IMLebanon

رسالة للمجتمع الدولي: هكذا تَسرق السلطة مساعداتكم!

كتب أيمن شروف في “الحرة”:

قرر المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب “الشعب اللبناني” في ظل أزمة اقتصادية لم تشهدها البلاد حتى أبان الحرب الأهلية، من خلال الموافقة على قرض بقيمة 246 مليون دولار، على مدى 15 عاما، لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي ودعم العائلات الأكثر فقرا.

ويقدم المشروع تحويلات نقدية إلى 147 ألف أسرة لبنانية ترزح تحت خط الفقر المدقع (ما يقارب 786 ألف فرد) لمدة عام واحد.

وستتلقى الأسر المؤهلة مساعدة شهرية قدرها 100 ألف ليرة لبنانية للفرد الواحد، بالإضافة إلى مبلغ ثابت قدره 200 ألف ليرة للأسرة الواحدة.

وسيصل هذا القرض من خلال البنك الدولي إلى مصرف لبنان الذي سيصرف المساعدات، 200 دولار لكل عائلة، على سعر صرف 6240 ليرة.

وبلغ سعر الصرف في السوق السوداء، الثلثاء، 10 آلاف ليرة لكل دولار أميركي، وبالتالي ستتآكل المساعدات بمعدل 70 بالمئة تقريبا، نظرا إلى هوة الفرق بين سعر الصرف الحقيقي للدولار في السوق الموازي.

وسيطرح هذا الأمر علامات استفهام كبيرة حول الشفافية في التعامل مع هذه المساعدات.

وفي هذا الإطار، قررت مجموعة من طلاب الجامعات، تطلق على نفسها اسم “حركة شباب لبنان الوطنية”، أن تراسل المجتمع الدولي من خلال كتاب موجه إلى الدول المانحة تطلب فيه عدم إرسال المساعدات إلى السلطات اللبنانية والقنوات الرسمية.

الكتاب الذي وقعت عليه أيضا مجموعات صغيرة ظهرت بعد حراك 17 تشرين الأول، اتهم الجهات الخارجية عبر الاستمرار بإرسال المساعدات للسطلة اللبنانية بـ”تسهيل قيام المنظومة الحاكمة بسرقة ما يقارب 37 في المئة، أي أكثر من 90 مليون دولار أميركي من قيمة قرض مساعدة العائلات الفقيرة”.

وقال الكتاب إن “هذا المبلغ المنهوب مرشح للارتفاع مع استمرار تراجع الليرة اللبنانية أمام الدولار”.

وطالب الكتاب المجتمع الدولي بعدم إرسال المساعدات من خلال “مؤسسات الدولة، وإقرار آلية لإبقاء هذه المساعدات بعيدة عن السياسيين”.

وشهدت الجامعات والمدارس في غالبية المناطق اللبنانية تظاهرات احتجاجية منذ تشرين الأول 2019 تطالب بمكافحة الفساد ومحاسبة الطبقة السياسية، إلا أنها تراجعت كثيرا مع مرور الوقت ليأتي هذا التحرك من خارج السياق المعتاد.

ويبدو أن الطلاب الذين بادروا، أو شاركوا في توجيه الكتاب، لديهم الكثير من المآخذ على أداء مجموعات “انتفاضة 17 تشرين الأول” وخلافاتهم الكثيرة، ولذلك قرروا أن يبادروا هم بأنفسهم “فلا نبقى مكتوفي الأيدي أمام ما يحصل أمامنا”، كما تقول الطالبة تانيا لقيس.

وتانيا، واحدة من طلاب كثر، كما تقول، “من مناطق عدة ومن مشارب وطوائف مختلفة، اجتمعنا في مجموعة واحدة لمحاولة البدء بتغيير  يكمل مسار 17 تشرين الأول، لمحاربة السلطة السياسية، التي تمعن في إفقارنا وهي إلى اليوم مستمرة في سياسة نهب المال العام”.

وتضيف: “تابعنا موضوع القرض الذي ستقدمه بعض الدول الغربية لمساعدة العائلات الفقيرة، وفوجئنا أن السلطة تريد أن تحتسب الدولار على سعر يقارب الـ6 آلاف ليرة للدولار الواحد، فيما سعر الصرف في السوق السوداء يصل إلى 10 آلاف ليرة لكل دولار، فقررنا التواصل مباشرة مع الجهات المعنية”.

“لا ثقة بالسلطة”

من جهته، يقول موسى الحاج: “نحن شباب من لبنان، اخترنا أن نبتعد عن المجموعات الثورية المليئة بالأنانية، وبالخلافات، واخترنا مكانا يمكنا من إيصال صوتنا من دون تشفير وكما هو”.

ويضيف أن “الخطوة الأولى كانت هذا الكتاب، وسيكون لنا خطوات لاحقة”.

وإبان 17 تشرين الأول، كان السؤال الأبرز الذي يطرح على المجموعات الفاعلة آنذاك، “ما البديل؟”، والجواب كان موضع خلاف بين العديد منهم، فالبعض رأى أهمية خلق إطار ثوري فيما رفض البعض الآخر كليا فكرة خلق إطار أو تحويل الحراك إلى مجموعة واضحة البنية.

وليس لدى “حركة شباب للبنان الوطنية” خطة للبديل إلى الآن، ولكن تحركهم كما تقول تانيا هو لـ”رفع الصوت، والمطالبة أولا وقبل أي شيء، المجتمع الدول بأن يشرف هو على توزيع المساعدات المخصصة للفقراء”.

وتتابع “ليس لدينا ثقة بالسلطة التي في كل مرة يصل إليها مساعدة، تستغلها في فسادها ومحسوبياتها”.

ويقول الناشط أحمد إسماعيل من عامية جبل عامل إن “التحرك الذي قام به الطلاب هو ضمن سياق 17 تشرين الأولبشكل عام والهدف منه رفع الصوت في وجه هذه المنظومة، خاصة أنها لا تزال تُمعن بالسرقة ورأينا كيف اليوم من جديد تستفيد من مساعدات إنسانية كي تتحاصص فيما بينها”.

ويضيف أن “الاقتراح في البداية كان لصالح تنظيم تظاهرات أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية، لكننا ارتأينا تأييد ودعم الطلاب من خلال توجيه رسالة يشرحون فيها ما يحصل ويطلبون من الدول المانحة أن تتدخل”.

ويشدد إسماعيل أن “ما يحصل غير مقبول، وهذه السرقة يجب أن تتوقف فورا، وعلى البنك الدولي تحديدا أن يتحرك لأنه يساهم في هذه السرقة من حيث لا يدري”.

وحاول موقع “الحرة” الحصول على أجوبة من وزارة الخارجية الأميركية التي وصلتها الرسالة لكنها فضلت عدم التعليق، وكذلك فعلت السفارة الأميركية في لبنان.