IMLebanon

الدولار يحلّق… وأسعار المواد الغذائية سترتفع بنسبة 20%!

كتبت جريدة النهار:

حلّق الدولار وأشعل معه كل الأسعار، ففي #السوبرماركت الوجوه لا يمكن تفسيرها. إنها كارثة كبرى، الورقة الخضراء التي لا تزال رسمياً عند 1507.5 ليرة لبنانية، تجاوزت اليوم، في السوق السوداء، عتبة الـ12000 ليرة.

وبالنسبة لبلد يعتمد على الاستيراد بشكل أساسي لتأمين أمنه الغذائي، من الطبيعي أن ترتفع الأسعار إلى مستويات قياسية لتلاقي جنون الدولار.

يُفَسَّر ارتفاع سعر الصرف في علم الاقتصاد، حسب قاعدة العرض والطلب،لكن قفزة اليوم نوعية، من 8000 ليرة إلى 12000 ليرة، الزيادة 4000 ليرة في أسبوع واحد. ماذا عن معروض الدولار في السوق السوداء؟

في اتصالٍ أجرته “النهار” مع نقيب مستوري المواد الغذائية، هاني بحصلي، أكّد الأخير “أننا لم نجد اليوم دولارات في السوق السوداء، أو لدى الصرافين، وعلى مدى الأسبوع الماضي، كانت الأمور معقدة وتزداد صعوبة يومياً”.

واعتبر بحصلي أنّ “القفزة 4000 ليرة في أيام قليلة، يترتب عليها ضياع وتعقيد إضافيان بالنسبة للتجار الذين لا يمكنهم التسعير على 8000 ليرة، وإن قرّروا رفع الأسعار لتتناسب مع المستوى الجديد للدولار، فسيشكل ذلك مشكلة اجتماعية كبيرة”.

وترقب بحصلي أن “يتوقف العديد من التجار عن الشراء، فنحن لا يمكننا أن نتابع السوق التي تتجه نحو أسعار مرتفعة، ولا يوجد أي تحرك أو مبادرة من قبل السلطة”.

ويصعب على النقيب بحصلي تحديد المستوى الذي ستصل إليه الأسعار الأسبوع المقبل، وقال: “ليس بحلّ مستدام أن يبيع التجار بسعر أقل من الكلفة، ويجب على السلطة تحمل مسؤولياتها”.

من جهته، قال نقيب أصحاب السوبرماركات نبيل فهد لـ”النهار” إنّ “التسعير لدينا يعتمد على لوائح المورّدين، وارتفعت الأسعار الأسبوع الماضي بنسبة لم تتجاوز الـ12 في المئة، وذلك عندما قفز الدولار إلى 10000 ليرة لبنانية، لكن أتوقع أن يكون ارتفاع الأسبوع المقبل أكثر من 20 في المئة، بعد أن وصل سعر الصرف إلى 12000 ليرة، وستكون زيادة قاسية وصعبة، لأننا نبيع اليوم بأسعار منخفضة نسبة لما ستكون عليه لاحقاً”.

أمّا بالنسبة للمواد المدعومة فشرح النقيب أنّ “كمياتها قليلة جدّاً، وهي 15 في المئة من طلب السوبرماركات، وما إن نضعها على الرفوف حتى يطلبها الزبائن بشكل فوري، ويوجد نقص كبير في المواد المدعومة من الزيت والسكر في الأسواق”.

وقفة أمام قسم “الزيت” خلال جولة على السوبرماركات:

وفي جولة قامت بها “النهار” على السوبرماركات، رصدت الأسعار المشتعلة، بحيث وصل سعر أحد الزيوت غير المدعومة (3.78 ليتر) إلى 107000 ليرة لبنانية، أي ما يقارب الـ16 في المئة من الحد الأدنى للأجور، ونوعية مختلفة لامست الـ75000 ليرة لبنانية. ونوعية أخرى (3 ليتر) بـ89000 ليرة لبنانية.

وأمام الرفوف سيدات ورجال يفاضلون بين الماركات، “ما هذه الماركة؟ لم أسمع فيها من قبل؟ هل هي صحية أم أنها تضر بأولادي؟”، هذه الأسئلة وجهتها لي إحدى السيدات، ظناً منها أنني أحد موظفي الفرع، بعدما رأتني أدقق بالأسعار وأكتب، وعندما شرحت لها حقيقة الأمر، قالت: “الزيت مادة أساسية في المنزل، تدخل في الطبخ، وأستخدمها للطهي، وصول سعرها إلى هذا المستوى وضع خطير، ولا يمكنني تحمله، أخاف على أولادي من الجوع، الأفق لا يطمئن بالخير”.
وشرح إميل، وهو أب لـ3 أولاد، كنت قد رأيته يتردد في وضع الزيت في العربة: “أفكر بعدم شراء الزيت والانتظار إلى آخر الشهر، يوجد لديّ كمية منه في المنزل يمكنني استخدامها بعد، لكنني خائف أن يرتفع سعرها أكثر، راتبي يساوي 5 غالونات من الزيت، لا أعلم كيف سأستمر بإعالة عائلتي”.

جميع الأسعار ارتفعت

حليب (900 غرام) بـ81000 ليرة لبنانية، وآخر مخصص لنمو الأطفال ما بين 3 و6 سنوات (وزنه 1.6 كيلوغرام) بـ100 ألف ليرة. وروت راغدة (36 عاماً) ولديها 4 أطفال ما بين الـ3 و11 سنة: “لا يمكني تحمل هذه الأعباء، توفي زوجي السنة الماضية، وترك لي مسؤوليات لا يمكنني وصفها في هذا البلد الذي ينهار، كيف لي أن أجلب احتياجات الأولاد، وسعر علبتين من الحليب بـ160 ألف ليرة. لا أجد مواد مدعومة بسهولة تختفي بسرعة بعد عرضها على الرفوف”.

وارتفع سعر الأرز الهندي (4.5 كيلوغرامات) إلى 90 ألف ليرة لبنانية. وسعر كيلوغرام من الحمص وصل إلى 21000 ليرة، أمّا سعر كيلوغرام الفول فوصل إلى 29 ألف ليرة، وصنف آخر بـ20 ألف ليرة. أمام هذه الأسعار قال رفيق، وهو أستاذ ثانوي (60 عاماً): “إذا أردنا العودة إلى نمط الغذاء الذي كان سائداً قبل الانتداب، أي أن نعود إلى الحبوب بعيداً عن اللحوم، فهذه الأسعار لا تمكّننا من ذلك، لا أعلم الشهر المقبل، ماذا سيمكنني الشراء براتبي”.
2 كيلو من السكر بـ19000 ليرة، و5 كيلو من الأرز الإيطالي بـ40000 ليرة.

وأسعار القهوة ارتفعت بدورها، النسيكافيه (100 غرام) وصل إلى 34000 ليرة، وكيس البن (180 غراماً) وصل إلى 7500 ليرة لبنانية.

الاحتياجات الأساسية كلها طوالها الارتفاع، سعر الفوط الصحية بلغت بما يقارب الـ20 ألف ليرة، وحفاضات الأطفال (4 كيلوغرامات) بـ70 ألف ليرة، أمّا المناديل الورقية “32 لفّة” بـ79 ألف ليرة. قالت ربى وهي أم لطفل عمره 5 أشهر: “بتنا نتكلم عن المئة ألف ليرة وكأنها 10 آلاف ليرة، لا تكفيك في السوبرماركت، لا أعلم كيف سأتمكن من شراء مستلزمات ابني”.

الدولار اللهاب والانفجار الاجتماعي الكبير

وشرح رئيس المركز اللبناني لدراسات السوق، باتريك مارديني، أنّ “الشعب اللبناني الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية، تتراجع قدرته الشرائية كلّما ارتفع سعر الصرف، لذلك فإنّ نسب الفقر ترتفع كثيراً، لأنّ معظم السلع التي يستهلكها المواطن يومياً، تُسعر على أساس الدولار الحقيقي لأنها مستوردة، ما أدّى إلى تضخم كبير يأكل القدرة الشرائية للمواطن ويزيد من نسب الفقر في البلد”.

واعتبر مارديني أنّ “لا حلّ في لبنان إلّا عبر تخفيض #سعر صرف الدولار، فلا الدعم ولا البطاقة التمويلية يمكنهما معالجة المشكلة”.

وأكّد مارديني أنّ “كل السياسات التدخلية التي قامت بها الدولة أدّت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، لأنها تستنزف الإحتياطي للدعم، وتطبع الليرة لسد العجز”.

ولفت مارديني إلى أنّ “الصيارفة الذين يبيعون على سعر مرتفع، هم من يزودون السوق اللبنانية بالعملة الخضراء، ولدى قمعهم ينقطع الدولار في السوق، وهذه سياسات عكسية تؤدي إلى نتائج غير مرغوب بها، والأمر سيان بالنسبة إلى المنصات، التي لدى توقفها لا يعلم المواطن السعر الحقيقي للدولار، ويتوقف عن البيع”.

أمام هذه الوقائع، يتجه لبنان نحو المجهول. الانفجارات الاجتماعية تحصل يومياً، وقدرة التحمل غير موجودة. كيف لعائلة أن تتكبد كلفة السلة الغذائية بتسعيرتها الجديدة، مع أسعار المحروقات والإيجارات، والفواتير المختلفة؟ متى يصحو ضمير المسؤولين؟ ومتى ينتفض الشعب فيحاسب من هدّد لقمة عيشه وكرامته ومستقبله؟!