IMLebanon

“الثلث المعطّل” ضمانة للعهد: لم يعد ينفع “التفاهم”!

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

يُحاذر العونيون الإقرار بأنّ أزمة التأليف تكمن في الثلث الضامن أو المعطّل الذي يطالبون به لقيام الحكومة، وفق اللائحة الإتهامية التي يرفعها بوجههم الخصوم، وفي مقدمهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي لم يتوان عن التدليل بالصوت والصورة على هذا الثلث، خلال خطابه يوم الرابع عشر من شباط الحالي، كحاجز يحول دون دخوله السراي الحكومي.

أمّا أصحاب العلاقة، أي العهد ومعه الفريق العوني، فيرمون كرة التعطيل في ملعب الآخرين، مع أنّهم يعتبرون أنّ قاعدة التمثيل النيابي التي يفترض بأنّ الحكومة ستعود إليها لتوزيع الحصص، تعطيهم سبعة وزراء من ضمنهم الوزير الأرمني، في حكومة الـ18 وزيراً. ولذا تعود المسألة إلى المربّع الأول: هل ثمّة ثلث معطّل أم لا؟

وفي وقت التزم فيه “حزب الله” الصمت حيال الصراع الحكومي الحاصل بين الرئاسة الأولى والرئاسة الثالثة، (قبل خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله ليل أمس)، دخلت الرئاسة الثانية من باب دعم بيت الوسط بوجه بعبدا تحت عنوان رفض منح أي فريق “فيتو تعطيلياً”، فإنّ ما يمكن تسجيله في هذا الإطار، وفق المتابعين، يُختصر بالآتي: سبق لـ”حزب الله” أن تمنى على “التيار الوطني الحر” القيام بما يلزم لتسريع مشاورات التأليف خصوصاً وأنّ الوضع بلغ حدوداً غير مسبوقة من الخطورة. كما لم يبد “حزب الله” موافقته على أي طرح وضع على طاولته من جانب حلفائه العونيين للضغط على الحريري لدفعه إلى الاعتذار والسير بمرشح بديل.

كذلك، أعاد “الحزب” التأكيد أمام قيادة “التيار الوطني الحر” أنّ تحالفهما هو الضمانة البديلة لأي ثلث زائد واحد قد يكون “التيار” في صدد البحث عنه. ومع ذلك، يذهب بعض المدافعين عن سلوك “التيار” إلى حدّ الجزم أنّ العقدة ليست في خشية رقم “سبعة” الذي يُتّهم الفريق العوني بأنّه يسعى للحصول عليه من تركيبة الحكومة، وإنما هي مسألة الكيل بمكيالين التي يتبعها رئيس الحكومة المكلّف بحيث ترك لبقية شركائه الحكوميين هامش تسمية، أو التشاور معه في الوزراء، في وقت لم يترك لرئيس الجمهورية ومعه الفريق العوني إلّا أربعة وزراء، فيما اقترح هو الوزير الخامس بكونه شخصية مقربة من بعبدا، مقابل تزكيته وزير الداخلية. يعني بالمحصلة، فإنّ الحريري أخذ بالاعتبار أربعة أسماء طرحها عليه رئيس الجمهورية، فيما تولى هو تسمية وزيرين مسيحيين من حصة الفريق العوني. وبالتالي، وفق المدافعين عن العهد، فإنّ رئيس الحكومة المكلف يحاول إمساك العهد من اليد التي تؤلمه لتحقيق مكاسب له تحت عنوان أنّ الرئاسة الأولى تعطل التأليف لضمان ثلث معطّل، يعطي جبران باسيل ما لم يعط لغيره. في المقابل، فإنّ المواكبين لحركة الإتصالات الدولية المعنية بالملف اللبناني يجزمون بأنّ مصير الثلث المعطل هو في صلب هذه النقاشات التي تحصل، وآخرها تلك التي تولاها المسؤولون الروس سواء في موسكو أو من خلال الاتصالات مع بيروت.

ويشير المواكبون إلى أنّ الفريق العوني هو الذي أثار هذه المسألة مع موسكو بعد شعوره بأنّ باريس تنحاز لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في خريطة طريقه، وذلك من خلال تقديمها على الشكل الآتي: إنّ للشيعة فيتو ميثاقياً كون كل وزراء الطائفة تحت أجنحتهم، ما يعني أنّ بإمكانهم تعطيل الحكومة اذا أرتأوا ذلك، كذلك لوليد جنبلاط فيتو ميثاقي طالما أنّ الحكومة لم تتوسع إلى عشرين وزيراً، ولرئيس الحكومة قوته وصلاحياته المنصوص عليها في الدستور، ليكون الفريق المسيحي وتحديداً رئيس الجمهورية هو المغلوب على أمره في هذه المعادلة. وبالتالي هو يحتاج إلى ضمانة سياسية تجعله متساوياً مع بقية الجالسين قبالته على الطاولة الحكومية.

وهذا ما دفع بمسؤولين روس إلى إبلاغ أصدقائهم اللبنانيين (اتصالات قام بها المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف بكل من رئيس الحكومة المكلف ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط)، بحقيقة موقفهم من هذه المسألة الحيوية التي يعلّق عليها مصير الحكومة.

إذ يؤكد المواكبون أنّ موسكو أشارت إلى أنّها تحدثت مع طهران في هذا الشأن وأبلغتها رغبتها في الإسراع في تأليف الحكومة من دون أن تؤدي العملية إلى كسر أي فريق، إذ لا يجوز بنظرها أن تبقى المشاورات معطّلة بحجة الثلث المعطل، خصوصاً وأنّ الفريق الشيعي بتحالفه مع “التيار الوطني الحر” قادر على تطيير الحكومة حين يريد ذلك، ما يعني أنّه لا حاجة لتجيير هذا الفيتو لفريق واحد، والمقصود به الفريق العوني.

الأكيد، أنّ شخصنة الخلاف بين الفريقين، العوني والحريري زادت من حدّة الأزمة، خصوصاً وأنّ أي تراجع من جانب الرئاسة الأولى أو الرئاسة الثالثة سيُعتبر انكساراً، ليس بمقدور “التيار الوطني الحر” تحمّله نتيجة انتكاساته السياسية، وليس بمقدور “تيار المستقبل” تجرّع كأسه نتيجة الضربات التي يتلقاها من “بيت أبيه”. ولا يبدو أنّ أي حلّ وسطي بادٍ في المدى المنظور.