IMLebanon

أساليب اسرائيل في السيطرة على غاز المتوسط

كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:

تحولت اسرائيل في الآونة الأخيرة من كيان مستورد للغاز الطبيعي إلى بلد مصدّر له، فبعدما اعتمدت لعقود على الغاز المصري الذي كانت تصطاده بأسعار بخسة رخيصة، تصدّر تل أبيب اليوم الغاز إلى دول الجوار كالأردن ومصر في ظل سخط شعبي قوي. وتستغل اسرائيل الخلافات العربية الحادة لتزيد وتضاعف من نفوذها في مجال الطاقة وكل ذلك يترافق مع دعم عالمي من الادارة الأميركية.

ومنذ اعداد مشروع الشرق الاوسط الجديد تهدف اسرائيل للتحول إلى هونغ كونغ الشرق الاوسط، كي تمسي البوابة الاقتصادية للمنطقة ويبدو أن هذا المراد الاسرائيلي قد بدأ يطل برأسه نتيجة المخزونات الهائلة من الغاز التي وجدت في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتسعى تل أبيب للسيطرة عليها بطرق شتى وأبرزها الطرق الغير شرعية مراهنة على تحقيق مرادها من خلال صفقة القرن الهادفة إلى دمجها في المنطقة واخراجها من رحم العزلة من دون مخاض عسير.

يقول الخبير النفطي عامر الشوبكي أن اسرائيل تكثف كل جهودها لمحاولة السيطرة على الامتياز الخاص بالغاز الطبيعي في المنطقة كمصدر مهم وبيئي لتوليد الكهرباء، عبر الاتفاقيات والعقود التي ستبرمها مع دول عدة عقب استغلالها لأزمات المنطقة على اعتبار انها تصنف نفسها المحرك الرئيسي لابتكار منتدى غاز البحر المتوسط الذي عقد قبل أشهر في القاهرة، وهي التي تستغل حاجة أوروبا للغاز الطبيعي على اعتبار أنه بديل هام عن الغاز الروسي، في الوقت الذي سوقت فيه نفسها من خلال المنتدى كمورّد غاز لدول مثل فرنسا واسبانيا وقبرص وغيرها من خلال امتياز شركة الغاز العالمية وبأسعار منافسة بهدف انتشال الأوروبيين من مستنقع الضغوطات الروسية عليهم بحسب الشوبكي الذي يستفيض في الكلام ليفيد بأن اسرائيل تدرك جيداً بأن توريد الغاز لدول أوروبا لن تكون طريقه معبدة أو مفروشة بالورود والرياحين من خلال مد أنابيب في أعماق البحر، لذا عملت على انشاء محطات كبرى لتسييل الغاز ليمسي تصديره سهلاً عبر وسائط النقل المخصصة.

لقد بدأت أعمال الحفر في أهم حقلين في الشرق الاوسط وهما حقل ليفياثان الذي يبلغ احتياطه من الغاز 18 ترليون متر مكعب وحقل تمار الذي يبلغ احتياطه من الغاز الطبيعي 238 مليار متر مكعب ويمكن القول بأن اسرائيل استغلت أزمة ترسيم حدود الامتياز بين لبنان وقبرص ومصر واستطاعت بدعم من شركات أميركية خاصة مثل شركة نوبل انرجي وشركة BB GROUP وشركات اسرائيلية أخرى، أن تنتج من حقل ليفياثان احتياط بنسبة أربع أضعاف الاحتياط من تمار وقد وضعت السلطات الاسرائيلية يدها على هذه الحقول منذ عام 1999 بعد أن سمحت الهيئة الاسرائيلية للنفط لشركة BB GROUP باجراء استكشافات في شرق البحر المتوسط.

وفي عام 2005 تنازلت BB GROUP عن مهمتها، لكن في الوقت الذي كانت فيه اسرائيل قد حصلت على تعاقد مع مصر لتوريد غاز مصري بثمن 2.75 دولار لكل 27 متر مكعب وهو ثمن لا تستطيع بي جي منافسته إلى ان حان دور شركة نوبل انرجي الأميركية، لتكمل أعمال الاستخراج في عام 2006 وقد مددت فترة التعاقد مع اسرائيل إلى عام 2008 ثم إلى عام 2011 ثم تمديد آخر لكن هذه المرة حتى عام 2035.

ومع هذا الكم الهائل من الانتاج تبذل اسرائيل قصارى جهدها من أجل عقد اتفاقيات لتوريد الغاز لدول الجوار كالأردن التي يقع فيها حقل الريشة جنوب شرق العاصمة عمان والمجمع الغازي قرب الساحل اللبناني ومصر التي باتت مستورداً للطاقة رغم أن كمية ثروة الغاز التي تقع في باطن أراضيها خاصة حقل ظهر في محافظة بور سعيد يبلغ احتياطه 30 ترليون متر مكعب.

أما المتخصص في الشؤون الاسرائيلية حسن البراري، فأوضح ان اسرائيل تستورد الطاقة لكنها في المقابل تحاول استغلال اشتعال الأزمات في المنطقة بهدف القبض على الامتياز لتصبح هي المصدر الاهم والأبرز لتوريد الطاقة لدول أوروبا ودول المتوسط، ويضيف البراري قائلاً، إن اسرائيل تعتقد أن بامكانها التلاعب بما يجري في المنطقة وتنوي الانضمام بشكل مباشر للنادي المصري المعادي لتركيا وتستغل الأزمات التي تضرب لبنان خصوصاً مع حزب الله وهذه كلها أسباب وعوامل تمنح اسرائيل هامشاً واسعاً للتحرك ومساحة كبيرة لمحاولة الاستئثار والهيمنة والسيطرة والنفوذ، أما بالنسبة للبنان وبعد أن دعمت واشنطن تل أبيب في نزاعها مع لبنان فإن شركات التنقيب الاسرائيلية استولت على حق التنقيب بالمتوسط بالقوة واستولت على مناطق الامتياز الثلاثة اللبنانية خاصة البلوك رقم 9  الواقع قرب منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة وتحديداً حقل كاريتش الغازي والذي تبلغ حصة لبنان منه 96 ترليون قدم مكعب.

لقد تم تقسيم المساحة المتنازع عليها إلى 10 بلوكات ويشكل البلوك رقم 9 أهمها وأكثرها انتاجاً حيث تمكنت اسرائيل بعد ذلك وبدعم واشنطن من تشييد مراكز بحوث واستكشاف رئيسية في تلك المنطقة واستحوذت على حرية الاستخراج والبيع وبذلك بات مصير الطاقة في لبنان في قبضة اسرائيل.