IMLebanon

متى يرى اللبنانيون “حردبّتهم”؟

كتب عبد الفتاح خطاب في “اللواء”:

لبنان بلد من بلدان العالم الثالث، ويتبوأ أدنى الدرجات في سُلّمها، ويتقدم لوائح الفساد والتخلف في أمور عدّة، ومع ذلك تتصرف الدولة والمواطنون كأنهم من بلدان الاقتصاديات المتقدمة، فيعيشون في بذخ مُبالغ به، وبحبوحة غير مُبررة، ويُسر مُفرط عبر الاستدانة، على قول المثل «شحّدني وأنا سيدك»!

لبنان يزعم أنه بلد الحرية والديمقراطية، لكن أبناءه بمعظمهم يُمارسون الحرية والديموقراطية من وجهة نظرهم، وحصرياً لما فيه مصلحتهم الضيّقة. وأكثر من ذلك، فقد أمعن لبنان في تشويه مفهوم الديموقراطية حين ابتدع مصطلح «الديمقراطية التوافقية» التي تنسف جوهر الديموقراطية من الأساس!

ومع انه يوجد في لبنان ثمانِ عشر مذهباً دينياً (بشكل رسمي) ويُفترض أن يكون واحة للأديان والتسامح، إلا أن أبناءه بمعظمهم غير مؤمنين وغير أخلاقيين، ولا «يعرفون ربّ العالمين» في تصرفاتهم وتعاملهم وشؤون حياتهم.

في لبنان يلمّ الناس بأربع لغات (وربما أكثر) في طليعتها العربية والفرنسية والانجليزية والأرمنية، ومع ذلك فإنهم بمعظمهم لا يعرفون لغة الصدق والحق والشفافيّة والنزاهة والاستقامة، ويلجئون إلى لغة الاستهتار واللف والدوران و«الشطارة»!

يستخدم لبنان عملتين في تعامله النقدي وهما الليرة والدولار الأميركي (اضافة إلى الليرة السورية والشيكل الصهيوني في مرحلة سابقة)، لكن أبناءه بمعظمهم يُمكن شراء ولائهم وتبعيتهم رخيصة بأي عملة و«بقرش مبخوش»!

لبنان يدّعي أنه بلد الانفتاح، بينما هو مستنقع نتن للعنصرية ومرتع لها، ليس فقط في التعامل مع غير اللبنانيين، بل ما بين اللبنانيين أنفسهم!

لبنان يُفاخر بطبيعته الخلاّبة، لكن بيئته الموبوءة هي الأخطر في المنطقة، وهي بيئة لأمراض السرطان والأوبئة على اختلاف أنواعها. بحره ملوّث بالمجاري والنفايات والزيوت المُتسرّبة، وبحيراته وأنهاره موبوءة بالمجاري ونفايات المصانع والمنازل. أرضه مدفن لبراميل النفايات النووية والسامة وترسبات الأسمدة الكيماوية، وهي ساحة لمجازر الكسّارات والمقالع. هواءه مُشبع بالغازات السامة لمداخن المصانع، والحرق العشوائي للنفايات، ودخان مولدات الكهرباء وعوادم السيارات.

لبنان فخور بأرقامه القياسية في موسوعة غينيس للأرقام القياسية المرتبطة بأكبر صحن فتوش وصحون الكبة والفلافل والحُمّص، إلى أكبر ساندويش ومنقوشة، وأكبر كأس نبيذ، وأطول حلقة دبكة وغيرها، بينما «يُطنّش» عن ضخامة أرقام كمّيات اللحوم والدواجن والمواد الغذائية الفاسدة والأدوية المزورة التي تمّ الكشف عنها صدفة، أو لأن المداهمة تمّت بسبب الكيديّات والمنافسة غير الشريفة!

لبنان الخدمات المصرفية المتميّزة والرائدة في المنطقة أظهر الوجه الحقيقي البشع لمنظومة استولت على مدخرات شعب بأكمله، في عملية نهب لا سابقة لها إطلاقاً في تاريخ البشرية!

لبنان معهد وجامعة الشرق هو أيضاً مصدر الشهادات المزوّرة التي أوصلت حامليها الى مناصب حكومية وإدارية وعسكرية رفيعة في لبنان والخارج!

لبنان مُدّعي التقدّم على صعيد المنطقة، مُتخلّف على صعيد خدمات الكهرباء والهاتف والانترنت، والبنى التحتيّة، والتقديمات الصحيّة وضمان الشيخوخة. لبنان يسبح فوق بحيرة من المياه الجوفية ومع ذلك يُعاني من نقص حاد وانقطاع المياه!

لبنان الذي يزعم أنه نشر الحضارة في العالم هو أيضاً من أكبر مصدري حبوب «الكبتغون» والمخدرات التي تضرب أسس المجتمع وتُسمم الحضارات!

وأخيراً وليس آخراً … لبنان الكرامة والشعب العنيد أرتضى ناسه ان يتحوّلوا إلى شحاذين على أبواب الصرّافين، وأن يستعطوا الأفران والصيدليات والخدمات كافة!

لقد أضحى لبنان سويسرا الشرق «جرصة» العالم!  وما سبق أعلاه هو مجرد فيض من غيض!!!

قد يعترض البعض ويقول ليس معظم اللبنانيين هكذا بل بعضهم، وأرد بالقول بل معظمهم لأن «الساكت عن الحق شيطان أخرس» وشريك صامت!

يقول المثل الشائع «الجمل لو شاف حردبتو … كان وقع وانقصفت رقبتو»، فمتى يرى اللبنانيون حقيقتهم البشعة وحقيقة أوضاعهم الكارثية، ويعملون بتجرد ونزاهة وحرفيّة على معالجتها جذرياً وبسرعة قصوى، قبل أن تنكسر رقبتهم عندما يستفيقون قريباً ويرون حجم وتشويه حدبتهم؟!