IMLebanon

إصرار “الصهر” على الثلث المعطل يؤدي إلى تسريع الإنهيار

كتب عمر البردان في “اللواء”:

مع ارتفاع حدة الاشتباك بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، بدا أن الأمور أصبحت على درجة كبيرة من التصعيد الذي أطاح بعملية تشكيل الحكومة التي أضحت في عالم الغيب، على وقع التراشق الإعلامي غير المسبوق بين «بعبدا» و»بيت الوسط»، في وقت يحمّل تيار»المستقبل» مسؤولية تعثر ولادة الحكومة إلى إصرار «التيار الوطني الحر» ورئيسه النائب جبران باسيل على الحصول على الثلث المعطل، وهو ما أشار إليه بوضوح الرئيس الحريري في كلمته، في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

ومع إمعان فريق الحكم في التمسك بشروطه، سعياً للإمساك بقرار الحكومة وإخضاعه لمشيئته، بسعيه للحصول على الثلث المعطل الذي يخوض بشأنه معركة شرسة أخرت ولادة الحكومة ما يقارب أربعة أشهر حتى الآن، لا يبدو أن هناك أملاً ولو ضئيلاً بإمكانية إحداث خرق في جدار الأزمة القائمة، بالرغم من أن الرئيس المكلف ترك الباب مفتوحاً على حصول انفراجة حكومية في أي لحظة، في حال تراجع العهد عن مطلبه بالحصول على سبعة وزراء، فإن المؤشرات توحي بأن البلد مقبل على مرحلة بالغة الخطورة، سيدفع اللبنانيون ثمنها باهظاً، في ظل التراجع الاقتصادي المخيف على كل الأصعدة، ومع اشتداد تداعيات جائحة «كورونا»، وما خلفته من آلاف الضحايا والمصابين. دون أن يبادر من بيدهم الحل والربط إلى القيام بالخطوات المطلوبة لإنقاذ البلد من الانهيار، من خلال الإسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين، تأخذ على عاتقها مهمة الإنقاذ وفق بنود المبادرة الفرنسية.

وتكشف لـ«اللواء» مصادر عليمة بخلفيات ما يجري،  أن «فريق العهد ومن خلفه «التيار الوطني الحر»، لا يريدان المبادرة الفرنسية، وإلا لكانا سهلا مهمة الرئيس المكلف، بالتخلي عن الثلث المعطل، والقبول بحكومة الـ18 وزيراً. وطالما أن العهد ومن معه متمسك بشروطه وفي مقدمها الحصول على هذا الثلث، فإن لا أمل بولادة الحكومة في وقت قريب، بانتظار تراجع النائب باسيل عن هذا المطلب الذي يعرقل عملية التأليف، بعدما بدا الرئيس المكلف حاسماً في رفضه الاستجابة للمطلب «العوني»، وتأكيده على عدم الاعتذار»، مشددة على أن «الرئيس الحريري يدرك أن اعتذاره يقدم هدية على طبق من ذهب، للفريق الحاكم لوضع يده كلياً على مؤسسات الدولة، مع ما سينجم عن ذلك من أضرار على البلد لا يمكن حصرها، أو التكهن بنتائجها».

وتشدد المصادر، على أن «أمل» و«حزب الله» ليسا في وارد التخلي عن الرئيس الحريري، تزامناً مع استمرار رئيس مجلس النواب نبيه بري، من خلال مواقف عدد من نواب كتلة «التنمية والتحرير» بتحميل العهد، من خلال إصراره على الثلث المعطل، مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، في رسالة من جانب «الثنائي» للرئيس عون وفريقه السياسي، بضرورة الكف عن هذا المطلب، واتخاذ الإجراءات التي تسهل عملية التأليف، وتالياً الموافقة على حكومة «18»، باعتبارها ضرورة ماسة في ظل الظروف البالغة الصعوبة التي يمر بها لبنان، ومن أجل التخفيف من معاناة الناس التي لم يعد بمقدورها تحمل تبعات المزيد من الانهيار الحاصل على مختلف الأصعدة، وتحديداً على المعيشية والحياتية».

وبانتظار ما سيعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، اليوم، ورئيس «العوني» باسيل، الأحد المقبل، فإن المعلومات المتوافرة لأوساط نيابية بارزة، كما أكدت لـ«اللواء»، أن «لا مؤشرات عن قرب تحرك خارجي، لتقريب وجهات النظر بين المسؤولين، وتحديداً من جانب الفرنسيين الذين أبلغوا قيادات لبنانية، أنهم لن يبادروا، طالما استمر هذا التباعد بين المسؤولين، ولم يلحظوا جدية في التعاطي لتجاوز المأزق الحكومي»، مشيرة إلى أن «مقربين من العهد، ومنهم النائب السابق أمل أبوزيد الذي زار موسكو أخيراً، طلبوا وساطة روسيا مع أطراف لبنانية، بهدف العمل على إعادة مد الجسور، بما يمكن من التوافق على صيغة مقبولة للحكومة الجديدة، في وقت لفت الاتصال الذي تلقاه رئيس «الحزب التقدمي  الاشتراكي» وليد جنبلاط من المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، حيث جرى وفق بيان لـ«الاشتراكي»، «عرض مختلف الأوضاع العامة وضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية، وأهمية مبادرة روسيا للمساعدة في هذا المجال وتواصلها مع الأطراف المؤثرة بما يساعد في تخطي العراقيل المصطنعة التي تعطل الولادة الحكومية»، دون الحسم بدخول روسي جدي على خط الأزمة الحكومية.