IMLebanon

حزب الله: المتريث في الملف الحكومي.. المتوجس من طرح التدويل

تكتمل عناصر العودة إلى مشهد العام 2005 عندما تدرجت الأزمة منذ صدور القرار الدولي الرقم 1559 وانفجرت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ووصلت المعركة ضد «الوصاية السورية» إلى ذروتها وحصلت انتفاضة 14 آذار ونشأ انقسام سياسي وطني وطرأت تعقيدات إقليمية ودولية.

وتتكرر هذه «المشهدية» في ظل أزمات وانهيارات شاملة تؤكد أن الأزمة باتت أكبر بكثير من «أزمة حكومة» وأن الحلول المطروحة تجاوزت المعالجات الداخلية الفاشلة والعقيمة الى المطالبة بالتدويل، بدءا من تدويل التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت وصولا الى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وإعلان حياد لبنان.

وهنا يبرز دور جديد ومتقدم للبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يتدرج موقفه وخطابه السياسي بطريقة تصاعدية ويكتسب وضوحا وثباتا أكثر في اتجاه «التدويل». وهذا يعيد الى الأذهان «الدور القيادي» الذي تولاه البطريرك نصرالله صفير مع تحول بكركي إلى مركز استقطاب لقوى متعددة تفتقر الى مرجعية ومظلة جامعة، ومع بدء تشكل حالة سياسية – شعبية متضامنة مع بكركي ومتكوكبة حولها، وبعد طول انقطاع ستشهد بكركي بدءا من هذا الأسبوع لقاء سياسيا وطنيا موسعا تقف وراء هندسته وترتيبه مجموعة من «الناشطين» في مرحلة 14 آذار وبعد انتفاضة 17 تشرين وخرج منهم الى العلن النائبان فارس سعيد واحمد فتفت ود.رضوان السيد، فيما يبقى آخرون يحركون الخيوط من وراء الستار بدرجات متفاوتة من التأثير مثل الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس ميشال سليمان.
كما تشهد بكركي تدفقا لوفود حزبية أبرزها من أحزاب القوات والكتائب، وتحركا شعبيا نهاية الأسبوع ولو جاء محدودا بفعل إجراءات كورونا.

ويرقب حزب الله هذه الحركة المتدحرجة تحت مظلة بكركي باهتمام وقلق ولأسباب عديدة أبرزها:
– نقل الأزمة من العنوان الاقتصادي الاجتماعي إلى العنوان السيادي السياسي إن لجهة تحميل حزب الله المسؤولية واعتباره أساس الأزمة والباقي تفاصيل أو لجهة تسليط الضوء على «الهيمنة الإيرانية» وجعل لبنان جزءا من المشروع الإيراني ومن مسرح المواجهة بين إيران وحلفائها من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة ثانية.

– محاولة زرع الشقاق والشرخ بين بكركي وحزب الله وتصوير الأزمة الراهنة على أنها أزمة خلاف وصراع شيعي – مسيحي للتغطية على أزمة الحكومة التي أسفرت أزمة صلاحيات وصراع سني – مسيحي.

– نقل الملف اللبناني إلى المحافل الدولية واستدراج تدخل دولي تحت عناوين إدارة ورعاية الوضع اللبناني وبحجة أن المعالجات والحلول الداخلية فشلت وصارت مستحيلة وأن اللبنانيين ما عادوا قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم.

فإذا كان فريق لبناني يرى في تدويل الأزمة خشبة الخلاص الوحيدة للوضع الحالي وحاجة ملحة للخروج من نفق الانهيار الشامل، فإن فريقا آخر يتوجس من هذا المنحى ويرى فيه تهديدا للاستقرار والوحدة الداخلية وسعيا إلى قلب المعادلات الداخلية ومشروع فتنة وحرب أهلية.

مما لا شك فيه أن جنوح الأزمة في اتجاهات التدويل شكل مصدر إرباك وانزعاج لحزب الله، الذي يلاحظ بداية خروج للوضع السياسي عن سيطرته في موازاة انتقال مركز الثقل للموقف المسيحي من بعبدا الى بكركي، وهذا التطور يفاقم في تعقيد الأزمة الداخلية ولكنه يشكل بالمقابل دافعا للإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة ونزع فتيل الانفجار.

فحتى الآن كان الهدف هو وقف الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي. والآن أضيف هدف آخر هو منع الانفجار السياسي والأمني.
وإزاء هذا المنحى المقلق والخطر للأوضاع، فإن حزب الله يجد نفسه معنيا أكثر من أي وقت مضى وأكثر من أي طرف آخر على الدفع باتجاه حل الأزمة الحكومية ومعنيا بتدوير الزوايا وعلى قاعدة تفهم ظروف وأوضاع الرئيس المكلف سعد الحريري، وعدم القبول باستهداف أو استضعاف رئيس الجمهورية، والمطالبة بالكف عن محاولة استدعاء أو استثمار الخارج للضغط على الحزب لأن ذلك سيدفع إلى المزيد من التصعيد.