بعدما تصدّر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع واجهة الاهتمام إذ خرج بنفسه قبل أيام ليردّ على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله منتقداً صواريخ مقاومته، وهو الذي كان طلب قبل فترة من مسؤولي القوات الابتعاد عن السجالات والمماحكات السياسية، لكنه كما قال «من الصعب أن يبقى ساكتاً على قول نصر الله إنه لولا هذه الصواريخ لا أحد يسمع بلبنان ويهتّم به، لأن مواقفه ليست في السياسة بقدر ما هي نقطة تتعلق بوجودنا وتاريخنا وكياننا وتتناقض مع التاريخ والجغرافيا». وجعجع الذي هو أحد أبرز قيادات ثورة الأرز يُعرَف عنه أنه الأكثر صلابة في مواجهة فريق 8 آذار و«لا يساير على حساب المبادئ والقناعات» اليوم قبل أقل من عامين على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الماروني العماد ميشال عون، لا يبدو متمسكاً ببقاء عون ولا لحظة وهو يتمنى لو استقال البارحة وليس اليوم، لكنه في الوقت ذاته يرى «أن طرح انتخابات رئاسية مبكّرة هو ذرّ للرماد في العيون ومن يطرحه لا يطرح خطوة إنقاذية بل يطرحه إما فشّة خلق وإما لغاية في نفس يعقوب لإيصال مرشح معيّن في هذه الظروف».

أما عن التشكيلة الحكومية فيرى أنها «متأخرة وهذا أمر قدّرناه منذ اللحظة الأولى انطلاقاً من طبيعة المجموعة الحاكمة وسعيها الى مصالحها الخاصة بالرغم من كل ما يحدث في لبنان».

نظرية الجيش

لماذا اخترت في هذه اللحظة الرد على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله… هل طفح الكيل مع الحزب؟

منذ اندلاع أزمة 17 تشرين 2019طلبت شخصياً من كل المسؤولين في الحزب الابتعاد عن السجالات والمماحكات السياسية المعتادة خصوصاً أن موقفنا بات معروفاً من كل القضايا السياسية وبالأخص موضوع حزب الله. آثرنا الابتعاد لأن الوطن والمواطنين يمرّون بأزمة غير مسبوقة ويصارعون يومياً لمجرّد البقاء والاستمرار بالحد الأدنى من مقوّمات الحياة. إنما النقطة التي استوقفتني في آخر حديث للسيّد حسن نصرالله، من الصعب أن يبقى أحدهم ساكتاً تجاهها لأنها ليست في السياسة بقدر ما هي نقطة تتعلق بوجودنا وتاريخنا وكياننا. وصراحة ما استوقفني هو أنه بعد تصريح لقائد سلاح الجو في الحرس الثوري عن أن الصواريخ في لبنان من عمل إيران، جاء السيّد حسن ليقول إنه لولا المقاومة وصواريخ المقاومة لا أحد يسمع بلبنان ولا أحد يهتّم به، وهو ما يناقض التاريخ والجغرافيا. لذلك اضطررت للرد ببعض الوقائع التاريخية وبعض الوقائع من عالمنا الحالي لأن هذه النقطة بالذات أبعد من السياسة، ولها علاقة بلبنان كوجود وبإشعاعه في العالم ونظرة العالم الى لبنان من خلال بعض الوجوه التاريخية التي لم أستطع تسميتها كلها والتي يعرف العالم لبنان من خلالها، إنما كانت مجرّد عيّنة صغيرة تعبّر عما كنت أقوله.

قلت إن القوات لن تسعى الى التسلّح إلا إذا انهار الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي ولكن أين هيبة القوى الامنية، وقد رأينا كيف نفّذ حزب الله حركة 7 أيار فيما الجيش وقف مكتوف الأيدي؟

هذه الأوقات التي نعيشها اليوم مختلفة تماماً، ففي المرحلة الماضية فإن الجيش اللبناني من دون أن أعرف لأي سبب كان يعتمد نظرية ألا نتدخّل في الشؤون الداخلية حتى لو كانت أمنية لأن الجيش ينقسم. أما في الوقت الحاضر نرى أن الجيش يعتبر نفسه مسؤولاً عن الأمن الداخلي قدر مسؤوليته عن الأمن الخارجي، وبالتالي بوجود جيش كهذا وبوجود قوى الامن الداخلي الذين نراهم كيف يسهرون على الامن، أكيد يحدث في بعض الاحيان بعض التخطّي لكنه يبقى محدوداً جداً، ولكن طبعاً لدينا كل الثقة بالقوى الامنية وهذا أقصى ما نتمناه، ولذلك دعمنا لا محدود للجيش وقوى الامن الداخلي لاستمرارهم بتأدية مهامهم، وطالما هم مستمرون في تأدية هذه المهمة طالما نحن بألف خير وسلامة.

هل ترى في تغريدة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من تصريحات أحد قادة الحرس الثوري الإيراني نوعاً من الاستفاقة على ما يحل بلبنان ومحاولة للانسحاب من «تفاهم مار مخايل»؟

للأسف لا، أراها نوعاً من الاستفاقة اللفظية الاعلامية لأسباب شعبوية فقط لا غير مجرّد كلمتين تمّ رميهما والامور مستمرة كما هي. التيار الوطني الحر هو الوحيد الذي يستطيع تغيير المعادلة في الوقت الحاضر. وأنا سأسأل في هذا المجال ماذا لو فصل التيار نفسه عن حزب الله الآن؟ ماذا يصبح حجم حزب الله السياسي؟ هو وكل حلفائه لا يصلون إلى 40 نائباً في المجلس النيابي، فتصوّر أين تصبح الوضعية! كان الأجدى برئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بدل تصدير مواقف لفظية لا تعني شيئاً أن يتخذوا خطوات عملية تعني أشياء وأشياء.

رسائل تحذيرية لإيران

هل يمكن لأجواء التوتر في الخليج ولاستقدام قاذفات B52 أن تؤدي الى حرب مع إيران أم أنها مجرّد رسائل لتحسين شروط التفاوض؟

أنا اشكّ جداً جداً أن تؤدي الى حرب مع إيران، وجود هذه الاستعدادات العسكرية الهدف منه في تقديري أولاً علامات تحذيرية الى إيران أنك إذا كنت تفكّرين في ذكرى اغتيال سليماني أو في الفراغ القصير الذي ينشأ عن تسلّم إدارتين امريكيتين بين ذهاب ادارة وولوج أخرى، يمكنك القيام بعمل صغير فانتبهي لا تقدمي على ذلك. فكل هذه الاستعدادات هي من جهة رسائل تحذيرية كي لا تقدم إيران على أي خطأ وتقوم بأي عمل عسكري لا تُحمَد عقباه ومن جهة أخرى طبعاً لتحسين شروط التفاوض مقابل بعض الخطوات التي تقوم بها إيران كزيادة التخصيب مثلاً أو غيرها من الخطوات العسكرية كالتي تتم في العراق.

كيف نظرت إلى المصالحة الخليجية بين السعودية وقطر ومشاركة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في قمة العُلا؟

كانت خطوة جيدة جداً طبعاً، ويسرّنا أن نعود لنرى مجلس التعاون الخليجي بكامل أعضائه وعلى تنسيق اذا لم يكن كاملاً إنما على الاقل تنسيق قدر الامكان، لأنه هناك بعض نقاط الخلاف تتطلّب العمل عليها بشكل مستمر. إنما على الأقل قنوات التواصل باتت مفتوحة على مصراعيها، والتفاهم والتنسيق في الاشياء المتفق عليها عاد على الاقل، فكانت خطوة جيدة جداً وإيجابية.

كيف يمكن أن يعود لبنان الى أحضان الدول العربية؟

كتير سهلة وكتير صعبة في الوقت نفسه. في الوقت الحاضر هناك صراع هائل بين المحور العربي بشكل عام الذي قوامه مجلس التعاون الخليجي ومصر من جهة وبين المحور الإيراني الذي قوامه إيران وما تبقّى من نظام في سوريا وبقية التنظيمات المسلّحة التي جرى إنشاؤها في بعض الدول العربية. كيف يمكن للبنان أن يعود الى أحضان الدول العربية؟ بكل بساطة أن يعود الى التنسيق مع المحور العربي لأن كل مصالحنا هي مع المحور العربي. وأصلاً هذا المحور لا يطلب منا الشيء الكثير، يطلب منا فقط أن نعود الى سياسة الحياد التقليدية التي طول عمره لبنان يتحلّى بها، وهذا هو المطلوب.

هل التشكيلة الحكومية متأخّرة وتنتظر تسلّم الرئيس جو بايدن أم ماذا؟
أنا رأيي لا، التشكيلة الحكومية متأخرة وهذا أمر قدّرناه منذ اللحظة الأولى انطلاقاً من المجموعة الحاكمة، من طبيعة هذه المجموعة وسعيها الى مصالحها الخاصة بالرغم من كل ما يحدث في لبنان، وانطلاقاً من عدم أخذها بعين الاعتبار المصلحة اللبنانية العليا. فما يجري ليس بغريب بالنسبة الينا. ولا أعتقد أن موضوع التشكيلة الحكومية له علاقة بتسلّم بادين من عدمه لأنه في تاريخ 20 كانون الثاني، وحتى بعد استلام بايدن فهو لن يحدّد سياسته بين يوم وآخر، سيستغرق ذلك اشهراً واشهراً طويلة.

بين أولوية الانتخابات النيابية المبكّرة وأولوية الانتخابات الرئاسية المبكرة أين يقف رئيس حزب القوات اليوم؟

من يطرح انتخابات رئاسية مبكّرة لا يطرح خطوة إنقاذية على الإطلاق، يكون يطرحه إما فشّة خلق وإما لغاية في نفس يعقوب لإيصال مرشح معيّن في هذه الظروف. خلّيك معي لحظة وافترض أن الرئيس ميشال عون استقال اليوم، وأنا كنت أتمنى أن يستقيل البارحة وليس اليوم، فماذا يحدث؟ يجتمع المجلس النيابي خلال أقل من 30 يوماً وينتخب رئيساً جديداً. وبوجود الأكثرية النيابية الحالية من ينتخبون؟ سينتخبون إما مثل الرئيس عون أو أسوأ بقليل، فماذا يكون قد تغيّر في الوضع القائم حالياً؟ وبالتالي انتخابات رئاسية مبكّرة هي ذرّ الرماد في العيون في الوقت الذي أعود للقول لسنا متمسّكين ولا لحظة ببقاء الرئيس عون، وهذا يتبيّن في كل مواقفنا السياسية، إنما نريد التفتيش عن خطوة تغيّر شيئاً في الواقع القائم، والخطوة الوحيدة التي تغيّر هي انتخابات نيابية مبكّرة، لماذا؟ لأنه بعد الانتفاضة الشعبية التي تمّت يُفترض بالانتخابات النيابية المبكّرة أن تؤدي الى أكثرية نيابية مختلفة، وأكثرية نيابية مختلفة ستؤدي حكماً الى رئيس جمهورية مختلف والى حكومة مختلفة والى ممارسات مختلفة.

حلّ الدولتين

أين القضية الفلسطينية اليوم في ظل مشاريع التطبيع الجارية بين اسرائيل وعدد من الدول العربية وهل يمكن إعادة إحياء صفقة القرن؟

أنا في رأيي، في أسوأ الحالات ستقف صفقة القرن عند ما تمّ تنفيذه منها فقط لا غير ولن تُعطى دفعاً اضافياً الى الأمام. وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية فهي لها ثوابت والحل واضح جداً، وهو الحل الذي صدر بإجماع عربي في قمة بيروت العربية التي انعقدت عام 2002 وهو حل الدولتين تبعاً لقمة بيروت، وبالتالي يمكن للاطراف المعنية أن تضيّع وقتها شمالاً ويميناً، إنما في نهاية المطاف لا يمكن أن يحلّ القضية الفلسطينية إلا الحل الجدي الوحيد وهو حل الدولتين تبعاً للمواصفات التي وضعت في تلك القمة العربية.