IMLebanon

“التيار” قبيل مؤتمره العام: ورقة سياسية.. وصراعات بين “جيوشه الإلكترونية”

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

يستعد “التيار الوطني الحرّ” لعقد مؤتمر عام في الرابع عشر من آذار المقبل وسط تحديات تنظيمية وسياسية شديدة التعقيد، قد يصعب عليه اجتيازها اذا لم يصغ استراتيجية صمود ذكية ومتينة تسمح له بعبور المرحلة، التي يعترف بأنّها مرحلة متغيرات كبرى، بأقل الأضرار الممكنة.

اللافت، أنّ قيادة “التيار” قررت دخول مدار المؤتمر عبر سلّة تعيينات تطال القيادات الوسطية التي يمثّلها منسّقو الأقضية الذين يعتبرون عصب القواعد الحزبية ومحرّكيها، مع كل ما يمكن لهذه التغييرات أن تحدثها من ضجيج وخلافات بين مجموعات الخلف والسلف. الأهم من ذلك، هو ما يتمّ التداول به في أوساط الحزبيين، وهو أنّ هذه التعيينات ليست سوى تعبير عن صراع داخلي بين نواب رئيس الحزب، لتنقل مواقع النفوذ من ضفّة إلى اخرى… وكأنّ جسم “التيار” محصّن ضدّ فيروسات الخلافات الداخلية، التي كسرت كل المحظورات وبات غسيلها منشوراً على حبل مواقع التواصل الاجتماعي.

اذ يكفي رصد حركة “الهاشتاغ” على منصّة “تويتر” للتأكد من حجم الصراعات بين أبناء الصفّ الواحد. وهي ظاهرة غير صحية لاحظها الكثير من متابعي هذا الموقع خلال الساعات الأخيرة، حيث تبيّن أنّ حرب الهاشتاغ انطلقت بين أجنحة “الجيش الالكتروني” العوني، والذي يفترض أنّه بإمرة جاي لحود، وقد دخل على الخطّ مسؤولون مركزيون يحاولون بدورهم تنظيم “جيش الكتروني”. إلا أنّ الخلاف بين الفريقين تجلى بشكل واضح في الفضاء الافتراضي.

في هذه الأثناء، وزّعت قيادة الحزب المسودة الأولية لجدول أعمال المؤتمر وهي عبارة عن ورقة تختصر رؤية “التيار” للمرحلة المقبلة، على المستويين السياسي والتنظيمي.

وقد تبيّن وفق هذه الورقة، أنّ أبرز عناوين السياسة الخارجية المطروحة للنقاش، تتناول مثلاً وضعية لبنان وعلاقاته الخارجية وتحديداً مع الشرق والغرب، في محيط لبنان ووضعه المشرقي (الدور المسيحي لجهة المواءمة بين الخطر الوجودي والحفاظ على الهوية)، تحضير “التيار” ولبنان لمتغيّرات مالية واقتصادية وسياسية وعسكرية كبرى وعلى ضوئه تحضير الموقف من الاستراتيجية الدفاعية وتحييد لبنان.

أما في السياسة الداخلية، فتطرح الورقة الموقف من تطوير النظام: الدولة المدنية مع اللامركزية الموسّعة وفق سبعة محاور وهي الثغرات الدستورية، اللامركزية الموسّعة، مجلس الشيوخ وقانون الانتخابات، مجلس النواب وقانون الانتخاب، قوانين الأحوال الشخصية، أصول الدولة وإداراتها واستكمال النواقص من تنظيم أعمال مجلس الوزراء ومجلس النواب. كما تتناول العلاقة مع “حزب الله” لجهة مراجعة التفاهم، إصلاح النظام النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، مكافحة الفساد وعلى رأسه التدقيق الجنائي واعتماده وسيلة محورية لنجاح مشروع التيار السياسي. كما تتناول الورقة الخطاب الوطني والمسيحي للتيار “الذي يحاكي بالتوازي هواجس المسيحيين ووعيهم الجماعي ويؤكد على وجوب تمسّكهم بوجودهم ودورهم ورسالتهم ويؤكد في الوقت نفسه على التوجه العلماني للتيار فيساهم بالتوسّع داخل المجتمعات الاسلامية ويعيد ترميم الثقة مع العلمانيين والمجتمع المدني”.

أما على المستوى التنظيمي، فتطرح الورقة سؤالاً عن الدروس التي تعلمها الحزبيون منذ دخول الحياة السياسية في العام 2005، ومنذ دخول الحكم في العام 2016 ومنذ 17 تشرين الأول 2019، وكيف التعامل معها. وتتناول التثقيف الحزبي والسياسي وتفعيل الاعلام والتركيز على الشباب، والمشاركة في صنع القرار داخل “التيار” وخارجه.

كما تتناول الانتخابات القادمة وكيفية التعاطي معها وكيفية اشراك عدد أكبر من المخضرمين والشباب في استلام مهام مركزية ولامركزية، وتقديم مقاربة جديدة للمساءلة على الانتاجية والمحاسبة على الأخطاء.

ومن العناوين المطروحة أيضاً، كيفية التمويل الذاتي والتبرعات والمساهمات والاستثمارات والمشاريع الانتاجية وشبكة الأمان الاجتماعي والاقتصادي (لمساندة التياريين بمواجهة الأزمة)، كيفية تحوّل “التيار” إلى مساهم ومبادر ورائد في الانتقال إلى الاقتصاد المنتج، كيفية تفعيل عمل “العلاقات العامة” للتواصل مع المناصرين وقادة الرأي العام، تفعيل الـNGO’s وزيادة امتداد علاقاتها. وأخيراً، الانتخابات التمهيدية الداخلية: الجدوى، المقاربة، والآلية. وعليه، يجوز طرح تساؤلات كثيرة ازاء هذه الورقة، وأهمها: ألا يفترض أن يكون جدول أعمال المؤتمر استثنائياً ربطاً بالظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون، حيث بدت نقاط المعالجة خارجة عن سياق أولويات الناس في هذه الأيام؟

وفيما لو افترضنا أنّ “التيار” قرر تجاوز مقتضيات هذه المرحلة لمواكبة الانتخابات المنتظرة، هل تملك قيادة الحزب جواباً واضحاً على طبيعة التحالفات التي سينسجها وهو الذي بات محاصراً بالخصومات من معظم القوى السياسية؟

الأهم من ذلك، هو أنّ هذه الورقة مطروحة راهناً على بساط النقاش بين الهيئات الحزبية بشكل يوحي وكأنّ قيادة “التيار” ديموقراطية لدرجة ترك خياراتها السياسية رهينة ميول وأفكار الحزبيين!