IMLebanon

هل ينجح “الحزب” حيث فشل الآخرون؟

كتب غاصب المختار في “اللواء”:

حسب المثل الشعبي: «لم يعد في الميدان إلاّ حديدان». هذا لسان حال بعض الاطراف العاملة على خط معالجة العقد امام تشكيل الحكومة، والذين يراهنون على تدخل قوي وفعّال لـ«حزب الله» بين طرفي الازمة، بما له من «مَوْنة» على الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، وبما له من خطوط إتصال مع الرئيس المكلف سعد الحريري بعد الموافقة على تكليفه رئاسة الحكومة المقبلة، مع ان كتلة «الوفاء للمقاومة» لم تسم أحداً لتأليف الحكومة. وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد بعد الإستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا: إن «الكتلة لن تسمي أحدا لتأليف الحكومة علنا نساهم في إبقاء مناخ إيجابي يوسع سبل التفاهم المطلوب».

هذا الموقف يعني إن حزب الله لم يُرد ان يكسر الجرة نهائياً مع الحريري، وهو موقف سبق واتخذه اكثر من مرة بعدم تسمية الحريري، لكنه كان من المتعاونين معه في كل الحكومات التي شكلها الاخير، بل هناك من يقول ان وزراء الحزب كانوا الأقل مشاكسة في كل الحكومات، بشهادة ثلاثة رؤساء سابقين على الأقل ومنهم الحريري.

حتى الان لم يقل حزب الله كلمة عن مساعيه في ما خصّ الوضع الحكومي، باستثناء ما يعلنه نوابه وكبار مسؤوليه عن ضرورة تشكيل الحكومة المتجانسة التي تُراعي تمثيل كل الاطراف، ووفق نظرة الحزب الى المبادرة الفرنسية وورقة الرئيس إيمانويل ماكرون عندما زار لبنان بعد انفجار المرفأ في 4 آب، ولقائه الكتل النيابية الاساسية في قصر الصنوبر.

لكن بعض المصادر المتابعة لحركة الاتصالات والمساعي القائمة تتساءل: بعدما فشل الآخرون الكبار في تحقيق نتيجة وخرق الحائط السميك حتى الآن، وغلب تصعيد المواقف على حركة المساعي،  هل ينجح حزب الله؟ وهل يستطيع حزب الله ان يضغط على الرئيس عون للتنازل عن صلاحيته ودوره في تشكيل الحكومة، وإقناع عون والتيار الوطني الحر للقبول بتشكيلة حكومية غير مقتنعَين بها؟ وهل يستطيع ان يُقنع الحريري بالتراجع عن صلاحياته وعن السقوف التي حددها لتشكيل الحكومة المطلوبة وفق نظرته للمبادرة الفرنسية؟

ثمّة إشكاليات كبيرة في الموضوع، وهناك من يراهن على ان حزب الله قادر على ان «يمون» على هذه الاطراف بسهولة، ولكن بالواقع لو كان قادراً او راغباً، او لو تجاوب معه الطرفان في ما لو قام بمسعى، لكان أسهم منذ شهرين في معالجة الخلافات، ولكانت الحكومة قد نالت الثقة النيابية وباشرت ممارسة عملها.

وثمة مبالغة ايضاً في توصيف الحزب بأنه يعرقل تشكيل الحكومة لأسباب تتعلق بحساباته الاقليمية والخارجية، وانه يفضل ان يبقى الوضع على ما هو عليه لحين جلاء الصورة في المنطقة بعد تسلم الرئيس جو بايدن مسؤولياته الرئاسية ومباشرة معالجة الملفات العالقة في الشرق الاوسط. فالحزب بحسب اوساطه مستعجل على معالجة كل الملفات الداخلية بالتوافق، ويسانده الرئيس نبيه بري ايضاً، لأن الاستقرار الداخلي يريحه من الضغوط الحاصلة في الملفات الاقتصادية والمعيشية والامنية.

وهناك من ينقل عن أوساط الحزب النيابية: ان القائلين بوساطة ما يقوم بها ليقولوا لنا ما هي تفاصيل هذه المبادرة، وما هي معاييرها، ومن يقوم بها. الحاج حسين الخليل ام وفيق صفا ام الاثنين معاً؟ فنحن لا نعلم ما اذا كان الحاج حسين او الحاج وفيق يقومان بوساطة ما. نسمع كما يسمع غيرنا في الاعلام، لكن لا نعلم «إذا كان الحاج حسين الخليل عنده علم بالمساعي!».

إذا كان الحزب لا يقوم بمسعى او انه متحفظ ومتكتم على ما يقوم به، السؤال المطروح فعلياً: من هي الجهة التي تستطيع ان تكسر هذا الحائط السميك القائم امام الحلول في لبنان؟ وفي الأصل السؤال: اذا كان صحيحاً ان هناك من يعرقل عن قصد تشكيل الحكومة، من هو؟ ولأي سبب، داخلي او خارجي؟ وهل ان كل الكلام بحق هذه الجهة حقيقة او تلك مجرد اتهامات سياسية غير مستندة إلى وقائع، وان كل الذرائع المعلنة لتأخير التشكيل ربما هي غطاء للأسباب الحقيقة المجهولة للتأخير؟

ربما وحدهما الرئيسان عون والحريري يملكان الجواب الحقيقي لهذه الاسئلة، وقد يكون لكل منهما السبب العلني المُقنع دستورياً وسياسياً امام الرأي العام. لكن البلاد وصلت إلى قعر الهاوية ولم تَعُدْ تحتمل هذا الغموض والخوض في تصفية حسابات سياسية، بينما الناس تعاني ولا تستطيع انتظار تفرغ بايدن لملف الشرق الاوسط ولبنان من ضمن اوراقه، ولا انتظار تسوية أوضاع المنطقة الموضوعة امام مصير ومستقبل مجهولَين في المدى المنظور.