IMLebanon

وزير الاتصالات يُدير “الخلوي”… أم يُدمّر القطاع؟

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

الأغلبية الساحقة من اللبنانيين لم تكترث أبداً لقرار استرداد قطاع الخلوي من الشركتين المشغلتين “أوراسكوم” و”زين” بعد انتهاء عقديهما، وتعمّدهما المماطلة قبل أن يترك مدراؤهما المكاتب لتسليم الإدارة إلى المجلسين الجديديْن، وسط سلوك مريب وملتبس لوزير الاتصالات طلال حواط الذي لم يُفهم موقفه: هل هو مع الدولة أم ضدّها!

المشككون بأهمية هذه الخطوة ينطلقون من قناعة ثابتة لديهم بأنّ الدولة مدير سيئ تغذّيها التجارب المريرة التي بلغت بنا قاع الانهيار الشامل، نتيجة سياسات الهدر والفساد في القطاعات الرسمية. وهي العقلية ذاتها التي كان يُخشى من تسرّبها إلى قطاع الخلوي لتحوّله من دجاجة تبيض ذهباً إلى مؤسسة كهرباء جديدة، مع العلم أنّ الشركات الأجنبية التي أدارت القطاع لفترة طويلة (أكثر من 16 سنة) سرحت ومرحت في جنّة الخلوي من دون حسيب أو رقيب، وحققت أرباحاً خيالية قدّرت بعشرات الملايين وشهدت على هدر بمئات الملايين، فيما الإدارات المتعاقبة لم تكلف نفسها عناء وضع استراتيجية تواكب الحداثة وتحمي المال العام.

وقد تمّ التعامل مع القطاع وكأنّه “بئر نفط” لا وظيفة له إلا ضخّ المال في الخزينة العامة مقابل إهمال الجانب الاقتصادي المحيط به، كونه قطاعاً حيوياً قادراً على تطوير عدد كبير من القطاعات الأخرى. وعلى هذا الأساس جرى نقل المصاريف التشغيلية في العام 2012 إلى عاتق الدولة بعد سحبها من يديّ الشركتين المشغلتين، ما أفقد القطاع فرصة التطوير وأوقعه في المقابل في فخ الهدر بمئات ملايين الدولارات.

المفارقة – الجريمة كانت حين تمّ نقل المصاريف التشغيلية إلى الدولة فغرف وزراء الاتصالات المتعاقبون من هذه “البئر” من دون أن يرّف لهم جفن (انفاق أكثر من 400 مليون دولار كمصاريف تشغيلية سجلت في العام 2018 وفق لجنة الاعلام والاتصالات).

وعلى هذا الأساس، كان يُفترض بمجلسي الإدارة الجديدين بعد إسترداد الإدارة، المسارعة إلى تقليص النفقات بشكل كبير للموازنة مع الانخفاض الحاد في الأرباح والتي كانت تقدّر بحوالى المليار دولار (1500 مليار ليرة على سعر 1500 ليرة للدولار)، حيث يقول الوزير حواط إنها انخفضت أكثر من 30%، فيما رئيس لجنة الاعلام حسين الحاج حسن اعتبر أنها باتت تساوي حوالى 200 مليون دولار. الحاج نفسه سبق له في أيلول 2019 حين كانت حكومة سعد الحريري تعمل على تقليص نفقات الموازنة، أن قال إنّه يمكن تخفيض مصاريف شركات الخلوي سنوياً 150 مليون دولار.

فما الذي فعلته وزارة الاتصالات بعد استرداد الإدارة لتحسين القطاع أو وقف تدهوره؟

وفق المتابعين، فإنّ مجلسيّ إدارة “ميك 1″ و”ميك 2” وضعا أكثر من اقتراح لشدّ النفقات بشكل يساعد على تمرير المرحلة، إلا أنّ هذه الاقتراحات لم تر النور بعد على نحو يدفع إلى طرح أسئلة حول الأسباب التي تحول دون اتخاذ وزير الاتصالات قرارات جريئة وصارمة لمنع النزيف الحاصل. وآخر تلك الجولات المثيرة للريبة، ما حصل أمس في الاجتماع الذي جمع الوزير حواط بمجلسيّ الإدارة.

وفق المعلومات فإنّ بعض أعضاء مجلس إدارة “ميك 2” طرح على الوزير امكانية سحب السيارات الموضوعة بتصرف كبار المدراء في الشركة، والذين تتجاوز رواتبهم الـ 15 ألف دولار وتصل أحياناً إلى 22 ألفاً، على اعتبار أنّ هؤلاء يتمتعون بتقديمات كثيرة منها بدل تنقل (500 دولار) وبدل سكن (500 دولار) وكأنّهم أجانب! وقد رأى بعض أعضاء مجلس الإدارة أنّ وضع سيارات في تصرفهم مقابل حصولهم على بدل نقل هو هدر قد يعرّضهم للمساءلة، خصوصاً وأنّ الشركة تعاني من نقص أصلاً في السيارات التي يحتاجها موظفون آخرون في أعمالهم.

في المقابل، فإنّ التقديمات الإضافية المخصصة لكبار المدراء في “ميك 1” لا تشمل سيارات ولكن بينها 1000 دولار كبدل تنقلات.

المفاجأة أو بالأحرى، الصاعقة، كانت في رفض الوزير هذا الاقتراح واصراره على ابقاء الوضع على حاله من دون المسّ به.

يقول المعنيون إنّ رفض حواط لا يشكّل بحد ذاته خطيئة لا تغتفر، لكن عدم اقدامه على أي قرار أو خطوة من شأنها أن تظهر حسن نيّة اصلاحية، هو ما يضعه في مرمى التصويب. لا بل، إنّ عدم تصدّيه للسياسة الاستنسابية في دفع الفواتير المتكبدة على الشركتين، لا سيما للمورّدين المحليين، ودفعها بالدولار، كلياً أو جزئياً، يرفع من منسوب الشكوك، فيما إصراره على تعيين موظف كبير في موقع مسؤولية مالية رغم أنّ هذا الموظف العتيق لا يشهد له بحسن سيرته، يزيد من علامات الاستفهام!