IMLebanon

“الحزب” ومعارضوه في لبنان.. ذباب إلكتروني يكمم الأفواه

كتب جوني فخري في “العربية”:

منذ اغتيال الكاتب والمعارض الشرس لـ”حزب الله” لقمان سليم، قبل 10 أيام، شكلت مواقع التواصل منصة للقصف الإعلامي وتوجيه رسائل التهديد “المبطّنة” ضد المعارضين لسياسة الحزب، لاسيما داخل بيئته الشيعية.

وحوّلت الجريمة التي هزّت الرأي العام اللبناني واستدعت ردود فعل محلية ودولية، مواقع التواصل إلى صندوق بريد لإيصال رسائل التهديد إلى المعارضين، لاسيما الشيعة تحت عنوان أن الرأي الآخر غير مرحّب به ورفعُ الصوت ممنوع.

كما استخدمت مصطلحات “العمالة” و”شيعة السفارة” كسلاح للتصويب على المعارضين الشيعة، وهو ما قابله المعارضون بشعار “صفر خوف” الذي استخدمه لقمان سليم في وقت سابق لمواجهة حملات التهديد والترهيب التي تُساق ضدهم من قبل الجيش الإلكتروني التابع لـ”حزب الله”.

ومن بين المعارضين الذين طالتهم تهديدات الذباب الإلكتروني، الصحافية اللبنانية لونا صفوان التي لطالما تعرّضت لحملات إلكترونية شرسة تحت عنوان “العمالة والتخوين” وبأنها من “شيعة السفارة” الذين يتلقّون الدعم المادي من سفارات غربية.

وقالت صفوان لـ”العربية” “إنها تتلقى تهديدات “مبطّنة” عبر رسائل إلكترونية على شاكلة “من يُشترى بالرخيص سيُباع بالرخيص”.

وعقب اغتيال سليم، أعاد الجيش الإلكتروني التابع لـ”حزب الله” نشر صور لمعارضين من داخل بيئته الشيعية من بينها صورة الصحافية صفوان، مع تعليق بعنوان “إعلام الحقارة بأمر السفارة”، في إشارة إلى السفارة الأميركية.

ولفتت صفوان، التي تعدّ من أبرز المعارضين الشيعة لسياسة حزب الله إلى “أننا مقبلون على مرحلة ستكون مُثقلة بالترهيب والتهديد وممارسة دور الدولة البوليسية عبر محاولات كمّ الأفواه”.

كما أضافت “سنواجه بالكلمة ولن نستسلم، ولن نقبل بإعادة لبنان إلى مرحلة ما بعد اغتيالات 2005، حيث باتت الاغتيالات مجرّد ذكرى”.

وأعاد اغتيال المعارض البارز إلى ذاكرة اللبنانيين السيناريو العراقي، حيث أبدى بعض المحللين تخوّفهم من خطف النشطاء واغتيالهم كما حصل مع الكاتب والمحلل العراقي هشام الهاشمي الذي اغتيل في تموز الماضي على يد الميليشيات المسلّحة.

لا استسلام

من جهته، اعتبر مدير تحرير موقع “أساس ميديا” الصحافي محمد بركات لـ”العربية” “أن صفر خوف شعار لا بد من إطلاقه، لأن البديل عنه الاستسلام، واللبنانيون لم يعرفوا في تاريخهم الاستسلام فقاوموا الاحتلال العثماني ثم الاحتلال الفرنسي ثم الاحتلال السوري وتحرروا من كل هذه الجيوش، واليوم يبدو أن هناك مقاومة سياسية جدّية تنشأ في مواجهة الاحتلال الإيراني في لبنان”. وقال “جرائم الاغتيال التي حصلت في لبنان في الآونة الأخيرة طالت أشخاصاً من مختلف الطوائف والمذاهب، والتخوين وتُهم العمالة التي توزّع عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف كل من يُخالفهم الرأي”.

إلا أنه لم يُخفِ وجود “توتّر” داخل البيئة الشيعية التي تُعاني أصلاً من الحصار المالي والأمني.

التصفية نتيجة الإرباك

إلى ذلك، أشار الى “أن هناك محوراً كلما شعر بأنه محشور ذهب في اتّجاه تصفية من يُخالفه الرأي، وهذا ما لاحظناه في العراق منذ أشهر وتوقّعت منذ شهر آب الماضي أنه سيصل إلى لبنان”.

كما اعتبر “أن القاتل وخلال مسلسل الاغتيالات التي حصلت منذ العام 2005، كان هدفه إخفاء الأدلة التي تورّطه، لكن بعدما أشارت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إلى تورّط جهة حزبية محددة بالاغتيالات تم اللجوء إلى حيلة أخرى، حيث أن المُنفّذ يُصعّب مهمة ربط الجرائم ببعضها التي حصلت في الآونة الأخيرة، أي إخفاء دوافع الجريمة”.

ورأى “أن اللبنانيين متروكون لمصيرهم، وهم في قفص واحد مع الذئاب التي تصطادهم واحداً تلو الآخر في وقت المجتمع الدولي يتفرّج”.

شبح الاغتيال

كذلك، تحدّث الصحافي والناشط السياسي في منطقة بعلبك-الهرمل المحسوبة بغالبيتها على “حزب الله”، حسين شمص عن محاولات عديدة لإسكات كل صوت معارض لسياسة حزب الله، لاسيما الشيعي منه، وبعد اغتيال لقمان سليم تضاعف هجوم الذباب الإلكتروني ضد المعارضين عبر رسائل التهديد وتوجيه الاتّهامات.

ولفت إلى “أنه تلقّى رسائل ترهيب عديدة، خصوصاً عقب اغتيال سليم، منها تهديده بأن يلقى المصير نفسه أو أن يتم تسليمه لـ”داعش” في سوريا”.

كما أبدى خوفه من لجوء حزب الله إلى ما يُسمّيهم “عناصر غير منضبطة” لاغتياله بعدما تعرّض لمحاولات تهديد عديدة أبرزها منذ شهرين على خلفية آرائه التي لا تلتقي مع سياسة الحزب من خلال اقتحام عناصره منزله في الضاحية الجنوبية وتهديده بالقتل ومطالبته بالرحيل، لأن الضاحية بحسب تعبيرهم هي للشرفاء وليس للعملاء كأمثاله.

ورفع شمص دعاوى قضائية عديدة ضد مسؤولين وعناصر في الحزب بتهمة التهديد بالقتل مثبّتة بالأدلة، إلا أن قوى الأمن الداخلي أبلغوه أنهم لا يستطيعون الحصول على كاميرات المراقبة قرب منزله إلا بإذن من حزب الله الذي رفض ذلك.

وأسف “لأن الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية باتت تحت إمرة حزب الله”، مطالباً الدولة بحمايته، ومحمّلاً حزب الله مسؤولية أي أذى معنوي أو جسدي يتعرّض له هو وعائلته”.

صفر خوف

بدوره، أكد رئيس تحرير الشبكة الدولية للأخبار الصحافي محمد عواد المعارض الشيعي لـ”حزب الله” “أن اغتيال لقمان سليم لن يُرهبنا، بل على العكس سنرفع السقف تحت شعار “صفر خوف”.

كما رأى أن “هذا الاغتيال شكّل ردّة فعل عكسية في الوسط الشيعي، والمعارضون الذين كانوا يخافون من التعبير عن آرائهم باتوا اليوم أكثر جرأة رغم الحملات التي تُساق عبر منصات التواصل الاجتماعي “.

إلى ذلك، اعتبر “أن حاجز الخوف سقط، وما قبل اغتيال سليم ليس كما بعده، ويكفي المشهد المهيب الذي حصل أثناء مراسم دفن لقمان، حيث تحلّق حول جثمانه في دارته في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله شخصيات شيعية عديدة معارضة للحزب”. وقال “للأسف خُدعنا بـ”مقاومة” حزب الله. فهو الاحتلال”.