IMLebanon

الراعي: هل من عاقل يصدّق أن الخلاف في تفسير مادة دستورية؟

تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: “كيف يمكن الإمعان في المواقف السياسيّة المتحجّرة الهدّامة للدولة كيانًا ومؤسّسات دستوريّة؟ بأيّ ضمير وطنيّ، وبأيّ مبرِّر، وبأيّ نوع من سلطان وحقّ، وبتكليف مِن مَن”؟

وسأل الراعي، في عظة الأحد، المعنيّين: “لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والشعبُ يَصرُخ من الوجعِ، ويجوعُ من الفَقرِ ويموتُ من المرَض؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والمُستشفياتُ تَضيقُ بالمصابين، والمستوصفاتُ والصيدليّاتُ تَفتقرُ إلى الأدويةِ، والمتاجرُ تُعْوِزُها الموادُّ الغذائيّة؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والأزْمةُ النقديّةُ والاقتصاديّةُ بَلغت أوْجَها، والاقتصاد يتلاشى والإنتاجُ الزراعي يُتلَف؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً ومؤسّساتُ الدولةِ الكبرى العسكريّةُ والماليّةُ والقضائيّةُ تُضرَبُ في هيبتِها ومعنوياتِّها ورجالاتِها جرّاءَ الحملاتِ المبرمَجة والإشاعاتِ المغرِضَة والكيديّةِ القاتلة؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والحدودُ سائبةٌ والتهريب جارٍ على حساب لبنان والسيادةُ منقوصةٌ والاستقلالُ مُعلَّق والفسادُ مستشرٍ؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والبَطالةُ عن العملِ وحالة الفقر فاقَتا نِصفَ الشعبِ؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً وقيمةُ الحدِّ الأدنى للأجورِ تَدنَّت عمليًّا إلى المئةِ دولار؟  لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والعاصمةُ بيروت منكوبةٌ والمرفأُ مهدَّمٌ وثرواتُ النفطِ والغازِ تحت وضع اليد؟ لماذا لا تؤلِّفون حكومةً والبلادُ دخلت مدار الانهيار النهائي؟ ألا تخافون الله والناس ومحكمة الضمير والتاريخ”؟

وأضاف: “هل من عاقل يصدّق أن الخلاف هو في تفسير مادّة من الدستور واضحة وضوح الشمس؟ أيّها المسؤولون، الدستور وُضع للتطبيق لا للسجال، وليكون مصدر اتفاق لا مصدر خلاف. أمام التحديّات المصيريّة، ترخص التضحيات الشكليّة، ويكفي أن تكون النيّة سليمة. وفي كلّ حال، المبادرة في هذا الاتجاه ترفع من شأن صاحبها في نظر الناس والعامّة، وتدلّ على روح المسؤوليّة”.

وتابع: “نحن نعتبر أنّه لو كان الحياد قائمًا في لبنان ما كنا لنشهدَ أيَّ أزمةٍ دستوريّة، بما فيها أزمة تأليف الحكومةِ حاليًّا. فعلاوةً على المصالحِ الفئوية التي تَفرِز الأزمات والحروب في لبنان، يبقى السبب الرئيس هو الانحياز وتعدّد الولاءات. وأيّ مقاربةٍ جديدةٍ لوجودِنا اللبناني يجب أن تنطلق من اعتماد الحياد لنحافظَ على وجودنا الموحَّد والحرّ والمستقل. إنّ خلاص لبنان يقتضي أن تنظر الأسرة الدوليّة إلى قضيّته بمعزل عن أيّ ارتباط بقضية أي بلد آخر قريب أو بعيد”.

وفيما هنّأ الرئيس الأميركيّ الجديد جو بايدن بتسلّم مهامّه، عوّل على “ما يتميّز به من إيمان والتزامِ بالقيم الروحيّة والإنسانيّة، ومن تحسّسٍ لقضايا الشعوب ومعاناتها وحقوقها وتوقها إلى العدالة والحريّة”، آملا في أن “ينظر مع إدارته إلى قضيّة لبنان بهذه النظرة، من دون ربطه بأي بلد آخر، وأن يساهم في إبعاده عن الصراعات الإقليميّة، ودعم مشروع حياده كمدخل لاستعادة استقراره وازدهاره”.