IMLebanon

الملف الحكومي يتعقّد والحريري يصوّب على “الحزب”

كتبت أنديرا مطر في “القبس الكويتية”:

كل المؤشرات الاجتماعية والمعيشية تنذر بدخول لبنان في مرحلة السقوط الحر بلا أي رادع، في ظل تمدد المواجهة السياسية بين أطراف المنظومة الحاكمة إلى الشارع كما أظهرت الاحتجاجات الأخيرة، ما أعاد تحريك الملف اللبناني في الخارج، لا سيما في فرنسا، القلقة من غرق لبنان في فوضى أمنية لطالما حذّرت منها.

مصادر إعلامية مقيمة في باريس أشارت إلى أن الاحتجاجات الأخيرة والملابسات التي أحاطت بها عززت مخاوف الحكومة الفرنسية من دخول لبنان في فوضى اجتماعية، لا سيما مع دخول عوامل سياسية على الحراك الشعبي المحق.

وكشفت المصادر أن الفرنسيين أبلغوا رسائل لكل الأطراف بضرورة احتواء الوضع وتسهيل تشكيل حكومة، رغم أنهم لم يتلقوا أي إشارة توحي بالاستجابة لمطلبهم.

وتؤكد هذه المعطيات معلومات حصلت عليها القبس بأن موضوع العقوبات على شخصيات لبنانية بات على طاولة الرئيس الفرنسي، وهو سيتحرك بالتوازي مع حزمة العقوبات الأميركية الجديدة على أصدقاء حزب الله في لبنان ومن يدور في فلكه، والتي تجدد الحديث عنها في الآونة الأخيرة للمرة الأولى بعد تسلّم إدارة الرئيس جو بايدن.

غير أن مصادر فرنسية لفتت إلى أن الملف اللبناني يحكمه اتجاهان، أحدهما مؤيد لفرض عقوبات على المعطلين لعملية تشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية، وبين فريق آخر يعارض سياسة العقوبات، ويدعو إلى المهادنة كجزء من سياسة فرنسية شاملة باتجاه إيران وفرص التسوية مع واشنطن. وعلمت القبس أن من بين الأسماء الموضوعة على قائمة العقوبات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، إلى جانب مسؤولين آخرين.

الحريري وحزب الله

وعلى وقع المخاوف من غرق السفينة اللبنانية، يواصل أفرقاء الداخل سياستهم كالمعتاد. تحركات الشارع وبمعزل عما إذا كانت مدبرة ومفتعلة ومحملة برسائل، إلا أن ذلك لا يلغي اقتراب الوضع من الانفجار، ما يستلزم معالجة فورية سياسية قبل الإجراءات الاقتصادية الآنية. وفي هذا السياق، أبدت جهات اقتصادية استغرابها لطريقة تعاطي رئيس الجمهورية مع الاحتجاجات لناحية استدعاء حاكم مصرف لبنان وسؤاله عن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار، واعتباره الأزمة مالية صرفاً، ولا دور للعامل السياسي فيها، بينما العكس هو الصحيح.

وفي المقابل، كل الطرق إلى تأليف الحكومة مغلقة، وجبهة البيانات عادت لتشتعل من خلال رد الرئيس المكلف سعد الحريري على ما أوردته صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله بأن الحريري رفض مقترحاً أبلغه إياه اللواء عباس إبراهيم يقضي بتسمية رئيس الجمهورية ميشال عون خمسة وزراء، إضافة إلى وزير الطاشناق، في حكومة من 18 وزيراً، في مقابل الحصول على حقيبة الداخلية، على أن يمتنع جبران باسيل عن منح الحكومة الثقة. وسأل الحريري: «إذا كانت كتلة التيار الوطني الحر ستحجب الثقة عن الحكومة وتقوم بمعارضتها، فما هو مبرر حصول رئيس الجمهورية على ثلث أعضاء الحكومة، كما يزعم من يقف وراء التسريب في الأخبار».

وأضاف البيان هذه المرة حزب الله إلى لائحة المعطلين، علماً بأنه كان حرص منذ تكليفه على «تحييده»، لكن ما استدعى رد الحريري على حزب الله هو كلام لنائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، اتهم فيه السعودية بعرقلة التأليف، قائلاً إن رفض السعودية لتمثيل حزب الله في الحكومة هو الذي يمنع الحريري من تشكيلها.

وقد يكون التحول في موقف حزب الله من واشنطن إلى السعودية فرضته حالة الاستعداد لبدء التفاوض الأميركي الإيراني، والتي تؤكدها اتصالات مباشرة وغير مباشرة تجري بين الطرفين. أما الحريري، فاعتبر أنه على عكس حزب الله المنتظر دائماً قراره من إيران، لا ينتظر رضا أي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها، إنما ينتظر موافقة الرئيس عون على تشكيلة حكومة الاختصاصيين، قائلاً إن تطابق التفسير الذي تسوقه صحيفة الأخبار مع كلام نعيم قاسم يعزز الشعور بأن الحزب من بين الأطراف المشاركة في محاولة رمي كرة المسؤولية على الرئيس الحريري، لا بل يناور لإطالة مدة الفراغ الحكومي بانتظار أن تبدأ إيران تفاوضها مع الإدارة الأميركية الجديدة، ممسكة باستقرار لبنان كورقة من أوراق هذا التفاوض.