IMLebanon

هل يتدخل وزير التربية لمحاسبة الجامعات الخاصة؟

كتبت مريم مجدولين لحام في “نداء الوطن”:

وللتلامذة الجامعيين أيضاً “ثورتهم” و”مطالبهم” بخاصة بعدما حُجزت أموالهم المدّخرة للدراسة في المصارف، وفقدت مداخيلهم قيمتها… الذين لا يفوّتون فرصة للتعامل مع “العلم” في لبنان كحاجة لبنائه وبناء مستقبلهم، لا كبضاعة استهلاكية تخضع لقانون العرض والطلب أو محصورة بفئة ميسورة لا تكسرها “دولرة الأقساط”. وعليه، سدّدت مجموعة من طلاب “الأميركية” أقساطها الجامعية لدى كاتب العدل على سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة لبنانية للدولار الواحد) عوض السعر الذي أقرّته الجامعة والبالغ 3900، واتجهت إلى القضاء!

قد يكون “اتخاذ المسلك القانوني” أول قرار جريء اتخذ في تاريخ “التحركات الطلابية” منذ 17 تشرين، أو على الأقل من بين أوّل القرارات القضائية التي أنصفت أهم عناصر الثورة، أي الطلاب، ومدَّتهم بالثقة إذ انتصرت لمطالبهم، وأصدرت حكماً قضى بإبطال و”وقف القرار الصادر عن الجامعة الأميركية في بيروت بشطب تسجيل طلاب من مواد التسجيل كافة، ومنعهم من حضور الصفوف ومن الولوج إلى نظام التدريس الإلكتروني أو إجراء امتحاناتهم، مع انقضاء فترة السماح الممنوحة لهم لتسديد رصيد القسط الجامعي”. فماذا يعني هذا الانتصار؟ وهل سيدفع طلاب الجامعات الخاصة الأخرى بالتوجه إلى القضاء أيضاً؟ وما هي الخطوات التالية؟

تهديدات وقرار منصف

وفي اتصال هاتفي لـ”نداء الوطن” مع نائب رئيس مجلس طلاب الجامعة الأميركية في بيروت وعضو النادي العلماني، جاد هاني أكد أنه مع زملائه “كطلاب قرروا مواجهة قرارات الجامعات الخاصة دولرة رسومها وزيادتها أضعافاً بنحو 160% بالقانون فقط بعد أن باءت محاولات التفاوض العادل مع إدارة جامعاتهم الخاصة بالفشل، وبعدما خرج التلاميذ في سلسلة تظاهرات مطلبية أيضا لم تؤدِ إلى النتيجة المرجوة، حيث أصرت الإدارة على قراراتها التي تهدد مستقبل عشرات آلاف الطلاب. فتواصلنا مع اللجنة القانونية في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد وتحديداً المحامي الأستاذ جاد طعمه الذي أخذ على عاتقه المحاربة من أجلنا إذ أن هكذا ملفات تشكل تحدياً للسلطة القضائية بأن تثبت استقلاليتها عن دولة العلاقات العامة والرجال النافذين”.

ويكمل “بعدها توجهنا كمجموعة من 80 طالباً وسددنا أقساطنا الجامعية لدى كاتب العدل على سعر الصرف الرسمي عوض السعر الذي أقرّته الجامعة أو سعر المنصة (3900 ليرة لبنانية للدولار) فما كان من إدارة الجامعة إلا أن أرسلت بواسطة البريد الإلكتروني قراراً رسمياً موقعاً يقضي بفصل هؤلاء الطلاب بحلول الثالث من آذار الجاري أي غداً في حال تخلّفهم عن الدفع وفق سعر الصرف الخاص بها معتبرة أن ما وصلها من مال منهم هو جزء وليس كلّاً. لذا، تقدّم 60 طالباً من بينهم بدعوى أمام قضاء الأمور المستعجلة كما رفعوا شكوى أخرى إلى المحكمة المختصّة بعد رفض الجامعة آلية التسديد على سعر الصرف الرسمي عبر كاتب عدل. وبما أن “الحق في التعلّم هو من المبادئ الإنسانية الأولية، وأنّ الطلاب المستدعين الستين قد سدّدوا القسط الجامعي بموجب عرض وإيداع فعلي، ما يؤشّر إلى حسن نيتهم” قررت القاضية انصافنا وهو ما سيزيل عبئاً كبيراً عن الطلبة الخائفين الذين يخشون دفع الثمن غالياً إذا ما طالبوا بحقوقهم عبر القضاء”.

ويقول الطالب علي سليم لـ”نداء الوطن” إنه كأحد الطلاب الذين دفعوا بهذه الطريقة “قد حاول هو وأصدقاؤه التفاوض مع الجامعة على آلية دفع عادلة بما يرضي الطرفين ويتقاسمون فيها الخسارة” إلا أن الإدارة لم تتجاوب، ثم أرسلت تهديداً مبطنا، ما اضطر الطلّاب للتوجه إلى القضاء لحماية انفسهم مع أنه مسار أصعب وأطول. وبعد إنتصارنا القانوني الأوّل ومع أنه لا يزال بإمكان الطلّاب التوجه إلى كاتب العدل لإيداع القسط وفقاً لسعر الصرف الرسمي 1520 ليرة لبنانية وبالقانون، والاستفادة من شبكة الأمان التي نجحنا في إنشائها، والتي تكسر حاجز الخوف وتحمي مستقبلنا التعليمي ووقف الإجراءات التعسفية بحقنا، إلا أن قضيتنا لم تنته، ونخوض حالياً معركة الدراسة والنجاح ومعركة فرض حقنا بالتعلّم”.

“حين تبذل الجهد نُصرة للقضايا العامة المُحقة ضمن فريق عمل قانوني محترف، منسجم ومتكامل ينقل المعلومة بأمانة ويعطي كل ذي حق حقّه، فالعنوان هو حتماً “اللجنة القانونية في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد”، بهذه الكلمات يشرح المحامي جاد طعمة كيف أخذ هو وزملاؤه عهداً على أنفسهم بمؤازرة طلاب الجامعة الأميركية في بيروت في دفاعهم عن حقوقهم المشروعة بدفع الأقساط وفقاً لسعر الصرف الرسمي تطّوعاً ومن دون مقابل، وأعطوهم “النصح القانوني وكنا أهل المشورة وحين كان علينا أن نطرق باب القضاء فعلنا ذلك من دون تردد وكانت نقابة المحامين في بيروت ممثلة بحضرة النقيب إلى جانبنا” ويكمل، “واليوم، لن نتوقف هنا، بل هناك مجموعة أخرى من تلامذة الـ AUB قرروا الإنضمام إلى التلامذة الـ60 وقدموا عروضاً وإيداعات فعلية عبر كاتب العدل، كما أننا في صدد التنسيق مع مجموعة من طلاب الجامعة اللبنانية الأميركية LAU الذين قرروا السير على الخطى القانونية نفسها، بعد أن أثبت لهم القضاء اللبناني متمثلاً بقرار القاضية ماري كريستين عيد أنه محل ثقة وكيف يمكن أن يكون مستقلاً لا تحكمه ضغوط أو علاقات”.

دور وزير التربية!

في السياق، أكد طعمة أن لوزير التربية دوراً مهماً لم يلعبه حتى الآن في “الكباش” الحاصل بين الطلبة وإدارة الجامعات ويتابع: “ننتظر أن نعطى موعداً من وزير التربية طارق المجذوب الذي التقى في تموز 2020 رؤساء الجامعات الخاصة حيث خلص إلى اعتماد التسعيرة الرسمية، وهو ما لم يتابع بأي قرارات أخرى معاكسة. لا بل نه قد ترأس بعدها في 15 كانون الأول 2020 إجتماعاً لمجلس التعليم العالي في حضور الأعضاء والمستشارين، وتناول البحث موضوع اعتماد عدد من الجامعات الخاصة سعر صرف الدولار الأميركي بحسب المنصة أي 3900 ليرة لسداد الأقساط الجامعية، وتوقف المجلس عند التحركات التي عبرت عنها الهيئات الطلابية والأهلية والسياسية الرافضة لهذا التدبير في الظروف الراهنة، وبعدما عبّر المجلس عن حرصه الشديد على استمرارية المؤسسات الجامعية في القيام برسالتها الأكاديمية والوطنية، أكّد وأصر على أن الأولوية تكمن في تمكين الطلاب من إتمام تحصيلهم الجامعي. مشدداً على التوصيات التي نصت بأن تؤخذ في الاعتبار مجمل الظروف التي تمر بها البلاد، وبالتالي اعتماد الليرة اللبنانية وإبقاء الأقساط ضمن قيمتها، أي اعتماد السعر الرسمي للطلبة اللبنانيين وهو 1515 ليرة للدولار الواحد”.

ويكمل “من المهم جداً أن ينضم وزير التربية إلى الطلاب في معركتهم، إذ يحق له بالتعاون مع مجلس التعليم العالي إصدار عقوبات على الجامعات الخاصة التي لم تلتزم بالقرارات التي ذكرناها، إلى حد سحب الترخيص منها. لا بل يحق له وضع المؤسسة تحت وصاية المجلس في بعض الحالات، فلماذا لا يتدخل على الأقل لوضع حد لهذا الصراع؟”.

موازنات الجامعات مجهولة!

ويعلل طعمة اقتراحه بتدخل الوزير بأن “المجلس نفسه قد شدد على ضرورة التزام مؤسسات التعليم العالي كافةً بأحكام قانون التعليم العالي الخاص رقم 285 / 2014، وخصوصاً المادة 59 منه، وأكّد ضرورة تنفيذ مضمون البندين الرابع والخامس من هذه المادة، التي ينص البند الرابع منها على أن “تخضع التقارير المالية للمؤسسة سنوياً لتدقيق قانوني من مكتب معترف به لمراقبة حسابات الشركات، وتخضع هذه التقارير لمصادقة الهيئة العليا التي تشرف على المؤسسة”. أما البند الخامس فقد نصّ على أن “تقدم المؤسسة لمجلس التعليم العالي ملخصاً عن التدقيق أعلاه، معدّاً من قبل مكتب التدقيق، يبيّن التزام المؤسسة بالمواد المنصوص عنها في هذا القانون المتعلقة بموازنة الجامعة” وهو ما لم تفعله، وحتى اليوم، لا تعرف وزارة التربية أي أرقام عن الموازنات الخاصة بالجامعات الخاصة، وعلى الأقل بهدف الإطلاع على حجم الأرباح وما إذا كانت تستطيع الإشراف على نوع من الوفاق بين هؤلاء الطلبة وجامعاتهم وربما تحقيق انتصار منصف في هذا الملف الذي يجب أن يدار تحت مظلتها كوزارة، حرصاً على الجامعات وعلى الطلبة في آن معاً. وهنا نسأل، هل سيقوم الوزير باتخاذ قرارات صارمة؟ أو على الأقل يحاول جمع المتخاصمين؟