IMLebanon

الحريري رمى كرة التعطيل ببعبدا.. و”الحزب” لن يتخلّى عن عون

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

بلاءات ثلاث خرج الرئيس المكلف سعد الحريري اثر زيارته قصر بعبدا: “لا عودة عن حكومة 18 ولا ثلث معطّل ولا تقدم في الحكومة”. نتائج مخيبة لزيارة لا تزال اسبابها غير مفهومة ولا دوافعها حتى لأقرب المقربين. رئيس مكلف عاد من عشاء خاص جمعه بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سعى اليه طويلاً وعاد مخيباً آمال منتظريه والمراهنين على دور فرنسي جديد. تقول مصادر مطلعة على الموقف الفرنسي ان “فرنسا لم تعد مستعدة لاي خطوة غير مدروسة او ان تخطو خطوة ناقصة باتجاه لبنان تسحب من رصيد رئيسها، الذي يستعد لخوض الانتخابات في وقت تعاني بلاده مشاكل اقتصادية وصحية جمة”. الطلقة الوحيدة المتبقية للرئيس الفرنسي زيارته المتوقعة الى السعودية والتي سيدرج ملف لبنان في سياق الملفات التي سيبحثها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

أصحاب الحل والربط كانوا على ثقة ان زيارة الحريري الى باريس لن تقدم ولا تؤخر. قصد الفرنسيين لجس النبض فأبلغوه ان عون لن يتراجع فكن اكثر مرونة معه ونصحوه بالزيارة ففعل، من دون تقديم اي مبادرة جديدة. أعاد التأكيد على تشكيلته القديمة مع تعديل طفيف على بعض الاسماء وضعها في عهدة عون وغادر، ليخلّف الانطباع القديم لدى العونيين بأنه “لا يريد تشكيل حكومة ولا يقبل فكرة الشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية، وهو لا يزال يتصرف بمنطق انه كرئيس مكلف يشكل ورئيس الجمهورية يصدر مرسوم التشكيل، وان لم يفعل فنحمله مسؤولية العرقلة وهذا ما يؤكد انه لم يعد من الخارج حاملاً اي طرح جديد”.

قبل خمسين يوماً وهو تاريخ آخر زيارة الى بعبدا كانت مصادر الحريري تتحدث خفية ان طريق بعبدا لم يعد سالكاً، بعد الفيديو المسرب للرئيس عون يتهم فيه الحريري بـ”الكذب”. وان المطلوب اعتذار وتراجع. لكن لا هذه حصلت ولا تلك. بينما جال الحريري من مصر الى الامارات وصولاً الى فرنسا التي استقبله رئيسها من دون ان يُصدر بياناً فرنسياً رسمياً عن الزيارة، وعاد قاصداً بعبدا في زيارة زادت الاوضاع تأزماً وأججت الوضع اقتصادياً وسياسياً. ومن غير المعروف اسباب زيارة الرئيس المكلف وهو الذي لمس بنفسه اصرار عون على المضي قدماً بمواقفه. فهل نصحته جهات معينة بالمبادرة الى كسر الجليد على قاعدة بادر واترك الباقي علينا؟

رغم كل لاءاته، تجلت الايجابية الوحيدة بعبارة قالها الحريري عقب اللقاء وعد من خلالها بـ”اكمال التشاور” ما يعد اصراراً على عدم الاعتذار. يدرك الحريري قبل وبعد الزيارة ان ميشال عون لن يقبل كسر كلمته ولا التراجع عما يعتبره حقه كرئيس للجمهورية دستورياً، وهو حكماً لن يرضى بحكومة مصيرها معلق على كلمة يتلفظ بها رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط، لو اراد فرضاً سحب وزيره من الحكومة. حتى البطريرك الراعي بات عون يتعامل معه على أنه مسؤول عن أي اجحاف يلحق بحق المسيحيين وتمثيلهم في الحكومة، اما التعويل على مونة “حزب الله” على عون فلا يبدو في محله لأنّ “حزب الله” ليس بوارد الضغط على عون، ويعلم أنه سيبقى متمسكاً بموقفه ولو على حساب ما تبقى من عهده.

لا يمكن تفسير زيارة الحريري الى بعبدا الا من باب احراج رئيس الجمهورية والقول اني بادرت والكرة في ملعبه وهو من يعرقل، ولذا سلمه التشكيلة ونصحه باقتناص الفرصة الذهبية التي لمسها من خلال جولاته ليكون رد بعبدا ان الحريري لم يأت بجديد. وبتقدير المصادر العونية فإنّ الحريري قصد بعبدا متمسكاً بحكومته ليلقي الملامة على رئيسها ويتهمه بالتعطيل. وتعتبر أنها ليست المرة الاولى ولا الاخيرة التي يخطئ فيها الحريري التقدير. اخطأ اول مرة حين قفز من سفينة الحكومة في 17 تشرين ظناً منه ان الثورة ستجاريه لتصيب العهد وصهره، ثم اخطأ بالرهان على وقع العقوبات الاميركية على رئيس “التيار” جبران باسيل. أسقط حكومة حسان دياب بالاتفاق مع حلفائه وأفشل بالتعاون معهم تكليف مصطفى اديب وكُلف بناء على رغبته. واليوم على ماذا مراهنته الجديدة؟ أغلب الظن ان الحريري يريد ان يستثمر الزيارة في كلمته يوم غد الاحد، لتكون مناسبة للشكوى من المعطلين والاسهاب في شرح الفرصة الذهبية التي لمسها من زياراته الخارجية.

وقالت مصادر سياسية متابعة ان الحريري يظن انه يضغط بالاحتفاظ بالتكليف في جيبه ويصعّد مواقفه، وهو يعلم ان “حزب الله” لن يتخلى عن عون ولا عون سيتخلى عن تمثيل النائب طلال ارسلان في الحكومة. أكثر ما هدف اليه الحريري رفع مسؤولية التعطيل عنه، وما قوله ليتحمل الكل مسؤوليته الا لعلمه ان البلد مقبل على مشهد دراماتيكي نتيجة تطورات اقتصادية وأمنية مقبلة.