IMLebanon

موقف البطريرك “الأخطر” يفتح أفقاً جديداً!

كتب سمير سكاف في “اللواء”:   

تميز خطاب غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي بمواقف عدة. منها ما هو آني، منها ما هو صلب وقوي، منها ما هو داعم للثورة، ومنها ما هو تاريخي! ولكن «أخطر» مواقف الراعي لم يكن في النقاط «المثيرة» إعلامياً بل في موقف يفتح أفقاً جديداً للبنان (في الفقرة الأخيرة من هذا المقال)!!

الحياد تحت الفيتو والمؤتمر الدولي يتخطاه!

إن الحياد والمؤتمر الدولي لإنقاذ لبنان هما العنوان الأساسيان «الداخليان» لخطاب البطريرك الراعي في لقائه الشعبي مع بعض من جمهور الثورة. باعتبار أنهما يحافظان من وجهة نظره على كيان لبنان في ظل فشل الطبقة السياسية «كلن يعني كلن» بالوصول الى حل داخلي إن سياسي أو اقتصادي واجتماعي، أو حتى لتشكيل حكومة تسهم بتسيير حركة البلاد بالحد الأدنى. إن الحياد والمؤتمر الدولي المرفوضان من قبل حزب الله سيكونان موضوع حوار بين بكركي وبين الحزب مع تشدد الحزب في رفضهما، مع احتمال تسهيل الحزب في النهاية تشكيل حكومة ما… على الأكثر! وإذا كان الحزب لن يتقيد بالحياد، فإن المؤتمر الدولي الأممي، الذي لا يطرحه البطريرك تحت البند السابع، قد يتخطى إمكانية الحزب على تعطيله، على الرغم من اعتراضه عليه بفائض قوة السلاح لديه!

رفض سلاح حزب الله وهيمنته رسالة قوية لرئيس الجمهورية ولتياره ولحلفاء الحزب المسيحيين!

إن رفْض البطريرك لبقاء سلاح حزب الله ولهيمنته على الدولة وتركيزه على بناء لبنان قوي بجيشه هما مواقف واضحة لأسياد بكركي، للراعي اليوم وللراحل صفير من قبله. وهذا الموقف يلتقي مع مطلب أكثر من ثلثي الشعب اللبناني تقديرياً (وليس المقصود هنا السنة والمسيحيين). وتأكيد الراعي عليهما في هذه الظروف هو رسالة في اتجاهات لبنانية ودولية متعددة. وأبرزها، هي التي تصيب حلفاء حزب الله من المسيحيين، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية وتياره. وإذا كانت زيارة وفد التيار الوطني الحر الى بكركي قبل يوم واحد على الخطاب تكريساً لمواقف رئيسه الداعمة لسلاح الحزب، وإذا كان موقف مستشار رئيس الجمهورية، الوزير السابق بيار رفول قد أعلن أن الرئيس ميشال عون قد أعلن صراحة عن تبني الرئيس للسلاح ولهيمنته على لبنان بتحديده صراحة عن تموضع الرئيس في محور «الممانعة والمقاومة»، فقد جاء خطاب الراعي، واضح الموقف رافضاً لهذه المواقف صراحة، مع تأكيده أن أبواب بكركي مفتوحة للجميع!!!

ثورة بكركي في «لا تسكتوا»!

إن مواقف الراعي والتي هي مواقف رسمية للبطريركية المارونية في سلسلة «لا تسكتوا» هي تأييد صريح ومباشر للثورة ولتحركاتها ولمطالبها، وإن كانت بكركي لن تستطيع مواكبة أسلوب الثورة الحاد في التعبير. ولم يغفل البطريرك في تحديد التقصير في تفجير المرفأ وفي استعادة الأموال المنهوبة وفي محاربة الفساد واستقلال القضاء…

اعتراض بعض الأصوات الثورية!

لم تعترض بعض من أصوات الثوار على ما قاله البطريرك الراعي، بل على ما لم يقله! وخاصة، لجهة رفضهم للخطوط الحمر في إسقاط رئيس الجمهورية أو في الدفاع عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أو حتى في تطلعهم لدولة مدنية لا يتدخل بها رجال الدين، أو لتخوفهم من تحرك رجال دين آخرين بتجييشهم لجماهيرهم في مواجهة خطاب الراعي. وبالتأكيد، أنه ليس هناك ما يمنع من استمرار الثورة في خطابها كما هو، مع مساءلة «كلن يعني كلن»!

موقف البطريركية «الأخطر»…  والتاريخي وأفق جديد للبنان!

بعيداً عن الضجيج الاعلامي والشعبي وعن نقاشات «السوشال ميديا» الحادة، كرّس البطريرك الراعي موقفاً واضحاً وصريحاً لبطريركية الموارنة لجهة بناء مستقبل لبنان مبني على مبدأ «فصل الدين عن الدولة»، ولجهة إرادة البطريركية المارونية في بناء «دولة مدنية» في لبنان، قادرة أن تحقق المواطنة والعدالة الاجتماعية، وهي الأسس الحضارية لبناء دولة حديثة، والتي تطمح  وتسعى إليها الثورة ويطمح إليها معظم اللبنانيين. عندما ينتهي الضجيج، وتنتهي المحن، ولو بعد زمن طويل، سيبقى هذا الموقف، بطريرك المواقف وراعيها، كحجر أساس لبناء لبنان الغد!