IMLebanon

كارول صقر: حكّامنا شياطين لكنّ أرضنا مقدّسة ومُصانة

كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:

ابنة بيت سياسيّ بامتياز ومؤمنة بالله ووطنها حتى الرمق الأخير. تُعتبر من الثائرات المؤثّرات على الساحة بالرغم من التزامها الصمت أحياناً كثيرة. “نداء الوطن” التقت الفنانة كارول صقر في حوار صادق حول مواضيع وطنية وإنسانية وفنية.

لماذا اخترتِ العودة بعمل عن بيروت بعد الإنفجار الزلزال الذي طالها؟

نفّذتُ الأغنية قبل انفجار بيروت بسبب الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه اللبناني. لا أذكر يوماً أنّ لبنان كان بخير، ومنذ طفولتي أعي جيّداً أنّ أرضنا تتخبّط بنزاعات عدّة. لبنان مريض ومتألّم منذ أربعين عاماً لكنّ طبيبه لا يؤمّن له العلاج المناسب. آسف أنّ أعظم بلد في العالم محكوم من “أضرب” حكّام في العالم.

ما الذي فعلناه كلبنانيين كي نبتلي بهؤلاء المسؤولين؟ لا أجد كلمة تصفهم. سرقوا اللقاح من أمام الشعب. يا لوقاحتهم! إنهم “يتكالبون” على الدولار والمناصب والكراسي.

أنت ثائرة لأنك ابنة بيت سياسي؟

تربّيت على لبنان اللاطائفية، الذي يجمع الأطياف كافة والمبنيّ على أسس المحبة. في صغري، كان حارسي الشخصي من الطائفة الشيعية، ومرافق أبي درزيّ أما من أمّنا حراسة منزلنا فكانا من المذهبين السني والشيعي. كنّا محاطين بالأطياف كافة ولم أدرك يوماً مفهوم الطائفية إلا حين كبرت. حذّرنا والدي دوماً من رداءة الوضع الذي سنعيشه في لبنان، ليس لأنه متبصر بل لأنه يحب وطنه ويتألّم لوجعه. لم يغيّر أبي مبدأه يوماً إذ حاول البعض أن يرجعه الى لبنان بإغرائه بحفنة من المال، طلبوا منه العودة مع تأمين الضمانات لهم لمبايعة الخط السياسي الحالي لكنّه رفض هذا الموضوع رفضاً قاطعاً. فضّل أن يعيش حرّاً في الغربة على أن يكون مكبّلاً في وطنه.

ما هو لبنان الذي تحلمين به؟

أحلم بلبنان “أبو أرز” الذي ربّاني على أسسه وقيمه، وهو لبنان البساطة والإلفة والمحبة والقناعة والإيمان. وطن الرسالة والتعايش والخدمة والتلاقي. لكننا بعيدون عن تحقيق هذا الوطن الحلم.

لماذا؟

بتنا غريبين عن الله، عن الجوهر الأساس. إيمانك يخلّصك، لكن الناس يعبدون الأصنام السياسية والملذّات الحياتية مبتعدين عن الجوهر والأساس.

فيروس لا يُرى بالميكروسكوب جمّد الكون برمّته حتى أنّ جيوش الارض ركعت أمامه. فمن أنت أيها البشري الذي تحاول تجسيد دور الله؟ “ولك قليلة علينا الكورونا”! أثبتت الجائحة أنك لا تستطيع “التمرجل” على الخالق أو تخطّيه.

هل يتغيّر الناس بعد عودتهم الى الحياة الطبيعية؟

أتمنى ذلك. الدعوة الى التوبة موجودة دوماً لكنّ بعض الأجناس لا تخرج منها إلا بالصلاة والصوم. اجترح يسوع الأعاجيب، أقام الموتى وشفى العميان وفي نهاية المطاف حرّروا برأبا وصلبوه.

للأسف لسنا على صورة الله ومثاله كما خلقنا، فهو إله الحب ونحن عبيد الكره، هو أب الفرح ونحن أولاد اليأس، هو ربّ السلام ونحن صانعو الحرب.

أتشجعين أولادك على الهجرة؟

أبداً، بل أطلب من السياسيين “الشياطين” أن يهجروا الوطن. أرضنا مقدّسة فهي موطن القديس شربل الذي نسمع كلّ يوم عن عجائبه. أحبّه كثيراً، قديس عنايا الأخ والصديق والأب والحبيب والطبيب. لا خوف على لبنان في ظلّ قديسين يرعونه بالرغم من وجود شياطين كثر يحومون حوله. لذا أقولها لك بكلّ ثقة سنرفع كأس لبنان عالياً ونشرب نخب هذا الوطن المنتصر.

هل حقّقت ثورة 17 تشرين اهدافها؟

لم تحقّق بل اخترقت وهزّت النظام الجامد الذي نتخبّط فيه. لكنّ الوضع بات قريباً من التغيير.

مع الموسيقار الراحل

أخبرينــــا عــــــن تجربتـــــك الغنائيـــــة مع الموسيقار الراحل ملحم بركات.

قدّمت “ديو” غنائي مع فنانين هما عاصي الحلاني في “قولي جايي” التي حققت نجاحاً كبيراً وأبو مجد. وكانت أغنية “دقّة قلبك” الأولى التي وضع فيها بركات صوته. انزعج البعض من هذا الموضوع ما دفع به الى الظهور معي في الكليب “نكاية بهم”.

ماذا تقولين للموسيقار اليوم؟

أصلّي دوماً له، فهو أعطى الكثير للبنان ووطنيّته لا مثيل لها. اشتقت إليه كثيراً. رافقته في رحلة مرضه وكنت قريبة منه في أيامه الأخيرة، كان ينظر إليّ ويبكي وهو يشدّ على يدي.

كيف تقيّمين الوضع الفني اليوم؟

لست على بيّنة من الأعمال الفنية العربية. أستمع دوماً الى الأغاني الأجنبية وأفضّل الموسيقى الغربية. وأقولها لك صراحة: “أريح راس”.

أتفكّرين بإصدار أغنيات باللغة الأجنبية؟

لست متحمّسة لهذه الفكرة بعد، أفضّل الابتعاد حالياً عن الساحة الفنية وتقديم بعض الأعمال الهادفة. قدّمت اخيراً أغنيتين الأولى تدعم الثورة والثانية تسلّط الضوء على العنف ضد المرأة.

من فنانك المفضّل عالمياً؟

أميل غالباً الى الاستماع الى الأغاني التي تجذبني بغضّ النظر عن الفنان الذي يؤدّيها. قد تكون تركية او إيرانية وحتى أرمنية إلا أنّ موسيقاها تشدّني وتدفعني للإنصات.

كتاب قرأته وأثّر بك؟

الإنجيل المقدس، فآياته تجعلني أدرك كنه الحياة وأفهم عمقها وأقدّر قيمتها.

حكمتك في الحياة؟

لا تتبع أحداً في حياتك، خلقك الله مميّزاً فلا تقلّد!

مثالك الأعلى.

والدي، فهو علّمني الطيبة والصدق وعدم المواربة. كنت أراه راكعاً يصلّي للبنان والشعب والشهداء، فهو لم يقبل يوماً عقد الصفقات على حساب دم الشهداء كما يفعل البعض اليوم.