IMLebanon

باسيل يصعِّد طائفيًا لينال مطلب الثلث المعطل

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لم تعد نبرة التصعيد الطائفي وإثارة الغرائز الفتنوية التي ينتهجها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ضد خصومه السياسيين تكفي لتغطية المسار الانحداري والتجربة العونية الفاشلة، إن كان في تولي مهمات الرئاسة الأولى او ادارة المؤسسات والمرافق العامة التي تولى مسؤولياتها عونيون وأكبر دليل فيها وزارة الطاقة التي استلمها باسيل منذ اكثر من عشر سنوات متواصلة وما يزال يديرها عن بُعد، كما اظهرت وقائع توزير مستشاريه فيها من بعده على التوالي، فيما كشفت وقائع طلب السلفة المالية من المجلس النيابي مؤخراً لتغطية شراء مادة «الفيول اويل» ظاهريا، بينما يشهد كل اللبنانيين على تردي وضع الكهرباء عما كانت عليه من قبل، بما ينذر نحو الأسوأ لاحقاً.

الكل بات يعلم ان رئيس «التيار الوطني الحر» يحاول على الدوام، اللعب على الوتر الطائفي وتأجيج العصبيات بين اللبنانيين، لتغطية طموحاته اللامتناهية، إن كان بالسعي هذه المرة للاستئثار بمقدرات وقرارات الحكومة الجديدة، تحت مسميات وعناوين مزيفة على الدوام، كالمطالبة بحقوق المسيحيين مثلاً أو ما يدعيه بصلاحيات رئيس الجمهورية، أو ما يطلق عليه كذباً وحدة المعايير وما شابه، بينما يبقى الهدف الأساس من كل هذه الشدشدة وإثارة الغرائز إبقاء كل الدولة معلقة تحت أمره وإرادته كما يحلو له بلا منازع ولو كان الأمر على حساب الدولة ومصالح اللبنانيين.

اليوم، لم يغيّر النائب باسيل نهج السنوات الماضية التخريبي في ادارة السلطة وكأن كل ما قام به كان صائباً وناجحاً وما حل بلبنان حتى اليوم، لم يكن له يد فيه أو كأنه من فعل خصومه، ولذلك لم يبدل من سلوكياته الفاشلة او نهجه المعطل لمسار الدولة، ويحاول قلب الوقائع رأساً على عقب، ويصوّر نجاح خصومه فشلاً وفشله وتياره السياسي نجاحاً.

هذه المرة، لم تعد تنطلي محاولات رمي كرة فشل العهد العوني على سياسات «التركة الثقيلة» للآخرين على أبسط الناس، أو اتهام ما سماه بالمنظومة الفاسدة بمسؤوليتها عن انهيار الدولة حتى على البسطاء، لأنه كان ورئيس الجمهورية جزءاً من هذه المنظومة منذ العام 1988 وطوال السنوات العشر الماضية. ولن تعفي نبرة مواقفه الاستفزازية وأياديه الملطخة بأثقال التعطيل المبرمج لمؤسسات الدولة وممارسات الارتماء في احضان التحالف السوري الإيراني، وإمعانه شخصياً بتنفيذ سياسة هذا التحالف باستعداء الدول العربية والخليجية الشقيقة، من تبعة عزل لبنان وتردي علاقاته العربية والخارجية.

اليوم يحاول رئيس «التيار الوطني الحر» تجميع ممارساته السوداوية كلها في تولي السلطة، لتغطية دوره التخريبي في تعطيل تشكيل حكومة المهمة التي انبثقت عن المبادرة الفرنسية، ولتبرير مطالبه التعجيزية بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة وإن لم يذكر هذا الأمر بشكل مباشر، ويسعى من خلال استجماع كل مفردات وصيغ إثارة النعرات الطائفية إلى إلقاء مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة على الرئيس المكلف سعد الحريري وتحميله زوراً تبعة ما ينجم عن تأخير تشكيل الحكومة من تداعيات وانهيارات مالية واقتصادية واجتماعية.

ولكن في المقابل، يتجاهل النائب باسيل عن سابق تصور وتصميم أن إمعانه في التشبث بالمطالب التعجيزية التوزيرية التي تتجاوز المبادرة الفرنسية ومرتكزاتها، ومناداته بعناوين ومفردات مستجدة كشرط لتسهيل تأليفها، إنما تضعه بموضع المسؤول المباشر عن تعطيل تشكيلها برغم كل ما استنطبه من مبررات ممجوجة ولهجات استفزازية ضد خصومه، من هنا وهناك، ولأنه لم يتبع نهج تطبيق مثلها لدى تشكيل حكومة حسان دياب التي كانت توصف بأنها حكومة عون و«حزب الله» عن حق وحقيق، كما دلت مسيرة هذه الحكومة منذ تأليفها وحتى الادعاء على رئيسها بملف انفجار مرفأ بيروت.

فما المبرر لاعتماد معايير مغايرة في مسار تشكيل الحكومة الجديدة؟ لأن المطلوب ببساطة إعاقة مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، باختراع حجج ومبررات مختلفة من هنا وهناك.

فإذا كانت الحكومة المستقيلة بأمها وأبيها متعاونة وحتى مطواعة في أحيان عديدة، بتوجهات وسياسات رئيس الجمهورية وفريقه السياسي وتحديداً رئيس «التيار الوطني الحر»، ولم تحقق أياً من المهام التي رسمتها لنفسها، بل فشلت فشلاً ذريعاً اوصل البلاد إلى ما نحن عليه من انهيار متدحرج، لا أحد يعرف نهاياته والى اين سنصل من خلاله.

من هنا تسقط كل حجج مطالبة الفريق الرئاسي بالثلث المعطل في الحكومة الجديدة، ليس لأنه يتعارض مع بنود ومتطلبات المبادرة الفرنسية فحسب، بل لأنه يعيد التذكير، بالدور التخريبي الذي مارسه باسيل شخصياً من خلال استحصاله على الثلث المعطل في الحكومات السابقة وفي التجارب المشؤومة لشل انعقاد جلسات مجلس الوزراء كما حصل في اعقاب احداث «قبرشمون» المؤسفة وغيرها، ولأنه ايضاً، اذا كانت كل الحكومة السابقة معه ولم يستطع التقليع وادارة السلطة والبلد كما يجب ولم يستطع حل ابسط المشاكل والأزمات، فهذا يعني ان امعانه بالتلطي بمطلب الثلث المعطل، مباشرة او مداورة، ليس بهدف تحقيق الشعارات والعناوين المزيفة، بل لممارسة الاستئثار وتعطيل كل محاولات الإصلاح، والتشبث بالمواقع والوزارات الوازنة بمواردها المالية الضخمة.