IMLebanon

الأزمة المالية تدقّ باب المستشفيات

كتبت جويل الفغالي في “نداء الوطن”:

كثُرت الشكاوى في الآونة الأخيرة عن إرتفاع الأسعار والفوضى في السوبرماركات ومحطات البنزين لتتوسع الآن وتصل إلى المستشفيات. الأزمة الإقتصادية الأخيرة ضربت المستشفيات في لبنان وبدأت تطبيق “الدولار الصحي” على أساس سعر صرف 3950 ليرة، وباتت فروقات فواتير الإستشفاء للمضمونين تقاس بملايين الليرات. ما يجعلنا أمام واقع مرير يحكم ملف الإستشفاء والطبابة في لبنان ويهدّد أدنى حقوق المواطنين. فما هو الحلّ؟

أوضح وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن سابقاً، أن “الدولار الرسمي محدّد من مصرف لبنان والدعم مستمر، وزيادة التعرفة من قبل المستشفيات ورفع سعر الدواء أمران غير مطروحين”. كما أكّد نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أن “لا قرار بعد باعتماد تعرفة جديدة للدولار في المستشفيات، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن الاستمرار بالتعرفة الحالية بعد قفزة الدولار من الـ1500 ليرة الى الـ 8000 ليرة، فإنّ ارتفاع سعر صرف الدولار رتّب أعباء كبيرة، اذ لدينا متطلبات مدعومة بنسبة 85%، وأخرى غير مدعومة. ونسبة الـ 15% المتبقية من المتطلبات المدعومة يتمّ تأمينها وفقاً لدولار الـ 8000 ليرة. وبالتالي، حتّى السلع المدعومة تضاعف سعرها، وغير المدعومة أصبحت تكلفتها ستة أضعاف”.

عبء المستشفيات

ومع اشتداد أزمة استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، ولتتمكن المستشفيات من الوقوف على قدميها وتخطّي الأزمة، فرضت على المواطن دفع مبالغ باهظة لاستكمال العلاج. وبحسب هارون: “هناك مشكلة كبيرة في الوقت الحاضر فنحن لا نعلم إذا كان الدعم على المستلزمات الطبية ما زال قيد التنفيذ، التجار رفعوا أسعارهم وبدأوا يطالبون بالدفع على أساس سعر دولار 9000 ليرة أو “الدولار الكاش”. ويضيف: “يعيش القطاع الاستشفائي اليوم حالة من الفوضى ومن الصعب أن تستمر المستشفيات على هذه الحال، حتى رفع الدعم بدأ يطال الكواشف في المختبرات وفحوصات الدم لـ”كورونا” إضافة الى أدوية التعقيم والتطهير والتصليحات وقطع الغيار للمعدات في المستشفيات، والأكل الذي تضاعف سعره عدة مرات”.

“في مشكلة وبدّا حلّ وما فيون يلوموا المستشفيات أنو عم تغلي”، يقول هارون، ويلفت الى انه “من المفروض أن يتدخل وزير الصحة لحلّ هذه المشكلة وإعطاء جواب في ما يخص الدعم، إما هناك دعم ويتم تطبيقه بطريقة جيدة وبيع المستشفيات وفق الأسعار المدعومة، إما لا يوجد دعم بحيث يعلن مصرف لبنان عن رفع الدعم وهكذا سترتفع الأسعار 5 و6 مرات وليس فقط مرتين وثلاثاً، وبناءً على ذلك يتم الإتفاق مع الجهات الضامنة وصندوق الضمان الإجتماعي”. وكان قد حذّر مصرف لبنان عدة مرات من بدء رفع الدعم عن المستلزمات الطبية. ويرى هارون “ان “المركزي” عاجز عن الإستمرار بسياسة الدعم، و كان قد طلب منا تقسيم المستلزمات الطبية بين مدعومة وغير مدعومة وكان جوابنا ان جميعها يجب ان تكون مدعومة لأن جميعها مستوردة من الخارج ولها أهمية في العمل الإستشفائي”.

زيادات مفرطة

وفي المقابل يعتبر المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي د. محمد كركي انه “لا مبرر للزيادات المفرطة التي تفرضها المستشفيات على المرضى، فعلى المستشفيات الإلتزام بتعرفات الضمان الإجتماعي، أما في ما يتعلق بكيفية الحصول على المستلزمات الطبيّة، فيجب متابعتها مع المعنيين والتي كانت قد انحلت وفق إجتماع جرى في وزارة الدفاع ترأسه نائب دولة الرئيس، وزيرة الدفاع وبحضور ممثلين عن كل الاطراف”.

ويتابع: “نتفهم الأكلاف الجديدة التي تتحملها المستشفيات، أما الذي يجري اليوم فهو أمر غير طبيعي، وطالما أن مصرف لبنان لا يزال يؤمن الدعم للدواء والمستلزمات الطبية فالسعر الرسمي لا يزال 1515 وبالتالي لم يتغير شيء من الناحية الرسمية، أما إذا كانت هناك مخالفات فيجب مراجعة الجهات المختصة”. لافتاً الى أن “الضمان الإجتماعي يدفع للمستشفيات شهرياً منذ العام 2011، وسنوياً كنا نسدّد بحدود الـ300 مليار ليرة، وفي العام 2019 دفعنا نحو 700 مليار ليرة سنوياً”.

ووجّه الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي عدة إنذارات للمستشفيات وفسخ العقود مع بعضها، لعدم التزامها بالتعرفات المحددة من قبله ولإستغلالها خوف الناس وحاجتهم الى الاستشفاء، ويقول كركي:” بدأنا إجراءات صارمة كالإنذار الموجّه لمستشفى جبل لبنان منذ 10 أيام وفسخ العقد مع مستشفى فؤاد خوري وكليمنصو ونتابع مع جميع المستشفيات، وإذا تبين أي خلل أو تقصير سنقوم بالواجب لردع هذه التصرفات.

فمن أجل خدمة المضمونين بشكل أفضل وللبقاء على تواصل معهم في حال مواجهتهم أي مشاكل وعراقيل، تم توقيع إتفاقية مع جمعية “عمال” التي تهدف الى تأمين خط ساخن لجميع المضمونين وعلى مدار الساعة والأسبوع (#2424) لتلقي شكاويهم المختلفة والمتعلقة بالضمان الصحي، وخصوصاً المعاملات الاستشفائية في حال عدم استقبالهم في المستشفيات أو تقاضي فروقات كبيرة وأي شكوى أخرى، على أن تنقل الى مستخدمي الصندوق لمعالجتها”.

وحول حادثة الطبيب نبيل خرّاط التي تفاعلت، رأى عضو اللقاء الديمقراطي النائب د. بلال عبدالله بتغريدة عبر موقع “تويتر” ان “‏تغطية المؤسسات الضامنة على تنوعها وتغطية شركات التأمين لحالات الأصابة بكوفيد-19 مع مضاعفاتها، تحتاج حلاً جذرياً ونهائياً ملزماً، لأن المواطن المصاب أصبح عاجزاً عن الإستشفاء في ظل الضياع والتهرب والتحايل على القوانين. اللجان المختصة في الدولة وعلى أعلى المستويات تجتمع كثيراً، فلتعالج الأمر”.

وبدوره يقول كركي: “يجب الآن إلزام المستشفيات باحترام العقود والتعرفات وبخاصة ما يتعلق بموضوع “كورونا”، لأن هناك استغلالاً أكبر بكثير من الواقع، فالحادث الذي حصل مع الطبيب نبيل خراط حيث تبين أن مستشفى المشرق ألزمه بدفع 30 مليون ليرة بعدما استقبله وعالجه، وهو يقول انه كان بانتظار جواب من الجهة الضامنة وانه كان سيرد هذا المبلغ للعائلة، واما نحن فنتابع التحقيقات لمعرفة ما حصل، ولكن بمجرد طلب هذا المبلغ هناك مشكلة كبيرة وبخاصة في الظروف الإقتصادية الصعبة”. ويرى أن “هذه التصرفات مرفوضة وممنوع تكرارها، لذلك هناك إجراءات قاسية لكل من يخالف وبخاصة من يطلب مبالغ “غير طبيعية” نظراً إلى أن نسبة 95% من الاجراء المسجلين في الضمان الاجتماعي يتقاضون راتباً يقلّ عن 5 ملايين ليرة شهرياً”.

الإستمرار

وفيما يقول هارون إن “المستشفيات لا تستطيع أن تستمر شهراً واحداً على هذه الحال، يؤكّد كركي “أهمية استمرار المستشفيات والأطباء، فنحن في وضع استثنائي علينا التعاون والتضامن بروح وطنية لتخطي الأزمة، أما موضوع الربح فهو ليس مطروحاً في الوقت الحالي، وقد جنت المستشفيات على مدى أكثر من 30 عاماً الأرباح واستفادت من المواطن والهيئات الضامنة والدولة. علماً أنه تلبية لطلب المستشفيات زادت التعرفات 200 ألف ليرة للإقامة في غرفة عادية و 400 ألف للعناية الفائقة، والآن نعمل على موضوع الأوكسجين وغسل الكلى، وكما نحن نحاول ان نتفاعل مع المستشفيات ونساعدها، عليها أن تتفهم الوضع المالي الصعب ككل والأهم على المواطن”.

يبقى الخلاص الوحيد لكل المشاكل التي يمر بها لبنان تشكيل حكومة تضع النقاط على الحروف وتعمل لمعالجة مشاكل المواطن وهمومه المعيشية.