IMLebanon

شربل نحاس المليونير… الذي يناصر الفقراء بالشعارات

جاء في وكالة أخبار اليوم:

في الحياة السياسيّة اللبنانيّة من يصنعون “بطولةً” نكتشف، عند التعمّق فيها، بأنّها كانت وهماً. هم أبطال من “كرتون” يسترون عيوبهم بالصراخ أو ادّعاء النزاهة، أو تشويه صورة الآخرين حمايةً لصورتهم.

هذا ما ينطبق على الوزير الاسبق شربل نحاس، على حد تعبير اوساط بارزة في مجموعات الثورة، التي قالت: لنحاس تاريخٌ طويل من التقلّبات في المواقف والمواقع. وسيرة ملتبسة أكسبته مالاً كثيراً، مع ادّعائه، دوماً، بأنّه “شريف المعارضة”. ومن يوصف بأنّه خارج من المجتمع المدني هو خارج فعلاً من المجتمع المصرفي، حيث عمل لعقود وكسب ثورة كبيرة تُقدّر بعشرات ملايين الدولارات.

واضافت: إلا أنّ البورجوازيّة التي يعيش فيها نحاس، مالاً وأملاكاً، يغطّيها بخطابه المرتفع النبرة، و”النرفزة” الدائمة. وهو عرف التقلّبات السياسيّة الكثيرة في حياته، فجيء به، من قبل ضبّاطٍ محسوبين على المخابرات السوريّة، الى الرئيس اميل لحود، مع عددٍ من المصرفيّين آنذاك، ويُقال إنّ لحود أُعجب به، قبل أن يكتشفه لاحقاً، ويطلق رئيس لواء الحرس الجمهوري السابق العميد مصطفى حمدان تغريدته الشهيرة: “معاليك شربل بيك نحاس انا ما عملت وزير من تحت صرماية ميشال عون…. وبالنسبة لحزب الله بيعرفوك منيح لما كنا وكانوا. هلقد بيكفي وإلا للبحث صلة”.

وذكرت الاوساط بان نحاس لم يردّ يومها على كلام حمدان “الذي يعرف عنه الكثير”- كما يؤكّد أحد المقرّبين من عهد لحود- بل أراد أن يلمّ الفضيحة.

ومن حضن لحود، انتقل نحاس الى حضن العماد ميشال عون. كان الرجل بارعاً في إقناع عون بأفكاره، خصوصاً أنّ الأخير كان بات يحيط نفسه بالكثير ممّن كانوا يوصفون بـ “أزلام سوريا”.

نال نحاس حقيبة وزارة الاتصالات، وبات، فجأةً، المنظّر الاقتصادي للتيّار الوطني الحر، وهو موقع تناوب عليه كثيرون، من أقصى الفكر الرأسمالي المتحرّر الى الفكر الشيوعي اليساري. أما نحاس، فكان من الرأسمال الجشع، في ما يتعلّق به، ومن اليسار المتزمّت في ما يتعلّق بالآخرين. وهو خاض، عند تولّيه وزارة الاتصالات، الكثير من الحروب العبثيّة والانتقاميّة، قبل أن يحلّ وزيراً للعمل، ويحصل التصادم بين عون وبينه، ليستقيل من الحكومة.

واشارت الاوساط عينها الى انه لم يعد لنحاس، بعد خروجه من تحت جناح التيّار الوطني الحر، واصطدامه بعددٍ من الشخصيّات البارزة فيه، موقعاً سياسيّاً يلتجئ إليه، فاختار أن يركب “موجة المجتمع المدني” ويسوّق لأفكاره المتناقضة، بين مرحلة وأخرى، في صحيفة “الأخبار” التي تشكّل، في توجّهها الاقتصادي، رأس حربة للمشروع الذي يمزج بين بقايا الفكر الشيوعي ومشروع حزب الله.

تقرّب نحاس من بعض وجوه المجتمع المدني الذي بدأ يبرز، خصوصاً، في العام ٢٠١٥. كان يجالس الأغنياء في مطاعم أحد فنادق وسط بيروت ظهراً، ثم يعقد الاجتماعات مع الناشطين الرفضيّين في المقاهي الشعبيّة مساءً.

وتابعت: لأنّ ابن الأشرفيّة الكاثوليكي يدرك أنّ حظوظه بالفوز معدومة في دائرة بيروت الأولى، انتقل للترشّح في المتن الشمالي حيث تحالف أيضاً مع وجوه تقليديّة ساهمت في تمويل اللائحة التي لم “يقبضها” المتنيّون، فعجزت عن تأمين الحاصل الانتخابي أو التأثير في المشهد المتني.

علماً أنّ نحاس، الذي لم يعرفه المتنيّون إلا عبر الشاشة، عاد ليغيب عنهم تماماً بعد الانتخابات، ليظهر من جديد منظّراً في خيم “الثوّار”، وقد توطّدت علاقته في تلك المرحلة ببعض الإعلاميّين والناشطين.

ووذكرت الاوساط عينها بسقطات نحاس في تلك المرحلة منها ما قاله، في إحدى الخيم، بحقّ أبناء الجنوب المقاومين، ما اضطرّه في اليوم الثاني، وفي تكرار لمشهد “بعد السحسوح”، الى الاعتذار. وقد أفقدت “هذه السقطة” نحاس تأييد المجموعات الناشطة المعارضة لحزب الله، مع الإشارة الى أنّ بعض الناشطين يتحدّثون عن أجندة خاصّة يملكها، وعن طموحٍ وزاريّ يسعى لتحقيقه من خلال تمثيل “الثورة”.

وكشفت الاوساط ايضا عن رفض عدد من المجموعات التحالف مع نحاس، في إطار المساعي لتوحيد صفوف “الثوّار”، بسبب تجارب سابقة معه ونقاط سوداء في مسيرته ، وخصوصاً بسبب أسلوبه المتعالي في التعاطي مع الآخرين وإظهار نفسه في موقع المتقدّم بين الناشطين.

وتجدر الإشارة، أيضاً، الى التماهي والتقارب بين نحاس وعدد من مستشاري رئيس الحكومة حسان دياب، الذين فشلوا فشلاً ذريعاً في إعداد الخطة الاقتصاديّة الإنقاذيّة وتسويقها.

وختمت: يصرخ شربل نحاس كثيراً. ينفعل غالباً. هو مليونير ولكنّه لا يملك، لمناصرة الفقراء، سوى الشعارات. هو مدمن على التدخين والتنظير، لكنّ معظم أفكاره تطير وتتبخّر، كما دخان سجائره. “الثائر المليونير” يستطيع أن يخدع بعض الناس بعض الوقت، وهو، حتماً، لن ينجح في خداع جميع الناس كلّ الوقت.