IMLebanon

فلتان الدولار يُرخي سواده على الأسواق في زحلة

كتبت لوسي بارسخيان في صحيفة نداء الوطن:

لم يأت إستئناف العمل في سوق زحلة التجاري بعد أسابيع من الإلتزام بالحجِر، على قدر طموحات أصحاب المؤسّسات في المدينة، بعدما كانت جمعية تجّار زحلة قد ناشدت إعادة فتح الأسواق “رأفة بالاقتصاد الوطني وتجنّباً للانهيار الشامل، إذ تعدّدت الاسباب والنتيجة واحدة: إفلاس وانهيار المزيد من المؤسّسات”، كما جاء في بيان صادر عنها، إكتشف تجار المدينة سريعاً أن تجاوز مشكلة الركود الطويلة التي غرق فيها السوق، لن تكفيه إجراءات الوقاية التي أكّدت الجمعية، كما بلدية زحلة الإلتزام بها، بل باتت أسبابه تتخطّى وِفقاً لتجّار المدينة الخوف من الفيروس، الى “الفقر” الذي ضرب اللبنانيين عموماً، بحيث لم تعد الخدمات التي يقدّمها السوق التجاري من أولويات الناس الباحثين عن سبل “تطويع” مداخيلهم لتأمين الكفاية الغذائية لعائلاتهم. ومن هنا تكرّرت المطالبة بالتعويض على القطاع، أسوة بالدول التي فرضت التعبئة العامة، مع تأمين كافة الإعفاءات التي تسمح بصمود التجّار وتجنّبهم الإنهيار الشامل.

وعليه، يقول أحد التجّار: “لم يعد هناك فرق بين فتح أبواب المتاجر أو إغلاقها، وإنما الأمل يبقى بصدمة إيجابية، تعيد ضخّ الحياة بالمتاجر، بعدما أغلق العديد منها أبوابه، وفضّل الإحتفاظ بالبضائع، على بيعها بخسارة يومية يتكبّدها التجّار نتيجة لتغيّر سعر صرف الدولار يومياً”. أحد أصحاب مؤسّسات بيع الأحذية المعروفة في مدينة زحلة، والتي كانت قد درجت على توزيع إنتاجها بين أكثر من متجر، بما يتناسب مع ميزانيات الزبائن المتفاوتة، يقول لـ”نداء الوطن”: “طلبنا من موظّفينا لدى إستعادة حركتنا الإبقاء على السعر القديم لأحذيتنا في المتاجر التي تستهدف الفئة الضعيفة، ولكن ترجمة بيع الزوج بـ 25 ألف ليرة، يعني أنّ سعره لن يتخطّى الدولارين ونصف، ممّا يضعنا في موقع تصفية بضاعتنا التي لن نتمكّن من تجديدها إذا بقي الحال على ما هو عليه”.

صاحبة محل لبيع الملبوسات ترى في إغلاق السوق خلال فترة “كورونا” حدّاً للخسارة، فهي كما تقول، كانت قد تبضّعت لمحلها في نهاية سنة 2019، وبعد سنتين من الأزمة التي حدّت الحركة التجارية، لم تجد حاجة لتزويد متجرها ببضاعة إضافية. “إلا أنه مع إرتفاع سعر الدولار صرنا نبيع بضاعتنا حتى نؤمّن قوتنا اليومي، فنحن غير قادرين على إسترداد رأسمالنا بالدولار، وإذا رفعنا سعر البضاعة نواجه خطورة زوال موضتها في السنوات المقبلة”.

وهكذا خيّم السعر الأسود للدولار سواداً على أسواق مدينة زحلة في الأيام الاولى لإستعادة حركتها. وبعدما تفاءلت بعض المتاجر بالعدد المحدود من الزبائن الذين قصدوها بحثاً عن مستلزمات اساسية، جاء إرتفاع سعر صرف الدولار الجنوني مطلع الأسبوع، وما رافقه من تحرّكات إحتجاجية باتجاه الصرّافين، ليقلّص من حجم هذا التفاؤل، وعاد الدولار حديث الناس، بظلّ شائعات غير مطمئنة حول المستويات التي يمكن أن يبلغها، والتي كلّما جرى تضخيمها، كلّما قبض الناس على الأموال القليلة بين أيديهم، خوفاً من أيام أصعب ما عادت مستبعدة بالنسبة للجميع.

أمّا الترجمة الميدانية لهذا القلق فجاءت في خلو متاجر زحلة والبولفار الذي يشقّها، من الزبائن، بمقابل “تسكّع” الموظّفين وأصحاب المؤسّسات على أبوابها، بإنتظار مرور ولو زبون واحد، ينظر إليه العاملون في المتاجر كخشبة خلاص تجنّبهم كأس الصرف من الخدمة، بعدما قبل معظمهم بالإقتطاع من رواتبهم، حفاظاً على وظيفة ما عادوا قادرين على إستبدالها.